خطة عمانية متدرجة لكبح الانبعاثات والغازات الدفيئة

مؤشر الثلاثاء ١٨/أكتوبر/٢٠٢٢ ١٨:٠٧ م
خطة عمانية متدرجة لكبح الانبعاثات والغازات الدفيئة

مسقط- الشبيبة 

تنطلق في الفترة من 5 إلى 7 ديسمبر المقبل أعمال قمة عُمان الخضراء والتي تهتم وتناقش المشاريع الخضراء والطاقات النظيفة في ظل تحول أنظار العالم أجمع نحو هذا المجال، وكونه يشكّل مستقبل الطاقات والصناعات واقتصاديات الدول، وماله من أهمية وتأثير على البيئة وحياة الإنسام بشكلٍ عام، كما يقوم عددٌ من الأكاديميين والمختصين ومراكز الأبحاث والمؤسسات التعليمية بمختلف تصنيفاتها ومواقعها بعمل مختلف الأبحاث والدراسات والتحليلات في هذا مجال الطاقة المتجددة وتأثيرات الوقود الأحفوري وغيره لما تمثله من أهمية قصوى في تعزيز وتطوير وتنمية كافة المجالات المرتبطة به.

وأوضح المهندس عصام بن ناصر الشيباني؛ نائب رئيس الاستدامة في مجموعة أسياد عبر برنامج "القمة الخضراء" أنه تم البدء بالاهتمام بهذه القضية منذ بداية التسعينات حيث أصبحت هناك توجهات نحو الانبعاثات والغازات الدفيئة ومن ضمنها تم توقيع اتفاقية لتتبع ومراقبة الانبعاثات ولكن كان مجرد مراقبة حيث لم يكن هناك ثمة توجه لخفض هذه الانبعاثات، وإنما كانت مجرد مراقبة لما تسببه هذه الانبعاثات من آثار في طبقة الأوزون، ولكن مع ظهور الآثار السلبية لهذه الانبعاثات أصبح التدخل حتمي لإيجاد الحلول لتقليل هذه الانبعاثات، وأصبح التقليل أصعب نظرًا لاعتماد العالم على الوقود الأحفوري وهو يعتبر المسبب الأساسي والأول للانبعاثات الكربونية، ولهذا أصبح لابد من وجود خطط لتقليل هذه الانبعاثات وحركة إزالة الكربون وهي حركة عالمية ولكن ما زالت فاتورتها عالية جدًا ولهذا أصبحت الحكومات تتخوف جدًا، وبدءًا من التسعينات تم التوقيع على عدة معاهدات حتى الوصول إلى عام 2015 والتي تم خلالها توقيع اتفاقية باريس والتي اعتمدت من كل دول العالم وعلى ضوئها تم تشكيل برامج للاستدامة في منظمة الأمم المتحدة والتي تحتوي على 17 توجّه من أجل قياس نمو الدول بحيث لا يتم قياس نمو الدول من الجانب الاقتصادي فقط ولكن من الجانب الاجتماعي ونظام الحوكمة في هذه الدول كذلك.

