وزير الاقتصاد أمام «الشورى»: المؤشرات تؤكد على الانخفاض الكبير في أعداد الباحثين عن عمل

بلادنا الاثنين ٣١/يناير/٢٠٢٢ ١٥:٥٣ م
وزير الاقتصاد أمام «الشورى»: المؤشرات تؤكد على الانخفاض الكبير في أعداد الباحثين عن عمل

مسقط - الشبيبة

       ناقـــش مجلس الشورى اليوم الاثنين معالي الدكتــورة رحمة بنت إبراهيم المحروقية وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ، ومعالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد حول طلب المناقشة بشأن المخرجات الأكاديمية التي لم يتم استيعابها في سوق العمل وقد تركزت المناقشات على ثلاثة محاور رئيسة وهي: واقع المخرجات وسوق العمل، وتقييم السياسات والاستراتيجيات والبرامج التي تعمل عليها الحكومة لمعالجة الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل بالإضافة إلى محور آخر بشأن المواءمة بين المخرجات وسوق العمل.

      وتأتي جلسة المناقشة وفقاً لما نصت عليه المادة (68) من قانون مجلس عمان الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (7/ 2021) ، والتي حددت إجراءات طلب المناقشة " بأنه يجوز بناءً على طلب كتابي موقع من خمسة أعضاء على الأقل، وبعد موافقة مجلس الشورى بأغلبية الأعضاء الحاضرين، طرح أحد الموضوعات العامة التي تدخل فـي اختصاص المجلس للمناقشة وتبادل الرأي فـيه مع وزراء الخدمات، وعلى رئيس مجلس الشورى إبلاغ مجلس الوزراء بطلب المناقشة؛ لدعوة الوزير لحضور جلسة المناقشة التي يتم تحديدها بالاتفاق بين المجلسين. للمجلس أن يصدر فـي شأن الموضوع المطروح للمناقشة ما يراه مناسبا من توصيات أو رغبات.

      جاء ذلك خلال جلسة المجلس الاعتيادية السادسة لدور الانعقاد السنوي الثالث (2021-2022م) من الفترة التاسعة للمجلس (2019-2023م)، برئاسة سعادة خالد بن هلال المعولي رئيس المجلس وبحضور أصحاب السعادة أعضاء المجلس وسعادة الشيخ أحمد بن محمد الندابي أمين عام المجلس.

مناقشات ومحاور طلب مناقشة

بعدها، بدأ أعضاء المجلس بطرح الأسئلة والاستفسارات على كل من معالي الدكتورة وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ومعالي وزير الاقتصاد ؛ وذلك في إطار مناقشة موضوع المخرجات الأكاديمية التي لم يتم استيعابها في سوق العمل ، حيث أشارت الجلسة بأن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قامت بدراسات مسح الخريجين منذ 2015 ولغاية 2019 بواقع دراسة كل سنتين واخرها سنة 2019، وقد أخذت الكثير من الجهد والوقت والمال، وخرجت بالكثير من النتائج والتوصيات المهمة لمتخذي القرار فيما يخص التوافق بين متطلبات وظائف سوق العمل وخريجي التعليم العالي، فما مدى تطبيق التوصيات وحل المشكلات في العلاقة بين مخرجات التعليم العالي ومتطلبات سوق العمل.

كما أنه خلال دراسة مسح الخريجين 2019 تبين انخفاض الرافضين للعروض الوظيفية الى (6.9%) مقارنة بمسح 2015 (16.6%) و (10.6%) في مسح 2017؛ نظراً لقلة الوظائف وانخفاض نسبة التوظيف، وكان السبب الأول لرفض العروض الوظيفية عدم توفر وظائف تتوافق مع تخصصات الخريجين، ما هي السياسات المفترض تطبيقها لمواجهة مثل هذا التحدي وما مجالات التنسيق بين الوزارتين في هذا الشأن.

وأكد أعضاء المجلس خلال الجلسة بأن أن الدافع الأساسي للباحث عن عمل عند التوظيف هو الأجر (الراتب)، اذ لوحظ في الواقع ومن خلال دراسة مسح الخريجين 2019 إلى تدني الأجور للخريجين العاملين بالقطاع الخاص عموما، بحيث أشارت النتائج أن (53%) من الخريجين العاملين بالقطاع الخاص يتقاضون رواتب شهرية (600 ر.ع أو أقل) مقارنة ب (16.1%) من الخريجين العاملين بالقطاع الحكومي ، وهذا قد يكون من اهم الأسباب في رغبة الخريجين للعمل في القطاع الحكومي والنفور من القطاع الخاص، بالرغم من توجه الحكومة الحالي لجعل القطاع الخاص الحاضن الأكبر للباحثين عن عمل، حيث تساءل أصحاب السعادة عن أبرز الإجراءات التي قامت بها الحكومة لزيادة تنافسية العمل في القطاع الخاص.

