الناس تعبوا من الحرب

الحدث الثلاثاء ١٩/يونيو/٢٠١٨ ٠٣:٣٩ ص
الناس تعبوا من الحرب

كابول - رويترز

وصل مئات شاركوا في مسيرة داعية للسلام إلى العاصمة الأفغانية كابول أمس الاثنين وهم منهكون بعد أن أمضوا شهر رمضان وهم يسيرون في طقس شديد الحرارة عبر البلد الذي مزقته الحرب والذي تسيطر حركة طالبان على معظمه.

وجميع من شاركوا في المسيرة رجال، بينهم معلمون وطلاب وضحايا حرب يستعينون بعكاكيز للسير وأحدهم يجلس على مقعد متحرك. وكانوا يلقون ترحيبا في قرى مروا بها في طريقهم من نساء يحملن القرآن ورجال يغنون ويرقصون أو يقدمون لهم الخبز واللبن وبعضهم لا يتمالك دموعه.

وقال إقبال خيبر (27 عاما) وهو من هلمند ويدرس الطب «رأيت وتعلمت أشياء لم تخطر ببالي من قبل... التقينا أناسا في مناطق تسيطر عليها طالبان وأخرى تسيطر عليها الحكومة والجميع متعب حقا من الحرب».

وانطلقت المسيرة بعد مقتل 14 شخصا على الأقل وإصابة العشرات إثر انفجار سيارة ملغومة في هلمند يوم 23 مارس. ولم تعلن أي جماعة مسؤوليتها عن الانفجار.
وقال خيبر إن المشاركين في المسيرة، الذين كان عددهم يتغير من يوم لآخر، قطعوا طرقا رئيسية وأحيانا انحرفوا ليمروا بقرى وكانوا يختارون مناطق خطرة محاولين مواجهة مخاوف الناس.
وأضاف «رأينا أشخاصا يعانون متاعب جمة بسبب الحرب... بأمانة لم يدعني ضميري أهدأ. كان يؤلمني وتساءلت: لماذا لم نبدأ العمل من أجل السلام من قبل؟».
وقبل رمضان كان المشاركون في المسيرة يقطعون ما بين 30 و35 كيلومترا يوميا، لكن مع بدء صيام رمضان كانوا يقطعون ما بين 20 و25 كيلومترا يوميا.
ومروا بمنطقة في إقليم غزنة قالت لهم حركة طالبان ألا يدخلوها لخطورتها الشديدة.
وقال خيبر «التقينا مقاتلي طالبان وبعد أن عرّفنا أنفسنا قالوا لنا إننا ما كان يجب أن نأتي لأن المنطقة ملغومة وإنهم يخططون لهجوم. بعد مناقشات معهم استمرت دقائق، بدا أنهم متعبون من الوضع برمته ومن الحرب. ووجهونا لنعود إلى منطقة أكثر أمنا».

أقدام متقرحة ودموع

قال مكتب حاكم إقليم غزنة إن حركة طالبان احتجزت ستة جنود كرهائن أمس الأول الأحد. ونفت طالبان ذلك وقالت إن الجنود انشقوا.

وقال محمد ياسين أُمید (24 عاما) وهو معلم من إقليم زابل، إنه انضم للمسيرة بعد مرور 21 يوما على انطلاقها.
وأضاف «كانت المجموعة سارت 15 يوما بالفعل. عندما رأيت أقدامهم الدامية المتقرحة لم أقدر على تمالك دموعي وقررت الانضمام إليهم».
وقال المشاركون في المسيرة إنهم لن يتوقفوا في كابول.
وقال أحدهم ويدعى بادشان خان «وجدنا دعما من الناس في كابول كما توقعنا... سننظم اعتصامات في الخيام ونواصل السير إلى أقاليم أخرى لحشد مزيد من الدعم».

ممنوع التصوير

انزعجت حركة طالبان من تصوير مقاتليها وقال مسؤول كبير في الحركة إن الحركة غاضبة من أعضاء فيها التقطوا صورا ذاتية (سيلفي) مع جنود ومسؤولين حكوميين خلال وقف لإطلاق النار استمر ثلاثة أيام، وذلك بعدما تجول مقاتلو الحركة في أرجاء مدن قبل انتهاء الهدنة.