وحول أهمية الاتفاقيات ووجود مخاطر حقيقية للتغير المناخي؛ أشار الشيباني إلى أن هذا الأمر ينظر إلى كون وجود مخاطر للتغير المناخي وحقيقة وجود مسببات له، وأكثر مخاطره هو ارتفاع درجة حرارة الأرض مما يتسبب في عدة عواقب قد تكون صعبة جدًا في المستقبل وتكلفة علاجها في الوقت الحالي قد تكون رخيصة جدًا ولكن إذا لم يتم علاجها فإن تكلفتها ستكون عالية جدًا مستقبلاً، وعلى سبيل المثال في السلطنة فإن التغير المناخي سبب وجود وحدوث عدة أعاصير مقارنة بالسابق حيث كان يحدث إعصار واحد كل 100 سنة ولكن الآن أصبحت هذه الظواهر تحدث بكثرة وبفترات متقاربة تصل إلى سنتين أو 3 سنوات، وتكلفة فاتورة شاهين المعلنة من سوق المال أن أول تعويض للخسائر التي سببها شاهين بلغت 73 مليون ريال عماني في أول فاتورة ومن ثم وصلت من خلال عدة تكاليف أخرى وتم زيادة قرابة 33 مليون ريال عماني وهذا يعني دفع مبالغ فوق 100 مليون ريال عماني لمجرد تعويضات لخسائر وهذه ليست التكلفة الكاملة، وتبعتها إعادة بناء البنية التحتية ومشاريع أخرى لم يتم إضافتها إلى الفاتورة، وهذا فقط على مستوى السلطنة أما على مستوى العالم فعلى سبيل المثال في تونس والتي كانت تعرف بأنه تونس الخضراء ومعروفة بكميات الزيتون فيها وكل أنواع الخضروات والفواكة ولكنها الآن تعاني من مخاطر التغير المناخي وكانت تعاني من جفاف لمدة سنوات كثيرة ولم تشهدها تونس من قبل، ومن ثم تبعتها فيضانات عالية جدًا زادت من خلالها منسوبات المياة وزالت عقبها الطبقة الخضراء وسببت عواقب أخرى، وبهذا أصبح أصحاب المزارع في تونس يعانون بعد أن كانوا يحظون بحياة مزدهرة، وهذين يعتبران مثالين حيين على مخاطر التغير المناخي في العالم، وتونس تعاني حاليًا كثيرًا سواءً على المستوى الاقتصادي والسياسي والبيئي بحيث تحاول العودة إلى عهدها السابق حيث كانت تونس الخضراء.

واضاف الشيباني :في سلطنة عُمان يوجد ما يسمى بالبصمة الكربونية وحتى الآن لا توجد احصائيات حقيقية لمعرفة حجم مساهمة الصناعة في عُمان حيث كانت على سبيل المثال أسياد هي الرائدة في قطاع المواصلات سابقًا وكان يوجد أرقام في ذلك الوقت ولكن مع ازدياد عدد السيارات والشاحنات في عُمان أصبح من الضروري عمل دراسة دقيقة لقطاع المواصلات، حيث أن الأسباب موجودة مثل السيارات والمصانع وغيرها ولكن المساهمة تأتي من مختلف القطاعات مثل قطاع المواصلات وقطاع الصناعة وقطاع النفط والغاز، وتوجد عدة دراسات منها دراسة ماكنزي وشركاؤه حيث تم تحديد هذه القطاعات وتأثيرها حتى عام 2050م وتم التوصل إلى أن هذه الأرقام تتزايد فعلاً وحجم قطاع المواصلات والذي يبلغ حوالي 55% في العالم يُتوقع أن يصل حتى 65% أو 70% حتى هذا العام إذا لم يكن هناك حلول جذرية لهذه المشكلة، ولهذا تم التوجه نحو صناعة السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية في قطاع المواصلات من أجل تخفيف حجم الانبعاثات الناتج عن هذا القطاع إلي جانب الاعتماد على النقل العام بحيث يكون بيئي وصالح للبيئة وكل هذه الحلول تخفف من الزيادة المتوقعة، وبالنظر إلى مجال آخر مثل قطاع الشحن البحري والذي يعتبر من ضمن أولويات أسياد حيث يوجد أسطول بحري وتبلغ حجم مساهمته في الانبعاثات حوالي 3% ويُتوقع بحلول عام 2050م أن تصل إلىي 7% وهي قد تعتبر نسبة بسيطة ولكن أثرها كبير جدًا، ولكن النقل البحري مع منظمة النقل العالمية لديها خطط لتقليل هذه الانبعاثات حتى سنوات معينة قادمة، كما توجد شركات والتي تعتبر من أكبر الشركات في العالمي مثل شركة مسك والتي تمتلك أسطولاً بعدد بفوق 800 ناقلة بحرية لديهم قوانين وخطط صارمة جدًا حيث وضعت عام 2040م عامًا للوصول إلى الحياد الكربوني.