وأفاد معالي الدكتور وزير الاقتصاد بأن المؤشرات تؤكد على الانخفاض الكبير في أعداد الباحثين عن عمل، والذي يدل على جهود الوزارة في ذلك، حيث بلغ إجمالي المعينين من القوى العاملة الوطنية في 2021م(63080).. وتحدث معاليه عن بعض التحديات التي تواجه الوزارة فيما يتعلق بمواءمة مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل منها عدم وجود "برنامج انتقالي" من الدراسة إلى سوق العمل.

معالجة الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل

كما تم خلال الجلسة الاستفسار عن مدى قدرة الخطة الخمسية الحالية والتي تعتبر الخطة التنفيذية الأولى لرؤية عمان 2040م على معالجة الإشكالية المتعلقة بأن نسبة التعمين في القطاع الخاص تكون بنسبة أعلى للوظائف الدنيا التي تتطلب الدبلوم العام فما دون،وتم كذلك الاستفسار بشأن المهن الهندسية والتي يشكل الوافدين فيها نسبة 91.7% في القطاع الخاص بالرغم من وجود باحثين عن عمل في نفس المهن بنسبة 18.7 % من إجمالي الباحثين، متسائلين عما كان هناك خلل في مهارات ومقررات التعليم العالي والإلمام بالمهارات الأساسية تحول دون توظيف العمانيين بمهن الهندسة.

وأكد أعضاء المجلس بأنه بالرغم من السياسات والبرامج التي وضعت خلال الخطط الخمسية والتي تهدف إلى موائمة مخرجات التعليم المختلفة وتخصصاتها مع سوق العمل في السلطنة واستيعابهم؛ إلا أن هناك أعداد كبيرة لم يتم استيعابها ومخرجات تعليمية وفقا لتخصصات معينة لم تنال فرصة التوظيف لعدم موائمة هذه التخصصات مع الحاجة الفعلية لسوق العمل بالسلطنة. وهذا الأمر يقود إلى استنتاج أن السياسات الاقتصادية الكلية المتبعة خلال الخطط الخمسية السابقة، لم تكن ناجعة من حيث قدرتها على استيعاب مخرجات التعليم المتزايدة بشكل سنوي وانخراطها بسوق العمل، ولم تتشكل كذلك قطاعات اقتصادية مولدة لفرص العمل سواء من خلال التوظيف الحكومي -المشاريع الحكومية- أو القطاع الخاص وكذلك قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وفي ذات السياق تساءل أصحاب السعادة ما إن كان هناك تقييم للخطط السابقة والبرامج الموضوعة بها لمعرفة التحديات التي تواجه سوق العمل من استيعاب مخرجات التعليم بمختلف تخصصاتها وما هي نتائج هذا التقييم وما هي الجهود التي قامت بها الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي نحو خلق قطاعات اقتصادية منتجة ومولدة لفرص العمل لاستيعاب مخرجات التعليم وتخصصاتها.

كما تم الإشارة إلى موضوع عدم قدرة قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالرغم من البرامج والتسهيلات لدعمه خلال الخطط الخمسية السابقة وحتى الخطة الخمسية العاشرة على احتواء بعض مخرجات التعليم في تخصصات مختلفة، متسائلين عن جهود الوزارة في دعم هذا القطاع لزيادة مساهمته في استيعاب الباحثين عن عمل.

  واستفسر أعضاء المجلس كذلك عن المركز الوطني للدراسات الاستشرافية لمستقبل سوق العمل والذي أشارت إليه وثيقة الخطة الخمسية العاشرة والتي تعتبر الخطة التنفيذية الأولى للرؤية الوطنية طويلة المدى عمان 2040م ويأتي ضمن وصف هذا البرنامج المساهمة في مواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل ، وتوجيه برامج مؤسسات التعليم العالي بناء على احتياجات سوق العمل وغيرها من الأوصاف الرامية لغرض تأسيس هذا المركز.

