سيكو تستعرض رؤيتها المستقبلية لسلطنة عمان – التنمية الاقتصادية في 2022

مؤشر الخميس ١٣/أكتوبر/٢٠٢٢ ١٥:٢٤ م
سيكو تستعرض رؤيتها المستقبلية لسلطنة عمان – التنمية الاقتصادية في 2022

مسقط - الشبيبة 

شاركت سيكو رؤيتها المستقبلية للبيئة الاقتصادية الحالية في سلطنة عمان، وذلك في تقرير يركز على تحليل التقدم الذي أحرزته السلطنة في إطار جهودها لتحقيق أهداف الخطة الاقتصادية والمالية الخمسية العاشرة للفترة 2021-2025، بما في ذلك إدارة الديون، والإصلاحات المالية، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

اعتمد التقرير على الحوار الحصري بين سمية الجزيري مساعد نائب رئيس الأبحاث الاستثمارية في سيكو، ومعالي الدكتور سعيد الصقري وزير الاقتصادي العماني، إضافة إلى وجهات نظر المسؤولين وممثلي الحكومة من وزارة المالية وفريق رؤية عمان 2040 (نزدهر) خلال مؤتمر MSX Roadshow الذي أقيم في الفترة من 5-6 سبتمبر 2022.

يعد 2022 عام اعادة ترتيب الأوراق بالنسبة للسلطنة، ويصفه التقرير بأنه عام التحول المرحلي بإتجاه تحقيق نمو أقوى على المدى المتوسط (2023-2025). حيث يشهد الإقتصاد العماني في الوقت الراهن حالة اانتعاش وتعافي، مصحوبة بانخفاض في نسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى التوجة الحكومي نحو زيادة مخصصات النفقات الرأسمالية و الاستثمارية وهي كلها تعتبر خطوات مشجعة و في الاتجاة الصحيح. في المقابل تستمر عُمان في مواجهة عدة تحديات ناشئة عن إستحقاقات عدة أهمها، الديون البالغة قيمتها حوالي 12-13 مليار دولار والمستحقة بحلول عام 2025، إلى جانب الضغوط التضخمية الناتجة عن الارتفاع العالمي في أسعار المواد الأساسية والذي له إنعكاسه على ارتفاع الأنفاق الحكومي على الدعم (خاصة الدعم على الأغذية ومنتجات النفط)، فضلا عن بطء عودة العمالة الأجنبية الى عمان، والنمو المتواضع في الإقراض للقطاع الخاص.

وتركز السلطنة بشكل أساسي في هذه المرحلة الإنتقالية على إدارة الديون، حيث سعت الحكومة إلى خفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي من 60% في عام 2021 إلى 55% في النصف الأول من عام 2022، أي أقل من النسبة المستهدفة بعد خفض مستويات الديون بقيمة 2.2 مليار ريال عماني (5.7 مليار دولار أمريكي) إلى 18.6 مليار ريال عماني. في أوائل عام 2022، كانت عُمان قد أكدت التزامها بخفض الزيادة في صافي الدين الحكومي على مدى الثلاث سنوات القادمة، متوقعة وصول نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 60% بحلول عام 2024.

وبالتزامن مع ذلك، ساهمت ضريبة القيمة المضافة بشكل إيجابي في تعزيز الإيرادات المحققة للسلطنة، وتعد ضريبة الدخل – في حالة تم تطبيقها كما هو مخطط في 2024- خطوة أضافية لتحقيق التنوع والزيادة في الإيرادات المالية. ولكن و في ظل تمديد الفترة المستهدفة لإصلاحات الدعم الحكومي المخططة لدعم الكهرباء والماء الى عشر سنوات بدلا من خمس (كان المستهدف في الأساس عام 2025)، و ذلك كما أشارت وزارة المالية، قد يعني هذا إمكانية تأخير تطبيق ضريبة الدخل وهو ما يعني بطء عملية تنويع الدخل بعيداً عن إيرادات النفط والغاز. 