واضاف الشيباني:اليوم في عمان إذا ما تم التفكير بإنشاء مشروع أخضر فإنه يجب أن يتم عمله بفكر تجاري ولكن مثل هذه المشاريع يكون مردودها بيئي أكثر من كونه تجاري لهذا يكون من الصعب الحصول على دعم لدعم مثل هذه المشاريع، لذلك قام صندوق النقد الدولي بحصر هذا المبلغ لعاملين أولاً لدعم التوجه الأخضر سواءً كمشاريع خضراء أو مشاريع التقليل من الانبعاثات ومشاريع الطاقة المتجددة وكل هذه المشاريع تدخل ضمن العامل الأول، والجانب الآخر يكون لمعالجة التأثيرات المناخية بحيث أنه على سبيل المثال يوجد دول تعاني من تأثير المناخ والفياضات وتدمير البنية التحتية لبعض الدول وتأثيرها خصوصًا في الدول الفقيرة والتي تحتاج إلى تكلفة كبيرة من أجل تجديد بنيتها التحتية، ولهذا تم وضع جزء من مساهمة صندوق النقد الدولي لتعويض الدول التي تأثرت جدًا بالتغير المناخي، لهذا فإن هذه المساهمة لها جزء للمعالجة وآخر للوقاية، وسابقًا لم تكن هذه المبالغ معروفة ولكن تم الضغط عليهم خلال القمة لتوضيحها وتم إبلاغ الحكومات لكي لا تستثمر في المشاريع التي تعتبر ضد التوجه الأخضر مثل المساهمة في الوقود الأحفوري والفحم وأي مجال له علاقة بالنفط والغاز كونها الداعمة والمسببة للتغير المناخي.

 

خطة تنفيذ

 

وحول التزام السلطنة تجاه هذه القضية؛ أوضح الشيباني أن أول التزام قامت به السلطنة هو الالتزام بخطة حتى 2030 لخفض ما نسبته حوالي 7% من الانبعاثات الكربونية والمقصود بها ثاني أكسيد الكربون، والتزمت سابقًا بخفض غاز الميثان وهي اتفاقية مختلفة تمامًا، والنسبة التي التزمت بها السلطنة لخفض نسبة الانبعاثات بمقدار 7% تنقسم إلى شقين من حيث وجود دعم وتمويل البرامج والمشاريع الخضراء والممولة من الصندوق الدولي، وبدون وجود أي دعم وتمويل فإن الالتزام يكون بمقدار 4%، ووضعت السلطنة هذا ضمن خطة تنفيذ، والتزام السلطنة في ظل التوجه المناخي مرسوم في برنامج تنفيذي، واتفاقية باريس هي في مجملها من ضمن رؤية عُمان 2040، بحيث هناك تأثيرات مباشرة على الاتفاقية وتأثيرات غير مباشرة عليها، واتفاقية باريس وأهداف الاستدامة فيها عدة محاور تصل إلى 17 محور ومن ضمنها المحور البيئي وفيه 3 أو 4 جوانب معني بالبيئة وتأتي من ضمن توجهات رؤية عُمان 2040، كما يوجد مجال كامل للاهتمام بالبيئة، وقد كان تصنيف عُمان متدنّي جدًا في السابق ووضعت هدفًا أن تكون من ضمن مصافي الدول الأربعين الأفضل في العالم بحلول 2030 في الالتزامات البيئية، وبحلول 2040 بأن تكون ضمن أعلى 20 دولة في العالم ضمن الترتيب العالمي للبيئة، وبالنظر لهذا فإننا نرى التزام السلطنة لتكون من ضمن مصافي الدول في هذا الجانب وهذا يعطي وضوح لاتجاه السلطنة.

وأضاف بأنه يوجد حاليًا تنفيذ في هذا الجانب، فعلى سبيل المثال في قطاع المواصلات أو النقل البري توجد دراسة حاليًا تحت إشراف جامعة السلطان قابوس بوضع ورسم البصمة الكربونية لقطاع المواصلات كونه قطاع كبير ويشكل حاليًا ما نسبته 55% من نسبة الانبعاثات، بحيث يتم مراقبة ومتابعة هذه البصمة بشكلٍ سنوي وتحديد الأطر فيها للتقليل منها، ومن ضمنها الوقود الأحفوري والبترول والذي يقدم فيه دعم من الحكومة في السلطنة وهذا كان يشجع استعماله بصورة أكبر ولكن وجب إيجاد بدائل أخرى مثل النقل العام ووسائل النقل الأخرى ووسائل النقل الهجينة وحتى الانتقال مستقبلاً نحو سيارات الهيدروجين وجميع هذه الحلول ستساهم في خفض الانبعاثات من المواصلات وهذه جزء من الجهود من الحكومة أو الشركات متجهة إلى هذا المجال لخفض نسبة البصمة الكربونية للسلطنة.