    وقد أكدت معالي الدكتوره وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بأنه تم تدشين برنامج "إعداد” كبرنامج تدريبي وطني مدته عام أكاديمي كامل يستهدف طلبة السنة قبل الأخيرة من الدارسين في مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، ويهدف إلى تزويد الطالب بالمهارات الأساسية من خلال تعريضه لبيئة العمل ومعطياته لفترة كافية. ومن المؤمل أن يعمل برنامج “إعداد” على إكساب الطالب معارف ومهارات وخبرات كافية تعمل على تجسير الفجوة بينه وبين احتياج قطاعات العمل من هذه المهارات والمعارف وذلك بما يتوافق مع أحد أهم ركائز رؤية عمان 2040 والتي تتمثل في “بناء قدرات المواطنين وإعدادهم بقدر عالٍ من الكفاءة العلمية والعملية". وأضافت بأنه تم التعاقد مع شركة دولية لمراجعة برامج ومناهج الكليات المهنية، وترخيص برامجها. ويتم التنسيق والمتابعة من قبل الوزارة.

      واستعرض أصحاب السعادة أعضاء المجلس التجربة السنغافورية داعين إلى الاستفادة منها لتبني اقتصاد يعتمد على الابتكار والتقانة. وفي ذات السياق أكد وزير الاقتصاد بأن الحكومة تسعى إلى الاستفادة من التجربة حيث أن الخطة الجديدة تعتمد على تحويل بعض الصناعات والقطاعات إلى قطاعات مرتبطة بالصناعة مثل الثروة السمكية والثروة الزراعية. وفي هذا الجانب، وقد قدم أصحاب السعادة عدة مقترحات من شأنها أن تعزز من قوة الاقتصاد الوطني وتخلق فرص عمل مستدامة في مختلف التخصصات أبرزها عمل مشاريع استراتيجية ضخمة في كافة المحافظات ذات قيمة مضافة عالية ومنتجة من قبل الحكومة -إذا لم يتوفر القطاع الخاص المتبني لها-. لما له من أثر إيجابي في جانب احتواء مخرجات التعليم ومن ثم موائمة المخرجات المناسبة لها وفق خطة حكومية شاملة، وجلب الاستثمار الأجنبي المباشر وتسهيل الإجراءات خصوصا عقب صدور القوانين الخاصة به مؤخراً للاستفادة من العلوم المتطورة والتقنيات التي قد يجلبها للسلطنة والتي بدورها ستنعكس على متطلبات سوق العمل في شأن التخصصات العلمية ومخرجاتها وموائمتها، بالإضافة إلى دعم القطاع الخاص بشكل عام والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص لما لها من دور مساند في عمليات احتواء التوظيف وتوجيهها للتخصصات التي تتطلبها مراحل القطاعات المكونة للاقتصاد الكلي وسياساته.

المواءمة بين المخرجات وسوق العمل

وفي محور المواءمة بين المخرجات وسوق العمل، أكد أعضاء المجلس بأن مشكلة الباحثين عن عمل وما يتعلق بالمواءمة المخرجات الجامعية مع احتياجات سوق العمل دلالة واضحة على غياب آليات التنسيق بين الجهات المعنية بالتعليم والاقتصاد، وكذلك قصور في دراسة وتنظيم جميع القطاعات الاقتصادية في سوق العمل، والنتائج واضحة من واقع محدودية القطاعات الاقتصادية وندرة توليد فرص العمل الجديدة سنوياً الفرق الشاسع بينها وبين الزيادة الطبيعية للباحثين عن عمل من أصحاب المؤهلات. وفي هذا الجانب استفسر أصحاب السعادة عن أليات العمل التي تمخضت عن رؤية عمان 2040 وجوانب التخطيط في هذا الجانب خاصة في ظل تكرار هذا السيناريو على مدى السنوات المنصرمة.

كما تم التأكيد على ضرورة العمل على فتح مسارات التعليم المهني والتقني في التعليم ما بعد الأساسي والإسراع في تنفيذ التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - بشأن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحليل الاحتياجات والمتطلبات الضرورية لتطبيق التعليم المهني والتقني في التعليم ما بعد الأساسي، إضافة إلى ذلك تساءل أصحاب السعادة حول امكانية إعادة النظر في نظام التعليم الجامعي ليعزز بناء الشخصية الريادية للطالب الجامعي من خلال طرح مساقات في الريادة وإضافة تخصصات جديدة في هذا المجال.

