كوستيس يوناني يمنح لوحات عالمية طابعاً عُمانياً

مزاج الأحد ٢٤/يونيو/٢٠١٨ ٠٥:٢٤ ص
كوستيس

يوناني يمنح لوحات عالمية طابعاً عُمانياً

مسقط - خالد عرابي

هو فنان عالمي الطراز، يوناني الجنسية عُماني الهوى، متفرّد في لوحاته وألوانه، مبدع في لمساته الفنية، فريد في النمط الذي اختاره مؤخرا لذاته، وبعد زيارة بالصدفة إلى السلطنة تغيّر مجرى حياته الفنية والعملية إذ وجد نفسه منساقا إلى تكريس نفسه وحياته -على حد وصفه- إلى نمط فني يعتمد على المزج ما بين الحياة والثقافة والناس والأماكن العُمانية مع أخرى عالمية فأعطت لوحات عالمية بديعة ورائعة.. إنه الفنان اليوناني كوستيس جريفاكيس الذي حاورته «الشبيبة» في مقابلة خاصة، فماذا قال فيها؟

في البداية عرّف عن نفسه فقال: أنا مواطن يوناني، أعمل في بلادي كمعلّم للفنون بدوام كامل، وقد كانت فكرة الرسم بالنسبة لي تعني أنني أرسم لأتذكر نفسي، وأتذكر أيضا أن هذه الموهبة وهذا العشق للرسم بدأ معي منذ أن كنت في الرابعة من عمري، ونَمت الموهبة وتطوّرت مع مرور الزمن، وقد صقلتها بأن درست الفنون واستخدمت أنواعا من التقنيات والمواد المختلفة. وأنا الآن أميل إلى التركيز على الفن التصويري ومزج الأعمال الفنية الشهيرة مع شخصيات عصرية أو مع أماكن وشعوب مختلفة منها مع الشعب العُماني. ولا أعرف كيف أتت هذه الفكرة لي، ولكن أرى أن إلهامها الوحيد وطريقة الجمع بين اثنين مختلفين جاءت من حب كبير للفن وعُمان. أنا دائما استخدم للقيام بهذا الفن التصويري خلط الناس من وجوه عالمية مختلفة مثلا مع إعطائها طابعا عُمانيا مثل الملابس وكذلك مع الروائع الكلاسيكية والأماكن المختلفة، وقد رسمت أعظم الأماكن العُمانية بدءا من جامع السلطان قابوس الأكبر، أو مطرح، أو وادي شاب، أو حتى الملابس التقليدية العُمانية الرائعة.

ولماذا اخترت عُمان دونا عن بلدان أخرى كثيرة سافرت إليها ليكون معها هذا المزج العالمي للوحاتك؟

كانت أول زيارة لي إلى سلطنة عُمان في يوليو 2017، وقد كان اختياري لها لقضاء إجازتي السنوية وقد جاءت فقط من قبيل أنني أردت أن استكشف بلدا لم أكن أعرف عنه الكثير قبل ذلك، وكنت أرغب في التعرّف على بلد وأماكن مختلفة بحيث يكون غريبا حقا بالنسبة لي وأن تكون هناك فرصة لرؤية شيء مختلف فعليا وألا يكون متشابها مع كثير غيره، وبالفعل حينما جئت إلى عُمان وكأنني وجدت ضالتي المنشودة أو الشيء الذي أبحث عنه من حيث التفرّد والخصوصية وعدم التشابه مع الآخرين، وكان كما يُقال -حب من النظرة الأولى- فقد أحببت هذا البلد صدقا ومدّدت إجازتي القصيرة في حينها ومكثت في مسقط في يوليو الفائت لمدة 11 يوما بدلا من أسبوع فقط، ثم وجدتني بعدها بفترة قصيرة لم تصل إلى الشهر أفكّر وبقوة للعودة إليها مرة ثانية، وفعلا عدت إليها مرة ثانية لأقضي بها مدة أكثر حيث قضيت بها 15 يوما في أغسطس الفائت. وأثناء وجودي بها وبعد أن عدت وجدتني مندفعا لا إراديا إلى هذا النوع من المزج الفني بين ثقافة وفكر وتنوّع من السلطنة مع آخر عالمي كنمط جديد ومختلف ومتفرّد، ومنذ ذاك الحين وقد كرّست فني إلى المكان الذي ألهمني أكثر من ذلك وهو سلطنة عُمان وشعبها الكريم والهادئ والفريد من نوعه.