وأوضح الشيباني أن قطاع الطاقة سيكون موجودًا في السلطنة، ونحن حاليًا في مرحلة تحول للطاقة وهذا التحول يكون بصورة تدريجية وليس بشكل مباشر لاستبدال قطاع النفط والغاز حاليًا بقطاع آخر كون هذه المرحلة صعبة جدًا بالوضع الحالي، بالرغم أنه في أوروبا فإن هذا خيار مطروح للنقاش بسبب الوضع مع أوكرانيا وكون روسيا هي المصدر الأول للغاز في أوروبا، ولكن في دولنا كوننا معتمدين على قطاع النفط والغاز فالانتقال من هذا المجال إلى آخر يتطلب فترة زمنية وتدرّج فيه، فاليوم من الصعب في الفكر بالسلطنة استخدام السيارات الكهربائية والفكر الأصعب هو استخدام سيارة بالهيدروجين، ولكن هذا إطار محتمل في السلطنة وهذا سيكون مجال جديد، وأول المتبنين لهذه الأفكار البيئية ولكن فاتورتها عالية جدًا حاليًا.

 

خدمات بحثية واستشارات فنية

 

من جانبه قال الدكتور راشد العبري؛ مدير مركز أبحاث الطاقة المستدامة وأستاذ مشارك في قسم هندسة الكهرباء والحاسب الآلي في جامعة السلطان قابوس، عبر برنامج "القمة الخضراء" أنه تم إنشاء مركز أبحاث الطاقة المستدامة تلبية لاحتياجات قطاع الطاقة المستدامة وتحقيقًا للاستدامة في هذا القطاع وتنويع مصادر الطاقة في السلطنة من خلال التوجّه نحو الطاقة المتجددة عوضًا عن الاعتماد الكلي على مصادر الطاقة التي تعتمد على الوقود الأحفوري،

وحول إنشاء واختصاصات مركز أبحاث الطاقة المستدامة والتي تتمحور حول الطاقة المستدامة؛ أشار العبري إلى أنه تم إنشاء المركز في عام 2017م وهو أول مركز بحثي يهتم بمجال الطاقة المستدامة في السلطنة، ويبحث المركز في المواضيع المتعلقة بسياسة الطاقة واستراتيجياتها والطاقة المتجددة وأنظمة الطاقة الكهربائية المتكاملة وإدارة الطاقة واستخدامها الرشيد وجوانبها الاقتصادية والاجتماعية، كما يهدف إلى توحيد الجهود الفردية للباحثين في مجال الطاقة في جامعة السلطان قابوس بتكون تحت مظلة واحدة شاملة بحيث تكون أبحاث جميع الكليات من كلية الهندسة وكلية العلوم وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وكلية الزراعة والثروة السمكية تحت نفس المظلة كون جميع هذه المجالات تلعب دورًا رئيسيًا في مجال الطاقة، ولهذا يعمل المركز كبؤرة تستقطب جميع الخبرات في الجامعة في مجال الطاقة بحيث توجد خبرات مختلفة في مجالات مختلفة ويوفر مكان موحّد لهذه الخبرات من أجل تقديم خدمات بحثية واستشارات فنية وغيرها للقطاع الصناعي أو الحكومي في السلطنة، إلى جانب إمكانية تقديم الخدمات لخارج البلد كذلك سواءً في دول الخليج أو حتى دول العالم، كما أنه لا يمكن فصل العلوم والمجالات عن بعضها وهذه العملية هي عملية تكاملية، وحتى في النظر إلى البعد الاجتماعي فإنه لن يتم دراسة التأثير الاجتماعي للطاقة المتجددة في كليات الهندسة ولكن هذه الدراسات قد تتم في كلية الآداب، والجوانب التنظيمية والسياسية وغيرها قد تكون في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكلية العلوم قد تكون لها اختصاصات فيزيائية وكيميائية من أجل الوصول إلى أفضل الطرق التحليلية سواءً في الانتاج أو في تحليل الأنظمة نفسها بحيث يتم الوصول إلى أفضل النتائج، وكلية الهندسة فيها خبرات واسعة في مختلف المجالات سواءً في الكهرباء أو قسم الميكانيكا أو هندسة البترول والهندسة الكيميائية، ويمكن الجمع بين كل أنواع العلوم هذه وعمل نوع من الترابط بينها بحيث يتم النظر على سبيل المثال في تحديات ومشاكل القطاع الصناعي ومن ثم يتم جمع جميع الخبرات في بوتقة واحدة تحت مظلة المركز بالتعاون مع جميع ذوي العلاقة من أجل إنتاج منظومة بحثية تساعد في إيجاد حلول لهذه التحديات، والمركز يهتم بتطوير الأبحاث داخل منظومة الجامعة ولكنه ينظر إلى التعاون مع مختلف الجهات خارج الجامعة ففي حالة وجود نقص في الخبرات من خارج الجامعة فإنه يمكن الاستعانة بخبرات دولية وذلك لإنتاج ركيزة بحثية متينة، كما يدعم المركز مشاريع وأيحاث الماجستير والدكتوراة وغيرهم إضافةً إلى الأبحاث ذات العلاقة.