كما تساءل أعضاء المجلس عن المنظومات الإلكترونية التي يتم على ضوئها ترصد الاحتياجات واعتماد البرامج، ولما لا يوجد حتى الآن منظومة إلكترونية شفافة تطرح فيها كل الجهات الحكومية والخاصة احتياجاتها خلال السنوات القادمة من التخصصات، بحيث تكون إلزامية التشغيل للجهة المعنية بطرح التخصص، وتكون الرؤية واضحة أمام الطلاب المنتسبين لتلك البرامج التخصصية حول مستقبلهم العملي والمهني، وتم الاستفسار كذلك عن الدراسات العلمية التي تُبْنى عليها الموافقات، وتعطى التراخيص وما هي الإجراءات العلاجية التي تقوم بها وزارة التعليم العالي لغلق البرامج التي لا تصب مخرجاتها في دعم سوق العمل، كما تم التساؤل بشأن إمكانية معالجة فجوة الإعداد والتأهيل المهارى للخريج والارتقاء بنوعيته، لأنه لا يزال الطابع النظري والأكاديمي المهيمن على العملية التعليمية، مع تراجع في الجانب التطبيقي والعملي.

وتم خلال الجلسة التطرق إلى أن إدارة اللوجستيات من التخصصات الحديثة التي يجب أن تعٌطى اهتماما من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بالتنسيق مع وزارة الاقتصاد نظرا لاتجاه انظار المستثمرين على الموانئ العمانية وأهمية الدور الذي ستقوم به في المرحلة المقبلة لتنويع مصادر الدخل غير نفطية وتعزيز مصادر الإنتاج. وقد تساءل أعضاء المجلس عن جهود الوزارتين (التعليم العالي والاقتصاد) في هذا الشأن من حيث توفير المخرجات ذات الكفاءة العالية وربطها بالمشاريع والاستثمارات الاستراتيجية لقطاع الموانئ.

    كما تطرقت المناقشات إلى أهمية تدريس القانون باللغة الإنجليزية، لما لذلك من أهمية واضحة تتطلبها مواكبة التغيرات والمرحلة اليوم، لا سيما في ظل وجود عدد كبير من العاملين غير العمانيين في مؤسسات القطاع الخاص من الناطقين بغير اللغة العربية في الوظائف القانونية؛ الأمر الذي يدعو إلى إعادة النظر في ابتعاث الطلبة لدراسة القانون باللغة الإنجليزية مستقبلا ً.

  وختاما أكد أعضاء المجلس بأن العالم يشهد اليوم عصرًا متغيّرًا في جميع القطاعات بما في ذلك قطاع العمل؛ حيث ستؤدّي الإنجازات المحقّقة في مجال التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي، التعليم الآلي، الروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد، إلى إحداث تحول جذري في سوق العمل، فحسب ما نشره موقع weforum.org يُتوقّع أنه ستختفي ما يقارب 5 ملايين وظيفة، لتحلّ محلها وظائف أخرى، كما سيزداد الطلب على عدد من الوظائف الموجودة حاليًا أيضًا متسائلين عن خطة الحكومة المستقبلية في هذا الشأن.

ومما يشار إليه أن المجلس يعقد غداً جلسته الاعتيادية السابعة ، والتي ستخصص لمناقشة وإقرار تقرير اللجنة المشتركة بين مجلسي الدولة والشورى بشأن المواد محل التباين بين المجلسين حول مشروع قانون الأوراق المالية، ومشروع تعديل بعض أحكام قانون الوثائق والمحفوظات الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 60/2007، كما سيتم خلال الجلسة إحاطة الأعضاء علما بمشروع اتفاقية ربط أنظمة المدفوعات بين حكومة سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كما ستناقش الجلسة مقترح مشروع قانون بإلغاء المادة رقم (32) من قانون المطبوعات والنشر والتي تُعنى بعدم جواز نشر كل ما تم حظر نشره بأمر من وزير الإعلام، هذا إضافة إلى مناقشة عدد من أدوات المتابعة التي تقدم بها أصحاب السعادة أعضاء المجلس وعدد من الردود الحكومية الواردة للمجلس. إضافة إلى مناقشة تقارير اللجان الدائمة حول مجموعة من الموضوعات المحالة لها من مكتب المجلس.