وأضاف المسؤول في طالبان مشترطا عدم نشر اسمه أن قيادة طالبان وزعيم الحركة هيبة الله أخونزاده رفضا مطالب بإدخال القوات الأمريكية وغيرها من القوات الأجنبية في وقف إطلاق النار.
وقال لرويترز « تمت الدعوة لاجتماع عاجل وإبلاغ القادة وتوجيههم باتخاذ إجراءات تأديبية صارمة بحق جميع أعضاء طالبان الذين زاروا مواطنين والتقطوا صورا مع مسؤولين أفغان».
وأضاف أن تحذيرا صدر لبعض أعضاء الحركة شوهدوا وهو يلتقطون صورا ذاتية (سيلفي) مع قوات ومسؤولين حكوميين.
وكانت الحكومة الأفغانية وحركة طالبان أعلنتا وقفا مؤقتا لإطلاق النار في إجازة عيد الفطر مما قاد إلى مظاهر مودة بين الجانبين بعد خروج المسلحين من مخابئهم ودخول بلدات ومدن.
ولم يشمل وقف إطلاق النار الذي أعلنته الحكومة تنظيم داعش بينما لم يشمل وقف إطلاق النار الذي أعلنته طالبان القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة.
وانتهى وقف إطلاق النار الذي أعلنته طالبان أمس الأول الأحد. ومددت الحكومة الوقف الذي أعلنته لمدة عشرة أيام بعد أن كان من المفترض أن ينتهي غدا الأربعاء.
وقال قيادي آخر في طالبان مشترطا أيضا عدم نشر اسمه إن هناك تخطيطا لشن بعض الهجمات في إقليم هلمند بجنوب أفغانستان، حيث تردد أن اشتباكات وقعت واستمرت لوقت قصير حسبما أفاد المتحدث باسم حاكم الإقليم.
وقال عبدالرحمن منكال المتحدث باسم الحكومة الإقليمية في ميدان وردك المجاور لكابول إن طالبان هاجمت نقطتي تفتيش أمنيتين في سيد اباد في الصباح الباكر أمس الاثنين مما أدى لسقوط ضحايا.
وأفادت تقارير بوقوع اشتباكات في فارياب بشمال غرب أفغانستان وفي لغمان شرقي كابول وأيضا في ننكرهار على الحدود مع باكستان والذي شهد تفجير عبوتين ناسفتين في مطلع الأسبوع أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن أحدهما.

دخول للبلدات والمدن

ودخل مقاتلون من حركة طالبان مدنا في أنحاء أفغانستان ومدد الرئيس أشرف غني يوم السبت وقف إطلاق النار من جانب الحكومة وحث طالبان على اتخاذ خطوة مماثلة مما لاقى إشادة داخلية ودعما دوليا لكن منتقدين قالوا إن مثل تلك المبادرات سمحت لطالبان بدخول مدن دون رقابة وبأن تكون لها اليد العليا.

لكن طالبان قالت إنها لن تمدد وقف إطلاق النار.
وقال أمرالله صالح وهو سياسي وقائد سابق لجهاز الأمن القومي إن غني ارتكب «خطأ فادحا» بالسماح لمقاتلي طالبان بدخول مناطق تسيطر عليها الحكومة.
وأضاف لرويترز «ليست لدينا آليات للتخفيف من وطأة انتهاك طالبان لوقف إطلاق النار».
وقال نواب في البرلمان معارضون لخطوة غني إنه لم يستشر سياسيين في الأمر ولن تكون أمامه فرصة للتراجع إذا رفضت طالبان طلبه المرتجل بمد وقف إطلاق النار.
وقال دبلوماسي غربي في كابول إن قرار غني «خطوة جريئة» لكنه تساءل عما قد يحدث إذا رفضت طالبان طلب وقف إطلاق النار الجديد. وقال «العواقب قد تكون كارثية».
واحتشد رجال وأطفال متحمسون في مطلع الأسبوع حول الجنود ومقاتلي طالبان، الذين ترك بعضهم سلاحهم على مداخل المدن وحثوهم على توسيع نطاق وقف إطلاق النار ليتحول إلى سلام دائم.
واستضاف محافظون ومسؤولون حكوميون احتفالات صغيرة عزفت فيها موسيقى ترحيبا بطالبان بعد أن أعلنت الحركة وقفا لإطلاق النار لمدة ثلاثة أيام في العيد.
وقال دبلوماسي غربي «طالبان يمكنها دائما استغلال وقف إطلاق النار كفرصة لشن هجمات على أجانب». وأضاف «لا أحد لديه فكرة عن عدد مقاتلي طالبان المختبئين الآن في المناطق المدنية».