وأضاف بأن المركز متوزع بالوقت الحالي في الجامعة وليس له مبنى موحد، بحيث يوجد المركز في مبنى ولكن له أجهزة في مختلف الكليات بالإضافة إلى إنشاء مختبرات تابعة للمركز والتي ستقوم بتقديم خدمات للقطاع الصناعي سواءً في مجال الفحوصات، بحيث يستطيع القطاع الصناعي عمل مختلف الفحوصات التي يحتاج إليها في الجامعة وداخل السلطنة عوضًا عن التوجّه إلى أوروبا لعملها، إلى جانب عمل مختلف الأبحاث داخل الجامعة كذلك، ومن المتوقع الإنتهاء من العمل على بناء المبنى الخاص بالمركز خلال هذا العام بدعمٍ من شركة أوكسيدنتال، كما يعمل المركز لتحقيق رؤيته بأن يكون مركزًا رائدًا في مجال أبحاث الطاقة المستدامة وتعزيزها في السلطنة ومنطقة الخليج وخارجها، كما يهتم المركز بمواصلة تطوير التكنولوجيا في شتى المجالات من أجل خلق بيئة مستدامة داخل البلد.

 

مختلف الطلبات

 

ويتمحور دور المركز في دعم التحول نحو الطاقة المتجددة، ويوجد لدى المركز أكثر من اتّجاه كونه مؤسسة بحثية داخل الجامعة فإنه يركز على 3 أساسيات وهي أساسيات بحثية واستشارية، وأساسيات تعليمية من خلال تقديم ورش العمل وجلب خبرات معينة لتقديم ورش عمل أو محاضرات ودروس، إضافةً إلى خدمة المجتمع على سبيل المثال التعاون مع القمة الخضراء، كما يركز المركز على 5 محاور رئيسية داخل أساسيات عمل المركز مثل دراسة سياسيات واستراتيجيات الطاقة المتجددة إلى جانب تعاونه مع المراكز الأخرى في مختلف الطلبات التي ترد إليها إن تطلّب الأمر، وتكامل أنظمة الطاقة ذاتها مثل دراسة طاقة الرياح واستثمارها وإلى أين تتجه وعملية تركيبها وعلى سبيل المثال فإن الطاقة الشمسية تدخل في منظومة شبكة عمان لذا يقوم المركز بدراسة عملية ربطها والتحديات التي تواجهها وأي جوانب أخرى كجودة الطاقة وعملية استقرارها بحيث يتم دراسة كافة التحديات، وذلك لأن الطاقة المتجددة ليست مستمرة وفي الوقت الحالي فإن شبكة عمان تعمل على الوقود الأحفوري وهي طاقة مستمرة ومدروسة ومحسوبة لمعرفة كمية الانتاج والاستهلاك في كل لحظة بحيث يتم تغطية كافة الجوانب المتعلقة مثل معرفة الفاقد والمنتج والمستهلك ومن الأكثر استهلاكًا، بينما الطاقة المتجددة فلا يمكن تقديم أي ضمانات حول استمرارية انتاجها طوال الوقت بحيث أن الشمس قد تغيب في بعض الأوقات وفي فترة الليل لن يكون هناك أي إنتاج على سبيل المثال وفي هذه الحالة فإن مثل هذه الانقطاعات ستؤثر في إمكانية استمرارية وجود الطاقة، وبالتالي يجب العمل على إيجاد حلول لضمان استمرار الطاقة المنتجة، وهذا من ضمن دراسات المركز حيث يعمل على هذه الدراسات طالبة في درجة الدكتوراة وطالب في درجة الماجستير.

