السعيدي: تأثير الشريك الصيني في شركة «نقل الكهرباء» يجب أن يكون قويًا و إيجابيًا على جودة الشبكة

مؤشر الأربعاء ٠٧/سبتمبر/٢٠٢٢ ١١:٥٧ ص
السعيدي: تأثير الشريك الصيني في شركة «نقل الكهرباء» يجب أن يكون قويًا و إيجابيًا على جودة الشبكة

مسقط - الشبيبة 

في لقاء مع المهندس عبدالله بن ناصر السعيدي؛ الرئيس التنفيذي لشركة نفاذ للطاقة المتجددة، في برنامج "مع الشبيبة"، أوضح أن الانقطاع الكلي لشبكة الكهرباء هو أحد أسوأ السيناريوهات التي قد تحدث في العالم ويكون هذا الوضع استثنائيًا، وأنه توجد كفاءات عمانية مهيأة في قطاع الكهرباء ولكن مثل هذه السيناريوهات يتم بناءها لسنوات عديدة دون أن تحدث فتركن بعض الجهات إلى الاستقرار نوعًا ما والتفكير بأن مثل هذه الأعطال من المستحيل حدوثها، ولكن هناك إجراءات معينة يجب اتّباعها في حال حدوث هذه السيناريوهات ومن شأنها أن تحمي من الانقطاع في التيار الكهربائي.

وأضاف السعيدي بأن عددًا من المهندسين والمختصين في مجال الكهرباء والطاقة خاضوا عددًا من النقاشات في فترة انقطاع الكهرباء للبحث في المسببات الممكنة لمثل هذه الانقطاعات، كما أن الجميع بانتظار التحقيقات المستقلّة من قبل هيئة تنظيم الخدمات العامة للبحث وللوقوف على الأسباب الفنية الحقيقة لهذا الانقطاع، حيث أنه توجد تصريحات أولية من الهيئة حول الأسباب بشكلٍ عام ولكن كون الهيئة تتميز بالشفافية فإنه من المؤمل معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه الحادثة ونشر تقرير كامل حولها.

وأكد السعيدي أن الشبكة الوطنية هي على موثوقية عالية وتتميز بشبكة حديثة متطورة وسرعة استجابتها تكون عالية بشكلٍ دائم، وكان من المفترض في حال حدوث المشكلة الفنية في الخط الرئيسي بعبري أن يتم فصله بشكل مستقل بحيث يكون خارج الخدمة ويتم استخدام خطوط بديلة لتغذية بعض المناطق، وذلك من أجل تقليل الضرر وتضييق النطاق الجغرافي للانقطاع بحيث يؤثر على ولاية أو محافظة أو محافظتين فقط على أقصى تقدير، ولكن امتداد تأثير الانقطاع الكهربائي على عدد كبير من المحافظات وخروج حوالي 3.8 جيجاواط من الكهرباء وهذا يعني خروج ما نسبته بين 60% إلى 70% من الشبكة الوطنية إلى خارج نطاق الخدمة، فهذا يستدعي المزيد من البحث والتقّصي لمعرفة الأسباب لما لهذه الحادثة من تأثير كبير على موثوقية الشبكة والموثوقية في القطاع حيث يوجد عملاء من مختلف الشرائح من المواطنين والقطاع الصحي والقطاع التعليمي والقطاع اللوجستي من موانئ ومطارات وغيره، لذلك فإن مثل هذه الحادثة لن يمر دون تحقيق وأخذ القدر الكافي من الدراسة والبحث والتقصّي لكيلا يتكرر.

وحول الربط بين منظومتي شمال السلطنة وجنوبها وما إذا كان هذا الإجراء هو نوع من التعامل مع مثل هذه الحوادث؛ أجاب السعيدي بأن ربط منظومة شمال السلطنة مع جنوبها من شأنه أن يجنّب الكثير من الانقطاعات والمشاكل والخطط الاحتياطية من مثل وجود محطات احتياطية لا تعمل، بحيث أنه إن ظهرت مشكلة في شمال السلطنة فإنه من الممكن تشغيل المحطات التي في جنوب السلطنة، ولكن في حال تكرار حدوث الانقطاع الكهربائي الذي شهدته السلطنة وكان الربط موجودًا بين الشمال والجنوب فهذا يعني أنه من الممكن فقد السيطرة على كامل الشبكة لكون الانقطاع متسلسل، ويعتبر مشروع الربط بين شمال وجنوب السلطنة مشروع وطني ذو استراتيجية عالية يجب التعجيل والإسراع في تطبيقه، حيث ستنتهي المرحلة الأولى من هذا المشروع في 2023 ومن المفترض العمل والإسراع على إنهاء الربط قبل 2026 كون هذه المدة طويلة جدًا، خصوصًا وأن السلطنة اليوم تستهدف الاستثمار الأجنبي والبنية التحتية الموثوقة لدى السلطنة وهو ما يوجب سرعة التصرف وحل مثل هذه الإشكاليات بأسرع وقت ممكن لأن مثل هذه الانقطاعات لا تتوافق مع رؤية عُمان 2040 ورؤية السلطنة لجذب الاستثمارات الأجنبية، واستقرار الشبكة مهم جدًا، وإلى جانب ربط الشمال مع الجنوب يوجد الربط الخليجي الموحّد وهو مشروع مهم جدًا على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أنه من شأنه التقليل من هذه التحديات والإنقطاعات التي قد تحدث في مثل هذه الظروف.

