الحرب الروسية الأوكرانية تهدد الأمن الغذائي عالميًّا

الحدث الثلاثاء ٠٥/أبريل/٢٠٢٢ ١٨:٤٦ م
الحرب الروسية الأوكرانية تهدد الأمن الغذائي عالميًّا

الشبيبة - العمانية 

يتجه العالم نحو أزمة غذائية قد تؤثر على ملايين الأشخاص إثر الحرب الروسية على أوكرانيا بسبب نقص المواد الغذائية الرئيسة، بعد أن أثرت الحرب على صادرات القمح والحبوب من كلا البلدين اللذين يمثلان مصدرًا مهما لها.

وحذرت الأمم المتحدة من أن الحرب في أوكرانيا تهدد بتدمير جهود توفير الغذاء لحوالي 125 مليون شخص على مستوى العالم، بسبب تحول أوكرانيا "من سلة خبز للعالم إلى بلد يقف مواطنوه في طوابير للحصول على الخبز".

وأدت الحرب إلى محاصرة حصة كبيرة من القمح العالمي والذرة والشعير في روسيا وأوكرانيا في حين أن كمية أكبر من الأسمدة العالمية عالقة في روسيا وبيلاروسيا مما أدى إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمي والأسمدة.

وقال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيزلي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "إنه ليس فقط دمار فعلي لأوكرانيا والمنطقة، بل سيكون له تأثير في السياق العالمي يتجاوز أي شيء رأيناه منذ الحرب العالمية الثانية".

وتشكل إمدادات القمح من روسيا وأوكرانيا ما يقرب من 30٪ من تجارة القمح العالمية، كما أصبحت الأسمدة أكثر كلفة بسبب توقف الصادرات من روسيا وانخفاض الإنتاج في أوروبا بفعل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وهو مكون رئيس في الأسمدة القائمة على النيتروجين مثل اليوريا.

وبلغ حجم صادرات المنتجات الزراعية من روسيا في العام الماضي مستوى 37.7 مليار دولار، بناءً على بيانات مركز "أغروأكسبورت" التابع لوزارة الزراعة الروسية.

وبذلك تكون هذه الصادرات قد ارتفعت في العام الماضي بواقع 7.2 مليار دولار مقارنة بعام 2020 حين بلغت صادرات المنتجات الزراعية 30.5 مليار دولار.

واحتلت محاصيل الحبوب الحصة الأكبر في إجمالي الصادرات الزراعية، حيث تم تصدير حبوب بقيمة 11.441 مليار دولار، بزيادة في العام الماضي نسبتها 12 بالمائة عن عام 2020.

وقد جاء الاتحاد الأوروبي كأكبر مستورد للمنتجات الزراعية الروسية، حيث اشترت دول الاتحاد منتجات زراعية من روسيا في العام الماضي بقيمة 4.716 مليار دولار، بزيادة نسبتها 41 بالمائة عن عام 2020.

وفي تصعيد جديد مع الغرب أعلنت روسيا اعتزامها تصدير الغذاء والمحاصيل إلى "الدول الصديقة" فقط، على أن يباع بالروبل أو بعملات تلك الدول، واعتبر محللون ذلك سلاحًا جديدًا ستكتوي بنيرانه أوروبا، التي تعد أكبر مستورد للمنتجات الزراعية الروسية.

وأكد نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، دميتري ميدفيديف أن الأولوية في الإمدادات الغذائية ستكون للسوق المحلية، لافتًا إلى أن الإمدادات الزراعية للأصدقاء ستكون بالروبل، أو بعملاتهم الوطنية بنسب متفق عليها.

وتأتي تصريحات ميدفيديف بعد مطالبة موسكو في وقت سابق المشترين الأجانب بدفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، ردًّا على تجميد أصول روسيا في الغرب بسبب هجومها على أوكرانيا.

من جانبها قالت فرنسا إن "عدوان روسيا على أوكرانيا يفاقم خطر المجاعة حول العالم" وبأن سكان الدول النامية سيكونون أول المتأثّرين.

وتخطط الصين، التي تواجه أسوأ موسم لمحصول القمح منذ عقود بسبب الفيضانات الشديدة، لشراء المزيد من الإمداد العالمى المتراجع، بينما تشهد الهند التي تصدر عادة كمية صغيرة من القمح زيادة أكثر من ثلاثة أضعاف فى الطلب الأجنبي مقارنة بالعام الماضي.

ورغم أن الولايات المتحدة لا تستورد الكثير من الغذاء من روسيا وأوكرانيا، إلا أنها تتوقع ارتفاعًا في أسعار وتكلفة الغذاء.

ويقول المحللون إن الآثار الواسعة للصراع في أوكرانيا ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء في الولايات المتحدة، ولأن روسيا هي المصدر الرئيس للأسمدة، فإن الصراع سيؤثر على ما تتم زراعته في الأراضي الأمريكية.

ولفتت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية جويس مسويا إلى أن النزاع في أوكرانيا "يهدد بتردي الأوضاع في أسوأ الأزمات الإنسانية التي يشهدها العالم، كما هو الحال في أفغانستان واليمن والقرن الإفريقي" حيث يعد انعدام الأمن الغذائي مشكلة في الأساس.

وقال وزراء الزراعة من دول مجموعة السبع، الجمعة، إنهم "ما زالوا مصممين على القيام بما هو ضروري لمنع أزمة الغذاء والاستجابة لها".

لكن خوفًا من النقص، تتجه البلدان بالفعل إلى الداخل، مما قد يترك في النهاية كميات أقل من الغذاء للمحتاجين.

ودعا وزراء مجموعة السبع الدول إلى "إبقاء أسواقها الغذائية والزراعية مفتوحة والحذر من أي إجراءات تقييدية غير مبررة على صادراتها".

وأكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة هذا الشهر أن عدد الأشخاص الذين هم على حافة المجاعة قفز إلى 44 مليونًا من 27 مليونًا في 2019.

وتصدر روسيا 70% من قمحها إلى الدول العربية، حيث ستواجه دول عربية كثيرة تعتمد على استيراد القمح الروسي والأوكراني تحدّيًا كبيرًا لضمان إمداداتها بهذه المادة الحيوية، في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا والعقوبات الغربية الواسعة المفروضة على موسكو.