عفاف وكفاف بجعلان

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٩/يونيو/٢٠١٨ ٠٢:٢٤ ص
عفاف وكفاف بجعلان

علي بن راشد المطاعني
ali.matani2@gmail.com

تسهيل الزواج على الشباب مسؤولية مجتمعية يجب أن تتضافر الجهود لإيجاد حلول لها بشكل دائم تحد من الممارسات الخاطئة التي باتت تعتري هذا الجانب وتزداد صعوبة عاما بعد الآخر ‏على الشباب من خلال تحميلهم مسؤوليات وأعباء فوق قدراتهم وإمكانياتهم، وتجعلهم يرزحون تحت نير ديون تنغص حياتهم وتلقي بظلالها السالبة على الحياة الزوجية فتجعلها للجحيم أقرب والنتيجة معروفة سلفا وهي الطلاق.

ولعل مبادرة أهالي جعلان بني بوحسن الرامية لإيجاد حلول للمغالاة في المهور والطلبات والهدايا والحفلات التي أمست كالموضة تأتي كل عام بنسق جديد وببدعة مغايرة، الأمر الذي يتطلب إنجاح هذه الجهود وإضافة زخم الجهات الرسمية لها باعتبارها تمس النسيج الاجتماعي وتلقي بظلالها القاتمة على المجتمع بأسره.

إذن فمبادرة سعادة والي جعلان بني بوحسن والقائمين مع مكتب الوالي بالتعاون من الشيوخ والأعيان والأهالي خطوة مهمة في الطريق الصحيح، بل هي رمت بالحجر في المياه الراكدة إزاء معالجة أهم القضايا المجتمعية التي يجب أن تناقش على نطاق واسع باعتبارها معضلة تهم كل المجتمع العُماني.
فهذه المبادرة بتحديد المهور وإلغاء الطلبات الجانبية كالهدايا والحفلات الباذخة وإقامة حفلات زواج جماعية وغيرها خطوة مهمة في وضع حد لسيل الطلبات اللامتناهية في الزواج، وقد تفلح في وضع إطار عام من التوافق الأهلي على خطورة ذلك على الفرد والمجتمع، وتزايد معدلات العنوسة وتأثيراتها الأخلاقية والاجتماعية وكيفية تجنبها بتسهيل الزواج على أبنائنا بعيدا عن الشح والطمع والامتثال فقط لكتاب الله وسنة نبيه.
إن الزواج ليس مٍنة يمتن بها الأب على الغير برفع تكاليف المهور ومتطلبات الزواج بصورة مبالغ فيها لا يستطيع تلبيتها الكثير من الشباب، فلا يعقل أن يطلب الأب مهرا عاليا لابنته وقائمة مطالب لا حصر لها، وعندما يرغب في تزويج ابنه يستهجن المغالاة المفروضة عليه وعلى ابنه، كأن لسان حاله يقول حلال له وحرام عليهم، وهو تناقض غريب ولا يستقيم عقلا بطبيعة الحال.
نأمل أن تُشجع مثل هذه المبادرات الخيرة، وأن نسمح لقوة القانون بالتدخل الإيجابي في هذا الأمر ما بقى البعض يصر على السير في طريق الأشواك هذا، فالمسألة ليست خاصة كما يعتقد البعض، بل هي تتجاوز الخصوصية لتلقي بظلالها القاتمة على المجتمع بأسره ومن ثم على الوطن من أقصاه إلى أدناه.
بالطبع ندرك تكاليف الحياة المتزايدة ونقدرها عاليا كحقيقة مثلى، لكن قوة المجتمعات تكمن عادة في التلاحم والتعاضد والتآزر لإيجاد الحلول لهذه المسألة فلا يمكن الركون لمقولة أن تكاليف الحياة غدت باهظة كمبرر لهذا السلوك.
نأمل أن تكلل مبادرة جعلان بتحديد المهور وتقنين الطلبات بالنجاح في إطار الحد من المغالاة في تكاليف الزواج وما ينتج عنها من تداعيات تصيب الفرد والمجتمع في مقتل وهذا ما لا يمكن السماح به تحت أي شعار كان.