 

كفاءة الطاقة وإدارتها

 

وأضاف العبري أن المحور الثالث الذي يعمل فيه المركز هو كفاءة الطاقة وإدارتها، وذلك نظرًا لأن الطاقة تُضخّ إلى مختلف المستهلكين مثل المجمعات السكنية والمنازل وغيرها وتتفاوت كميات وطرق الاستهلاك بين المستهلكين، واستخدام الوقود الأحفوري في انتاج هذه الطاقة وعدم إدارة استخدامها يؤدي بالتالي إلى زيادة الانبعاثات نتيجة سوء استخدام الطاقة، ولهذا يقوم المركز بدور كبير في هذا المجال نظرًا لوجود الكفاءات والأجهزة والأدوات المناسبة لدراسة وتحليل هذا المجال، والمحور الرابع هو الطاقة المتجددة بمختلف أنواعها ولكن التركيز في الوقت الحالي هو على طاقة الرياح والطاقة الشمسية بحيث يتم عمل دراسات وأبحاث وتقديم دورات معتمدة في مجال الطاقة الشمسية، وأشار إلى أنه تم إضافة المحور الخامس لعمل المركز خلال العام الماضي ويتعلق بدراسة الهيدروجين والهيدروجين الأخضر وصافي الانبعاثات الصفري وإزالة الكربون إضافةً إلى التخزين، فالطاقة المتجددة لا يمكن ضمان استمراريتها بنفس الوتيرة حسب احتياج السوق ولذلك توجد حاجة إلى وجود دعم في حالة التأرجح في الطاقة وهذا قد يتأتى من خلال أدوات التخزين وتوجد الكثير من الدراسات في هذا المجال بحيث يتم وضع تخزين معين أو يتم اللجوء في المستقبل إلى عملية استبدال الطاقة بطاقة أخرى مثل الهيدروجين والتركيز الحالي ينصب على الهيدروجين الأخضر إلى جانب العمل على تحقيق التزام السلطنة نحو تقليل الانبعاثات الكربونية لتكون بحلول عام 2040 حوالي 2% إلى 4% حسب اتفاقية باريس، وعلى هذا الأساس إلى ما تم النظر في التحول نحو الطاقة المتجددة فإنه يوجد حد معين بحوالي 20% إلى 25% لا يمكن تجاوزه من الطاقة المتجددة مع طاقة الوقود الأحفوري، بحيث لو حدث هذا التجاوز ستكون هناك مشكلة في الشبكة واستقرارها، وبالتالي يتم اللجوء إلى حلول أخرى مثل الاستثمار في مختلف أدوات التخزين وليست البطاريات فحسب، وطرق التخزين مختلفة وشاسعة وقد تزيد التكاليف فيها كونها مكلفة نوعًا ما، كما أنه لا يمكن القول بأن الهيدروجين هو وقود كونه حامل للطاقة وقد يكون أحد أدوات التخزين في المستقبل، ويمكن استخدام الهيدروجين الأخضر بطريقتين، ومحطات الوقود الأحفوري تعمل بالغاز حاليًا ولهذا يمكن أن يتم الانتاج من خلال خلايا الوقود وهذا نظيف جدًا ولكنه يحمل العديد من التحديات سواءً في التكاليف كون انتاج الهيدروجين مكلف جدًا أو حجم المنظومة، والنقطة الأخرى تتمحور حول الاستعمال الحراري بحيث يتم عملية خلط الغاز مع الهيدروجين وهي طريقة أقل تكلفة نظرًا لوجود البنية التحتية في محطات التوليد وبالتالي يمكن استعمالها لفترة معينة وبحسب إمكانية تحمّل كل توربية أو مولّد حيث يتحدث بعض المصنّعين بوجود إمكانية خلط الهيدروجين بما مقداره 30% مع الغاز، وفي بعض المحطات القديمة قد تصل النسبة إلى 15% أو 5% حسب نوع المحطة، ولهذا يكمن التحدي في تقليل استهلاك الغاز وتوفيره لصناعات أخرى إلى جانب تقليل الانبعاثات، ويتبر الغاز إحدى الثروات ومن الملاحظ ارتفاع أسعار الغاز في الوقت الحالي ولهذا لا يمكن خسارة الغاز بشكلٍ تام كونه ثروة مستقبلية للسلطنة، إلى جانب وجود ثروة جديدة يمكن استغلالها داخليًا ويتم فتح المجال مستقبلاً في السوق الخارجي، إضافةً إلى خلق سلسلة صناعية كاملة وفرص عمل وغيره وهذا يعني أننا مقبلين على تحول صناعي كبير لأجل الطاقة في البلد بمختلف أنواعها، وهذا أحد الجوانب التي يركز عليها المركز وتوجد الكثير من الأبحاث في هذا المجال وتعاون مع مختلف الجهات مثل التعاون مع شركة الغاز الطبيعي المسال وتم قطع شوطٍ كبير في هذا الجانب ودراسة استغلال الهيدروجين الأخضر في صور وما بعدها، بحيث يتم النظر في المستهلكين المحتملين للهيدروجين الأخضر في صور وكمية النسبة المناسبة للمستهلكين وحجم النظام، ويتم نشر الأبحاث بالاتفاق مع الشركة كونها هي الجهة الممولة للمشروع وبالتالي لا يمكن نشر أي شيء علميًا إلا عقب الانتهاء من المشروع وبالتفاهم مع الشركة حول ما يمكن الاستفادة منه بحثيًا في مجال النشر وما يمكن أن تستفيد منه الشركة علميًا ولكن يمكن نشر أشياء عامة فقط لأن المشروع بالكامل يكون من شأن الشركة كون البيانات المستخدمة في المشروع تابعة للشركة نفسها وهي ليست جهود فردية لباحث معين.

