رمضان كريم جلالة السلطان

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٤/مايو/٢٠١٨ ٠٢:١٦ ص
رمضان كريم جلالة السلطان

عزيزة راشد

هذا المدى الغارق في الأدعية، حيث تهطل السماء في رمضان بالود والمحبة والسلام على القلوب المتعبة والعقول الشاردة من فرط الزمان الذي يشبه بعضه ولا يكرر أيامه، الأدعية كثيرة والذاكرة ترتل، وحدك أول الدعاء وآخره، نبتهل لله أن نراك مبتسما لأجل قلوبنا تفرح، صامدا من أجلنا ونحن تتقلب علينا الأيام والقلوب، شامخا كالأرض العمانية التي سطرت التاريخ واستوطنت التراب، معك نرفع رؤوسنا بكل الشموخ والكبرياء الذي علمتنا إياه.
أبي السلطان: في بعض غيابك عنا يبحث العطر المجهول عن زهور الربيع، وتعبث الريح في السواقي الخلاء، وتختبئ الأكمة في فجر الولادة، يشتعل الحبر في الأنهار، وتكتمل الصلوات بالتسبيح والدعاء لك، نتوكأ على الليل الحزين، وتتلاشى ضحكات الطفولة في عوسجة الحزن.
النار تأكل خضرة أيامنا بدونك، والأفق يتلبد بالوشاح الأسود، النسور تحوم فوق قصرك لأنها تشبهك في العزة والكبرياء والشموخ، فأنت اسم لا يسقط سهوا في غدفة التاريخ، بك تبدأ معاجم اللغات ومعك تتسمر الحروف، أين ننفق المساء في غياب ابتسامتك، كأن الفرح ريح والقلب حقوله متسعة.
أنت الضوء الذي نتبدد في وهجه، بدونك نتهشم في كسرة الموج، فالأشجار شاهقه التسلق إليك، والليل طويل، والشارع يبتلع المواعيد، أي الدروب توصل إليك؟ كل الخرائط رسمت إحداثياتها نحو القلب موضع حبك، ورقتي يتيمة وقلمي وحيد والأنغام نائمة، وحدك من يعيد للحن صداه، كاذب كل معنى لا يكتبك.
يتمادى الهواء الطليق في قصرك على الفرح، يراك كالأحلام تنساب على جداول القلب المترفة بك والمتخمة بحبك، حين أحن إليك أطرق أبواب الليل، وحده الشوق يتفادى موج النداء، أتأمل صمتك المقدس المفضي إلى حكمه، أنت لا تجنح للسيف ولا تخفت للسلام، تتربعك أنفة المزهو، وهدوء القداسة، نراك نداء العطر، شوقا يتصاعد في أعالي الشغف.
نجمع الشوق إليك باضطراب، ننادي باسمك كهمس في عاصفة فيتلاشى ولا يصلك، أنت اليقظة الدافئة واستدارة الشمس وعطر البنفسج، عيناك نجوم تشاكس غيوم القلب، في رؤيتك يتلاشى السراب أمام وهج ناظريك، تسكننا كأصوات البيوت القديمة وذكرياتها، أنت شرفة فرح على قلب كسير.