وقد شهد الإنفاق المالي للحكومة تغييرًا في التوجه في منتصف عام 2022 وذلك بعد تباطؤ الإنفاق العام على مدى الثلاث سنوات الماضية. وجاء التغيير في التوجه من خلال الاستفادة من ارتفاع إيرادات النفط والغاز. وعليه قامت الحكومة بزيادة مخصصات النفقات الرأسمالية كما تتبنى خطة استثمارية فعالة في مختلف القطاعات. وتركز الحكومة على المشاريع الرئيسية المتعددة في قطاع الخدمات، وعلى وجه الخصوص الخدمات اللوجستية، والنقل، والنفط والغاز. وبالتالي زادات مخصصات نفقات التنمية للعام 2022 من 900 مليون ريال عماني إلى 1.1 مليار ريال عماني، وذلك بفضل التوازن المالي الإيجابي الذي تحقق في النصف الأول من عام 2022. كما يخطط جهاز الاستثمار العماني لإدراج بعض الشركات المملوكة له في بورصة مسقط، بالإضافة إلى جذب استثمارات بقيمة 11 مليار ريال عماني، وهو ما انعكس في زيادة الاهتمام والتركيز على الاستثمارات، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتطوير أسواق المال. ومع ذلك فإن معدل ازدهار الاقتصاد وتنامي وتيرة الإنفاق الاستثماري وإنعكاسها فعلياً في المشاريع الجارية هو ما سيساهم بدوره في تعزيز النمو في السلطنة ويُظهر جدية تسهم في إستقطاب المستثمرين الأجانب.

وعلى ضوء ذلك، من المتوقع أن يكون الإنفاق الاستثماري هو المحرك الرئيسي في تعزيز الاتجاه التصاعدي لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي وصلت مستوياته إلى 3% في عام 2021، و2% في الربع الأول من 2022. وحسب ما تشير التقديرات الرسمية، من المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5% في 2022، وهو ما يعني توقع نمو أقوى في باقي السنة. ولكن بالنظر إلى مؤشرات مالية مهمة ترتبط بالنمو الإقتصادي فإن النمو الذي حققه القطاع المصرفي في القروض والذي بلغ 1.2% من نهاية العام 2021 حتى منتصف العام 2022 يعد نمواً محدوداً، مع نمو هامشي للإقراض للقطاع الخاص عند 0.2% كما في النصف الأول من عام 2022، فضلا عن بعض المؤشرات الأخرى مثل إحصاءات سوق العمل، فإن وتيرة الانتعاش تبدو أبطأ مما هو متوقع، وهنا نستطيع أن نخلص بأن النظرة الرسمية لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2022 عند 5% تبدو تفاؤلية، ولكننا نجد أن تحقيقها ممكناُ خلال الفترة الممتدة من 2022-2023.

خلاصة القول أن سلطنة عمان تمر الآن بمرحلة تحول تجاه تحقيق معدلات نمو أعلى بالرغم من أنها أبطأ من نظرائها في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تسعى جاهدة إلى اتخاذ خطوات جادة نحو تحقيق أهداف خطة التنمية الخمسية العاشرة. وقد أكد معالي الدكتور سعيد الصقري وزير الاقتصاد العماني بالإضافة إلى ممثلي الهيئات الرئيسية على التزام الحكومة القوي بإعادة توجية الأنفاق نحو تحقيق التنمية، والحد من الديون، وجذب المزيد من الاستثمارات من خلال الانفتاح الاقتصادي وتشجيع الاستثمار الأجنبي العالمي. إن معدل انتعاش الاقتصاد والإنفاق الاستثماري والذي إن انعكس على أرض الواقع سوف يوفر زخماً قوياً لتحقيق المزيد من النمو للسلطنة. لذا فإن دعم الانتعاش الاقتصادي حتى يتم ترسيخ خطواته على المدى المتوسط يجب أن يبقى على قمة أولويات السلطنة في عام 2022، وذلك في إطار جهودها الرامية إلى المضي قدماً في تعزيز النمو خلال النصف الثاني من الخطة الخمسية (النصف الثاني من 2023- 2025).