وأضف: كما تم سابقًا تخصيص الشركة العُمانية لنقل الكهرباء وذلك من أجل رفع الكفاءة والإمكانيات وجلب التقنيات الحديثة من خلال الاستفادة من الشريك الصيني، حيث يجب أن يكون تأثيرهم إيجابي وقوي على جودة الشبكة الوطنية بشكلٍ عالي جدًا وأن يعزز الموثوقية في هذه الشبكة، ولهذا يجب أن يؤخذ هذا الجانب في عين الاعتبار عند إجراء التحقيقات والدراسات وذلك لفهم تأثير الخصخصة على الشركة العمانية لنقل الكهرباء من جميع النواحي الإيجابية والسلبية ودراستها بشكل متأني ودقيق وعملي، حيث أنه ترتب على الانقطاع الكهربائي الذي حصل سلسلة من المشاكل الأخرى فهو لم يكن مجرد انقطاع للتيار الكهربائي وذلك لتأثر شبكات النقل وهذا ما لوحظ من خلال تعطّل إشارات المرور جميعها في ذات الوقت ولكن المختصين في شرطة عُمان السلطانية سارعوا بالنزول إلى الميدان إلى جانب الدور الكبير الذي قام به المواطنين في عملية تنظيم السير، وهذه الأزمة تعتبر أزمة وطنية طارئة ليس من الممكن معرفة متى من الممكن أن تحدث، وهي ليست مثل الأنواء المناخية والتي اعتادت السلطنة على التعامل معها من خلال الفرق المختصة وخطط الطوارئ والتنبيهات ومراكز الإيواء وغيره إلى جانب استعداد الفرق الكهربائية للطوارئ في مثل هذه الأنواء المناخية وتأثيرها يكون محدود جغرافيًا، ولكن حدث الانقطاع الكهربائي تبعته سلسلة من الأحداث والمشاكل التي أثرت على قطاعات كثيرة، ووقع الضرر كذلك على المواطن بشكلٍ كبير من حيث قضاء وقت كبير بدون الكهرباء وتأثر بعض ممتلكاته وأنظمة التبريد وغيرها إضافةً لتأثر المحميات الزراعية لدى المزارعين كوننا في بداية موسم زراعي حيث تلفت المحاصيل بسبب طول فترة انقطاع الكهرباء خصوصًا في بعض المناطق لفترة تتجاوز 8 ساعات، ولهذا يجب مراجعة هذه الحادثة وتقييمها تقييمًا شاملاً والوقوف على الأسباب وإيجاد حلول جذرية إلى جانب النظر في الشكاوي المقدمة من قبل المواطنين حول الأضرار الناتجة عن هذا الانقطاع وحصولهم على تعويضات على سبيل المثال كونهم تضرروا بشكل مباشر.

وحول ما إذا كانت التحقيقات ستشمل دراسة حجم الضرر والخسائر إلى جانب دراسة الأسباب ووضع الحلول وتحديد المسؤوليات وغيره؛ أشار السعيدي إلى أنه من وجهة نظره أنه يجب أن يتم تضمين هذا الجانب في التقرير وذلك لأهمية دراسة حجم الخسائر، حيث أنه إن كان الهدف هو معالجة المشكلة والحرص على عدم تكرارها فإنه يجب دراسة حجم الأثر الذي ترتب عليها ومن خلالها يمكن الخروج بقرارات استثمارية لتطوير الشبكة والبنية التحتية وغيره، وللتأكد من أن العائد الاستثماري في الشبكة الوطنية له أثر اقتصادي كبير على البلد، ولهذا ففي مثل هذه الأزمات يكون هناك إدارة للأزمة على مستوى وطني إلى جانب وجود خطة استمرارية الأعمال، وأضاف السعيدي أنه من المؤسف أن خطة استمرارية الأعمال ليست بالمستوى المطلوب حسبما لوحظ من الحادثة الأخيرة، حيث تفتقد المناطق إلى المولّدات الاحتياطية في مواقع حساسة ومهمة وذات أثر على الحياة العامة وعلى الاقتصاد وعلى سمعة البلد، وهذا مؤشّر خطير يجب الوقوف عليه ليس فقط من ناحية أزمة فقد الكهرباء ولكن أيضًا جاهزية ما بعد حدوث المشكلة من استمرارية الأعمال والتي يجب أن يعاد النظر فيها إضافةً إلى إيجاد حلول فنية وتقنية كثيرة يمكن من خلالها ضمان استمرارية الأعمال عند وجود مثل هذا الخلل، ويتأمّل السعيدي أن يضم التقرير دراسة وتقييم حجم الأضرار وتأثيرها بشكل كبير ودقيق كون التأثير كان على شريحة كبيرة.

