التفاعل مع الشباب للتعامل مع سرعة التغير المناخي

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٦/أغسطس/٢٠٢١ ٠٨:٥٢ ص
التفاعل مع الشباب للتعامل مع سرعة التغير المناخي

بقلم: محمد العارضي

تحتفل الأمم المتحدة في 12 أغسطس بيوم الشباب الدولي الثاني والعشرين تحت شعار « تحويل النُظم الغذائية - الابتكارات الشبابية لصحة الإنسان والكوكب». وتهدف هذه المناسبة للتركيز على القضايا التي تؤثر على الشباب حول العالم ودعوة القادة للتفاعل مع الشباب في تطوير حلول قابلة للتطبيق.

ووفقاً للأمم المتحدة، سيرتفع عدد سكان العالم بمقدار بليوني نسمة خلال الأعوام الثلاثين المقبلة، مما سيؤدي إلى زيادة حادة في الطلب على الغذاء. في حين يشكل تغير المناخ خطراً كبيراً، حيث سيؤثر ارتفاع درجات الحرارة سلباً على نمو واستدامة المصادر الغذائية النباتية والحيوانية.

ويشمل الهدف الثاني من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، التي وضعتها الأمم المتحدة في العام 2015، القضاء على الجوع في العالم بحلول عام 2030. وبعد مرور ست سنوات، نشهد ارتفاع درجات الحرارة بشكل يعرّض الزراعة للخطر، وفي ذات الوقت، فنحن ما زلنا نعمل على مكافحة العواقب الوخيمة لجائحة كوفيد-19 التي تسببت بزيادة معدلات الفقر عالمياً.

ويجب على الدول العربية البدء بالتخطيط لتلك التحولات وتوجيه مواردها نحو اكتشاف حلول عملية تحقق نتائج إيجابية وتحمي مستقبلنا.

لقد تقدمت منطقتنا بشكل كبير منذ أن كانت تعتمد بشكل كلي تقريباً على النفط. ووفقاً لتقرير نشره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العام الماضي 2020، بالتعاون مع المركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، فقد ضاعفت الدول العربية قدراتها على إنتاج الطاقة المتجددة في غضون عامين فقط. لكن لا تزال الدول العربية تحتاج إلى تنفيذ الكثير من المبادرات لتحقيق التأثير المطلوب.

كما يشير التقرير إلى امتلاك جميع الدول العربية لمنشآت طاقة متجددة حالياً، بعدما كانت أربع منها فقط تملك منشآت مماثلة عام 2008. وتتمتع عدة مناطق في الشرق الأوسط بأفضلية في قطاع الطاقة الشمسية بسبب التوفر الأعلى من المعدل العالمي لأشعة الشمس مقارنة بمناطق أخرى حول العالم.

وبينما تعد تلك المؤشرات واعدة، خصوصاً في مجال الزراعة والأمن الغذائي، يجب ألا ننسى النقص الحاد للمياه في الشرق الأوسط بالمقارنة مع باقي مناطق العالم، وأن خمسة بالمئة فقط من أراضي المنطقة صالحة للزراعة.

ويمثل ذلك دون شك عقبة يصعب التغلب عليها، لكننا نعيش في الفترة الأفضل للاستفادة من أثمن ما نملكه: العقول الشابة اللامعة التي تحمل مفاتيح ازدهار مستقبلنا.

لقد كان إشراك الشباب ركيزة أساسية للتنمية السريعة في الدول العربية. وقد أولت قياداتنا الرشيدة اهتماماً خاصاً بتمكين الشباب من خلال التعليم والتوظيف وفرص ريادة الأعمال، ووفرت لهم البيئة المناسبة التي تدعم نموهم وتمكّنهم من المساهمة الناجحة في تحقيق الأهداف الوطنية.

لا شك بأن العالم العربي يزخر اليوم بالمواهب المتنوعة والمتعلمة والتي تتمتع بقدرات عالية، وعلينا أن نتخذ خطوات سريعة لإشراك تلك المواهب والعقول في إنشاء منظومات غذائية مستدامة لتخدم سكان المنطقة خلال الأعوام المقبلة.

لقد أسهمت البرامج الوطنية في تحفيز عملية التقدم في عدة بلدان عربية، بما في ذلك سلطنة عُمان والإمارات والسعودية. وتشكل هذه البرامج معايير مفيدة للأهداف المستقبلية، لكن من الأفضل التعامل مع التحديات من خلال التعاون بين الدول.

وتتميز مؤسسات القطاعين الحكومي والخاص التي تعمل في مجالات مثل الطاقة المتجددة والزراعة والرعاية الصحية والبحث والتطوير، بدور هام وحيوي في هذا الإطار.

وعقب الآثار السلبية التي خلّفتها جائحة كوفيد-19، أصبح الشباب اليوم أكثر وعياً بأهمية التضامن والصحة والاستعداد للتغييرات، وخلق بدائل مستدامة لسلاسل التوريد الحالية.

إن الأمر منوط الآن بأهم اللاعبين في المنطقة لكي يتعاونوا مع الشباب ويشكلوا شراكات إقليمية فعّالة تمهد الطريق نحو مستقبل أكثر أماناً.

وأود أن أؤكد مرة أخرى على أهمية تمكين الشباب، فمن الواضح بأن الجيل العربي الشاب يتمتع بثقافة ووعي كبيرين حول القضايا العالمية. وعندما تزودهم الشركات الكبيرة بالدعم المناسب، فإنهم قادرون على تسخير الفرص ونقاط القوة الحالية للاضطلاع بحلول مبتكرة لمجتمع وكوكب أكثر صحة.

ما زال الطريق أمامنا طويلاً، ولا يمكننا أن نتجاهل الانتكاسات الأخيرة التي واجهتها الاقتصادات والمجتمعات في المنطقة العربية. لكننا نجحنا في التغلب على العقبات في الماضي، ولطالما كانت شعوبنا أهم نقاط قوتنا بفضل روحها وعزيمتها الصلبة.

يشكل يوم الشباب الدولي مناسبة مثالية للاحتفاء بهذا الجيل الذي سيصنع مستقبل المنطقة. لذا يجب أن ندعم الشباب ونمكّنهم لضمان مساهمتهم في نجاح دولنا وعموم المنطقة والعالم.