 

نقل الهيدروجين

 

وحول استحداث المحور الأخير في عمل المركز نتيجة انضمام الجامعة إلى التحالف الوطني الأخضر الذي تم إنشاءه في شهر أغسطس 2021؛ أوضح العبري أنه تم إنشاء التحالف بالتعاون مع وزارة الطاقة والمعادن ويهدف إلى دفع انتاج الهيدروجين في السلطنة قدمًا، وعدد المؤسسات فيه يصل إلى 15 مؤسسة من القطاع الأكاديمي والمؤسسات البحثية والقطاع الخاص وخصوصًا قطاع النفط والغاز كونه محرك للطاقة في البلد، وذلك لدراسة الهيدروجين ومستقبله وكيفية استعماله وتخزينه ومتى يمكن استعماله وغيره، ويتم دراسة هذا الجانب مجتمعيًا أم من خلال المنظومة الاقتصادية، إلى جانب دراسة كيفية نقل الهيدروجين وإنتاجه كون البلد واسعة جغرافيًا وتتميز بوجود مختلف التضاريس الجغرافية من جبال وسهول بحيث توجد بعض الأماكن التي يصعب فيها نقل الهيدروجين من خلال الأنابيب وفي أماكن أخرى يكون أفضل سبيل لنقل الهيدروجين هو من خلال استخدام الأنابيب وهذا يعتمد على طريقة تخزين الهيدروجين، وبالنظر إلى الأماكن التي يمكن استثمارها واستغلالها في انتاج الهيدروجين في السلطنة فإننا نجد أن محافظة الوسطى هي المكان الأفضل، وطاقة الشمس موجودة في كل مكان ولكن الحاجة إلى عمل استثمار كبير يعني الحاجة إلى مساحات كبيرة وتتوفر هذه المناطق بصورة أكبر في عبري وأدم والوسطى، ولكن هذه الأماكن تعتبر بعيدة عن المستهلكين وحتى التصدير، لذا فالمسافة وتكوين المكان والموقع يلعبان دورًا كبيرًا في هذا الجانب، ولهذا يجب دراسة كيفية نقل الهيدروجين من أجل تحديد الطريقة وهل سيتم نقله من خلال الأنابيب أو بطريقة سائلة أو تحويله إلى أمونيا أو ميثان وغيرها، ولا توجد أي توصيات محددة كون هذا يعتمد حسب المكان المنتج للطاقة ومدى توفر شبكة الكهرباء، فعلى سبيل المثال إذا ما تم اختيار الدقم كموقع للاستثمار لانتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وكان المستهلك في صحار أو نزوى أو صور فيكون السؤال هو هل تستحمل الشبكة الكهربائية عملية نقل هذه الطاقة إلى المستهلكين؟ وهذا يعتمد على حجم المطلوب، والمسؤولين في شركات الكهرباء يقومون بحسابة هذه الأشياء إضافة إلى إلمام ودراية الهيئة العامة للخدمات بهذا الجانب كونها أحد الأعضاء في التحالف.