وإجابةً على ما إذا كانت خطة التعامل مع الحادثة كانت فاعلة حيث أن البعض يقول بأن المشاكل الفنية طبيعية وواردة الحدوث في أي وقت؛ أوضح المهندس عبدالله السعيدي أن خطة الاستجابة لضمان استمرارية الأعمال كانت دون المتوقع ودون المستوى المطلوب، حيث أن رؤية قطاعات حيوية واقتصادية مهمة في البلد تصاب بشلل في استمراريتها رغم كونها مصانع حيوية وشركات وطنية وعالمية ومؤسسات خدمية تربط البلد بالخارج تتأثر بالانقطاع وعدم وجود مولّدات احتياطية يوجب إعادة النظر وتقييم خطة الاستجابة واستمرارية الأعمال في هذه القطاعات، ويجب أن يُنقل هذا الدور إلى هيئة تنظيم الخدمات العامة حيث أنه على سبيل المثال في حالة المؤسسات الصحية من الممكن أن لا يمتلك القائمون عليها الدراية التامة بالمواصفات التي تحتاجها هذه المؤسسات في حالة انقطاع الكهرباء وهنا يأتي دور الهيئة من حيث وضع الخطط والنظر في حالة المؤسسات واتّخاذ القرار حول ما إذا كانت هذه المؤسسات بحاجة إلى خطة طوارئ لضمان استمرار الأعمال عند انقطاع الكهرباء وتكون الهيئة هي المسؤولة عن وضع الخطة واعتمادها ووضع المواصفات اللازمة لاستمرارية الأعمال في هذه القطاعات، وربما كان هذا مثل الاختبار الوطني لجاهزية كافة القطاعات وخصوصًا على مستوى قطاع الكهرباء.

وأشار السعيدي إلى مدة استعادة الكهرباء والتي وصلت إلى حوالي 12 ساعة في بعض الأجزاء المتضررة يعتبر زمنًا قياسيًا، حيث أن الكهرباء عادت في بعض المناطق خلال ساعة واحدة، وتفاوتت في أجزاء أخرى بين ساعتين و4 إلى 8 ساعات، وذلك لاستحالة إعادة الشبكة مباشرة لوضعها السابق بعد وصولها إلى الصفر، حيث يقوم المختصين بإعادة شحن الشبكة بشكل تدريجي بدءًا بنسبة 5% على سبيل المثال وترتفع النسبة مع الوقت، وتعتبر هذه المرحلة حساسة جدًا لأنه في حال تعرض المهندسين في مناطق الشبكة لضرر ولم يستطيعوا التحكم بالكيفية المناسبة لإعادة الشبكة فإنه من الممكن فقد الشبكة من جديد وترجع إلى الصفر، وأضاف السعيدي أن الجهود المبذولة من قبل المهندسين في قطاع الكهرباء تستحق الشكر والتقدير حيث قدموا جهود استثنائية لإعادة خدمات الكهرباء حيث كانت سرعة الاستجابة كبيرة رغم حدوث المشكلة في وقت انتهاء العمل تقريبًا، إلى جانب انتشار بعض الصور لغرف التحكّم والتي توضح وجود مهندسين ومختصين عمانيين ذو كفاءة عالية وكانت لديهم القدرة لإدارة الأزمة بشكل احترافي، كما توجد حاجة لدراسات وبحوث أعمق في هذا المجال لتحليل مثل هذه الحوادث ومعرفة أسبابها ووضع الحلول المناسبة لتفادي حصولها، وأشار إلى أهمية نفي الشائعات ونشر المعرفة اللازمة وأخذها من أهل الاختصاص واجب في مثل هذه الأزمات.