أبناء فقراء.. أب مليونير!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٩/يونيو/٢٠١٨ ٠٣:٢٣ ص
أبناء فقراء.. أب مليونير!

د. لميس ضيف

رغم ثرائه الفاحش، واسمه الذي يذيل أهم الوكالات العالمية المختصة بالأغذية، إلا أن أبناءه يعيشون حياة أقل ما تُوصف به بأنها عادية. يقترضون من البنوك ويكافحون للبحث عن مصادر دخل إضافية. ولن تجد في مركباتهم أو أسلوب حياتهم ما يوحي بالثراء الذي هم حقا عليه.

فضلا عن كل ذلك، يعمل عدد من أبنائه لديه بذات المهمات التي يعمل بها سائر الموظفين. ولا يتولون إلا المناصب التي يستحقونها. ويسري عليهم ما يسري على غيرهم في ما يتعلق بالإجازات والحوافز والجزاءات.
كثيرون ممن حوله لاموا «البخل» ولم يجد سواه تفسيرا. فالناس تستسهل تجريح بعضها وتعتصم بالتبريرات السيئة مستبعدةً الحسنة تلقائيا. رغم أنهم لو فكروا قليلا، لعرفوا أن سيرة الرجل وأعماله الخيّرة، تنقض تخميناتهم وظنونهم المريضة.
في أحد أحاديثه، وفي ساعة صفا، أفضى بالسر
«خفت على أبنائي من فتنة المال -قال لرهطه- لا يهم مقدار ما تورثه لأبنائك من مال. فإن كانوا يفتقدون مهارات الحفاظ عليه وتنميته فسينتهي ولو كان مال قارون».
يوافق ما قاله شئيا قرأته ذات مرة للكاتب إيان كريب فأكثر ما يدمّر الشخصية هي أن تكون الحياة بلا تحديات وأن ينمّي المرء نزعة الاعتماد على الآخرين في معاشه واحتياجاته فتتراجع إمكانياته وتذوب مواهبة ويتحوّل لعالة على نفسه وعلى مَن حوله.
من حق الأبناء أن يتنعموا بما حققه والداهم. ولكن أهم تركة يورثها الوالدان لأبنائهم -ليست العقارات والرصيد البنكي كما يظن الكثيرون- بل مهارات البقاء في الحياة تحت أي ظرف وكل ظرف.
فليس لنا أن نركن لشيء. فكم من مليونير تحوّل «لمديونير» في طرف عين. وكم من أثرياء رمت بهم الحروب وأمواج الصراعات على شط دول تحولوا فيها للاجئين ومعوزين. فالحقيقة الثابتة في هذه الحياة هي أنها -الحياة- متغيّرة.
وخير لك أن تعلّم أبناءك الصيد على أن تعطيهم أطنانا من السمك. لذا فهذا الأب، الناجح في تجارته وفي حياته الأسرية على ما يبدو، اتّخذ قرارا بتربية أنبائه ليعرفوا قيمة العمل وقيمة المال وقيمة الكفاح.
وهي أرصدة تفوق غيرها قيمة.. وديمومية أيضا.
lameesdhaif@gmail.com