حافة النصر مع كوريا الشمالية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٠/يونيو/٢٠١٨ ٠٣:٤٣ ص
حافة النصر مع كوريا الشمالية

يونغ يونغ كوان

هل اتخذ حاكم كوريا الشمالية، كيم جونج أون، قراراً استراتيجياً بالتخلي عن برنامجه النووي، أم أنه شارك في جولة أخرى من الدبلوماسية المزيفة، متظاهراً أنه سيقوم بنزع السلاح النووي مقابل منافع مادية لبلده الفقير؟

ربما هذا هو السؤال الذي كان يجب طرحه في الفترة التي سبقت القمة بين كيم والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سنغافورة في وحتى ذلك الحين، لن يعرف أحد الإجابة، ولا حتى كيم نفسه.

يعتقد المتفائلون أن نية كيم المعلنة بنزع السلاح النووي تعد صادقة إلى حد ما. وهم يؤكدون على حقيقة أن اقتصاد كوريا الشمالية قد تغير جذرياً منذ أن حل كيم محل والده كيم جونج إيل، في العام 2011. يعد اقتصاد كوريا الشمالية الآن أكثر انفتاحاً، مع تمثيل التجارة الخارجية لما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة لعملية تسويق تدريجية بدأت في منتصف التسعينيات. ولكن مع هذا الانفتاح يأتي الضعف، وهو ما يفسر جهود كيم الدبلوماسية النشطة لمنع الاضطراب الاقتصادي الخطير من نظام العقوبات الدولي الحالي.
وعلى عكس والده، كان كيم البالغ من العمر 34 عاماً نشطاً في متابعة النمو الاقتصادي المؤيد للسوق، وكان يسعى إلى محاكاة دنغ شياو بينغ، مهندس الإصلاحات الصينية في أواخر السبعينيات. وقد تشير إقالة كيم الأخيرة لثلاثة مسؤولين عسكريين كبار في الحرس القديم إلى استعداده لتقديم بعض التنازلات الهامة لإعداد بيئة دبلوماسية مواتية للتركيز على التنمية الاقتصادية. ويبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كان ترامب الآن جاهزاً لاحتضان كوريا الشمالية كما فعل الرئيس ريتشارد نيكسون مع الصين في عهد دينغ.
لكن المتشائمين يحذرون من الاعتقاد بأن كيم جاد بشأن نزع السلاح النووي. لا يوجد حتى الآن دليل على أن كيم مختلف عن والده (وجده كيم إيل سونج) فيما يتعلق بالالتزام بالاتفاقيات الدولية. كما يشككون في أن كوريا الشمالية ستتعاون بشكل كامل في ثلاث قضايا رئيسية.
بداية، على الرغم من إعلان كيم بنزع السلاح، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان يوافق على «التفكيك الكامل والموثوق والنهائي» (CVID) لبرنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. ويبقى التزامه طموحا ويفتقر إلى المادة أو المحتوى التشغيلي. ثانيا، نظراً إلى سجل كوريا الشمالية السيئ، يعتقد المتشائمون أنه من غير المحتمل أن يسمح كيم بإجراء عمليات تفتيش نووية تدخلية، وهو عنصر حاسم في التفكيك الكامل والموثوق والنهائي. وأخيرا، لم توضح كوريا الشمالية حتى الآن شروط نزع السلاح النووي. وسيكون موقفها الرسمي السابق - سحب القوات الأمريكية من كوريا الجنوبية ووضع حد للتحالف الثنائي – غير مجدي.
قد تكون هناك طريقة لتحقيق نزع السلاح النووي ترضي المتفائلين والمتشائمين. لكن العثور عليها يتطلب الرجوع خطوة إلى الوراء والنظر في السبب الرئيسي للفشل الدبلوماسي في العقود الثلاثة الفائتة: المستوى المرتفع لعدم الثقة المتبادلة، الذي جعل بلدًا صغيرًا وضعيفًا مثل كوريا الشمالية، المحاط بالقوى الكبرى، مذعورا بشأن أمنه الخاص. من أجل معالجة هذه المشكلة من جذورها، كان على الولايات المتحدة أن تتخذ نهجًا سياسيًا، بدلاً من التركيز مرارًا وتكرارًا على إبرام صفقة عسكرية أمنية محددة بدقة.
على سبيل المثال، فقد رفضت إدارة الرئيس جورج بوش عرض كوريا الشمالية بإقامة علاقات دبلوماسية في عامي 1991 و 1992، عندما زاد سقوط الاتحاد السوفييتي من شعور كيم إيل سونغ بعدم الأمان. وبالمثل، كانت الشكوى الرئيسية لكوريا الشمالية فيما يتعلق بإطار عمل جنيف المتفق عليه في أكتوبر العام 1994 تكمن في عدم وفاء الولايات المتحدة بوعدها بتحسين العلاقات السياسية مع كوريا الشمالية. لقد حاولت إدارة كلينتون إتباع نهج سياسي في العام 2000، لكن بعد فوات الأوان.
لم تكن قمة ترامب كيم لحل جميع القضايا الرئيسية الثلاث التي تفصل الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. لكن هذا لا يعني أن القمة فاشلة. للمرة الأولى، تعالج الولايات المتحدة السبب الأساسي لمشكلة كوريا الشمالية، بدلاً من التركيز على أعراضها. ولهذا يعد قرار ترامب بمقابلة كيم وجها لوجه قرارا هادفا ومثمرا، خاصة إذا تمكن من تعزيز ثقة كيم بأنه ونظامه سيكونان آمنين بدون أسلحة نووية، وأن المجتمع الدولي سيساعده في التركيز على النمو الاقتصادي.
ومع ذلك، سيجبر ترامب على ترك تفاصيل عملية نزع السلاح النووي في أيدي الدبلوماسيين الذين لديهم خبرة كبيرة في التعامل مع كوريا الشمالية. وفي هذه الأثناء، سيحتاج إلى إعادة بناء تحالف دولي للحفاظ على عقوبات اقتصادية فعالة، وهي أقوى وسيلة لإقناع كيم بقبول التفكيك الكامل. وبذلك، سيكون التعاون الوثيق مع الصين ضروريًا. علاوة على ذلك، يجب على الولايات المتحدة مكافأة كوريا الشمالية إذا قامت بتنازلات مهمة - على سبيل المثال، السماح بإجراء عمليات تفتيش تدخلية لبرنامجها النووي بأكمله من قبل مفتشين دوليين - حتى قبل إكمال التفكيك الكامل.
ليس من المؤكد أنها ستنجح في تحقيق ذلك. لكن من الواضح أن نزع السلاح النووي الناجح لكوريا الشمالية سيتطلب مجموعة من القرارات السياسية الجريئة - على سبيل المثال، إنهاء الحرب الكورية بشكل رسمي، وفتح مكاتب اتصال، وتخفيف بعض العقوبات الاقتصادية - والحصافة الواقعية.

وزير الشؤون الخارجية الأسبق لجمهورية كوريا، وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة سيول الوطنية.