وماذا فعلت بعد أن عدت إلى بلادك من زيارة لعُمان؟

عندما عدت إلى اليونان، كان الطريق الوحيد هو ما يجب فعله بالقدر الكبير من الإلهام. أولاً، قمت بتقطيع بعض القطع الخشبية ثم قمت برسمها وزخرفتها بزخارف مستوحاة من طراز الكمة «kumma» الرائعة، ثم صنعت بعض الفوانيس الطينية، ورسمت لها أيضا زخارف لتبدو مثل ألوان الكمة الحقيقية. ثم جاءت الأرقام الخشبية مع العُمانيين، وقطعت قطعا صغيرة من الخشب ورسمتها بوجوه الرجال والنساء العُمانيين، وكانت الخطوة التالية هي جعل بعض الشخصيات العُمانية الحديثة ليست فقط الشخصيات الواقعية، لذا ابتكرت بعضا منها لتبدو أكثر حداثة مثل ألعاب LEGO. كما استخدمت بعض قطع الأخشاب الصغيرة لتطفو في الماء لأصنع منها ما يشبه سوق السمك الصغير في مطرح.
وأشار كوستيس إلى أنه يسعى دائما إلى استخدام المواد المُعاد تدويرها فقط لأنه يعتقد حقا أننا يمكن أن نجعل منها قيمة وأن تعطي دائما فرصة ثانية للناس حتى وإن كانت أشياءً بسيطة والبعض ينظر إليها على أنها قمامة أو مهملات إلا أننا يمكن أن نجعل منها كنزا، ولذلك استخدمت كل ما يمكن أن يعتبره البعض مهملات من قطع أخشاب أو زجاجات فارغة مثل زجاجات الشامبو والمياه واللفائف وغيرها وحوّلتها إلى رسومات وأشكال فنية وحتى شخصيات.

وماذا تفعل الآن في بلادك؟

أنا أولا وقبل كل شيء فنان أي أقوم برسم وتصوير ما تقع عليه عيناي وما يتكوّن في مخيلتي من أشكال، ولكن أيضا هناك العديد من المدارس والأشخاص الذين يهتمون بالفن والفنون في بلدي، ومنهم من هم مهتمون بتعليم أبنائهم الفنون ولذا فبجانب ما أقوم برسمه من لوحات أقوم بعمل وإقامة بعض ورش العمل الفنية لفئات مختلفة حسب الطلب؛ وذلك لتعليم الناس الرسم والفنون وجعلهم يحبونه لاسيما للأطفال وللكبار أيضا، وأسعى لأعلّمهم كل ما أعرفه عن الفن. وهي تشمل الرسم والمنحوتات والحرف اليدوية، وطلاء مع الأكريليك أو رسوم الزيت أو الأقلام الملوّنة والفحم والكولاج. وهناك دورات خاصة أو أكثر تخصصا حول كيفية تحويل ما يعتقده الآخرون بالحبوب إلى قطعة فنية.

ما هي خططك المستقبلية في مشروع الدمج بين ما هو عُماني وعالمي؟

في شهر يوليو سأعود إلى عُمان، وستكون هذه هي المرة الخامسة للزيارة في 8 أشهر فقط. وهذا نادر الحدوث معي أو لم يحدث مع مكان آخر من قبل، وأرى أنه لا يوجد أحد يفعل ذلك ما لم يكن يشعر وكأنه ذاهب إلى منزله الحقيقي. وبالفعل في كل مرة آتي إلى هنا أشعر كأنني في بيتي وفي بلدي. ولذا فأنا الآن ليس لديّ المزيد من الخطط لهذا المشروع ولا أراه كمشروع، بل هو نمط اخترته للرسم وذلك حبا في السلطنة وشعبها الكريم، وأتمنى أن يأتي يوم من الأيام قريبا أكون قادرا على العيش والعمل والقيام بالأعمال الفنية في سلطنة عُمان. فبعد هذه الرحلات وهذه التجربة لا أستطيع رؤية نفسي أفعل شيئا آخر أو في مكان آخر. فقط الفن وفقط في عُمان.