مشروع قوة الحزام الصدئ

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٨/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
مشروع قوة الحزام الصدئ

جيم أونيل
أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب منذ أيام قليلة على حسابه على موقع تويتر -موقع التواصل الاجتماعي المفضل عنده- أنه ليس في حاجة للحصول على إذن من الصين للتواصل مع تايوان لأن الصين لم تطلب إذنا لخفض قيمة عملتها وفي تلك اللحظة تلاشى أي أمل بأن يفيد التغيير الجذري الذي لجأ إليه ترامب الاقتصاد الأمريكي.

اعتقد أن الاقتصاديات المتقدمة تحتاج إلى صدمة لتهرب من الوعكة التي أصابتها بعد العام 2008 واعتمادها المفرط على سياسة نقدية سهلة ومع الوضع في الاعتبار نزعة ترامب في تغيير الأشياء جذرياً، بدا وكأنه مرشح جيد لهذه المهمة. لكن، إذا ما كان الاضطراب الذي سببه ترامب سيساعد بالفعل الولايات المتحدة، فإنه سيحتاج إلى التركيز على الأساسيات الاقتصادية عوضاً عن المعتقدات الشعبوية البسيطة والتي غالباً ما تكون زائفة. وبالحكم من خلال اتهاماته للصين، يبدو أن ترامب ببساطة يثير القلاقل ويستنهض أنصاره -ولا يتقدم بأية أجندة بنَّاءه. وبعد كل هذا، فإن أي مراقب منطقي للصين بما في ذلك مستشارو ترامب الشخصيون الذين عملت معهم في الماضي يعرف أن الصين لم تخفض قيمة عملتها منذ فترة.
نعم، فقد انخفض الرنمينبي الصيني مؤخراً أمام الدولار، لكن ليس بمقدار الين الياباني واليورو والجنية الإسترليني، وقادت الثقة النسبية في الاقتصاد الأمريكي حالات الانخفاض هذه. وعلى أية حال، فإن الصينيين لديهم سياسة سعر صرف موزونة تجارياً، وليست سياسة مبنية على الحفاظ على الرنمينبي عند مستوى مستهدف بعض الشيء بالنسبة للدولار.
وبدلاً من اتهام الصين بتقويض تنافسية الشركات الأمريكية، يجب أن يركز ترامب على استراتيجية حقيقية مؤيدة للنمو. ويمكن لمثل هذه الاستراتيجية أن تتبع نموذج «القوة الاقتصادية للمناطق الشمالية» البريطاني الذي ساعدت في وضعه عندما كنت عضواً في الحكومة ويركز هذا النموذج على تنشيط اقتصاديات كانت تقع فيما مضى في قلب التصنيع البريطاني. ولندن هي المدينة الوحيدة في المملكة المتحدة التي تحتل مكاناً بين أول 50 مدينة على مستوى العالم. وهذه شيء مهم في عالم تعد المدن فيه مسؤولة عن أكثر من 60 في المئة من النمو الاقتصادي وزيادة الثروة ومكاسب مستويات المعيشة للعشرين عاماً الفائتة. وبصورة فردية، فإن المدن الأصغر كثيراً الكائنة في شمال إنجلترا لا يمكنها منافسة ذلك. لكن، ومن خلال ربط المدن الكبرى معا بما في ذلك مانشستر وشيفلد وليدز وليفربول، فإن الشمال يمكن أن يصبح متحداً بصورة أكبر حيث يمثل سبعة ملايين شخص اقتصاداً إقليمياً واحداً، ولحسن الحظ، وعلى الرغم من وجود بعض الشكوك، فإن حكومة المملكة المتحدة أعلنت عن جهود لبدء بعض روابط النقل الضرورية بهدف تقصير زمن الرحلة بالقطار من ليدز إلى مانشستر إلى 30 دقيقة. لكن تظل عناصر أخرى لخطة القوة الشمالية تحمل الأهمية نفسها، وخاصة انتقال عملية صنع القرارات المهمة وبعض سلطات الإنفاق والعائدات لمستوى المدينة في مقابل انتخاب رؤساء بلدية (الشيء الذي يمكن للملكة المتحدة أن تتعلمه من الولايات المتحدة). وبعد هذا كله، فإن إنجلترا على الأرجح هي الاقتصاد الأكثر مركزية من الناحية السياسية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي حقيقة يحتمل أن تضيف إلى الاختلالات الإقليمية العميقة بها.
والحقيقة هي أنه مع وجود سلطة صنع قرار أكبر ووجود المزيد من الروابط والمهارات، فإن المدن الكائنة في شمال إنجلترا قد تصبح ديناميكية بشكل أكبر بكثير وتضع حداً لعقود من الانحدار الاقتصادي النسبي.

الرئيس السابق لإدارة الأصول في جولدمان ساكس ووزير الخزانة البريطاني السابق