وأضاف أنه من الممكن انتاج الطاقة بالكامل في منطقة الدقم ويتم نقل الطاقة عن طريق البحر بحيث يمكن نقل الهيدروجين عن طريق السفن، وهذا يعني أنه يمكن الاعتماد على طرق نقل أخرى عوضًا عن الأنابيب، أما نقل الهيدروجين فإنه في صور على سبيل المثال توجد البنية التحتية لشركة الغاز، ويمكن لهذه الشركة يمكن أن تمر بمراحل بحيث تكون المرحلة الأولى أن يكون في نفس الشحنة وهذا كله قيد البحث والدراسة حيث يمكن أن تكون هناك اتفاقيات معينة أو تحديات أخرى في هذا الجانب، ولكن نظرًا لوجود البنية التحتية فهذا يعني إمكانية تصدير الهيدروجين عن طريق صور على سبيل المثال.

 

الباحثون والمختصون

 

وقال:يعمل المركز على مختلف الأبحاث والدراسات في مجال طاقة الهيدروجين بمختلف المراحل من الانتاج والتخزين والنقل وغيرها، ويوجد العديد من الباحثين والمختصين في مختلف المجالات من كلية الهندسة وكلية العلوم وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية وكلية الزراعة، وبهذا تتوفر قاعدة متينة من الباحثين كلٌّ حسب مجاله وتتوفر الإمكانية لعمل مختلف الأبحاث، بحيث يتم دراسة التحديات في القطاع الصناعي والتعاون مع مختلف الجهات.

وحول المحطة الهجينة والتي تجمع مختلف أنواع الطاقات مثل المولد الكهربائي الذي يعمل على الديزل وبطاريات الوقود التي تعتمد على الليثيوم إضافةً إلى الطاقة الشمسية وطاقة الهيدروجين في شكل الميثانول؛ أوضح العبري أن هذه المحطة تعتبر بؤرة مميزة للأبحاث، وهذه المحطة هي محطة مصغرة جدًا تتكون من مولد ديزل يبلغ حجمه حوالي 6 كيلو واط، وخلية ميثانول بحجم حوالي 5 كيلو واط، إضافةً إلى 6 كيلو واط من الطاقة الشمسية وتخزين 15 كيلو واط وهذه الأجزاء جميعها مربوطة ببعضها البعض، وأنظمة المايكروجريد هي الشبكة المصغرة وهي تربط جميع مصادر الطاقة هذه، فعلى سبيل المثال يوجد في مناطق الامتياز أو مخيمات وزارة الدفاع أو الشركات النفطية كمثال ففي بعض الأماكن لا تتوفر الشبكة وهي تحتاج إلى طاقة والطاقة الوحيدة التي يمكن الاعتماد عليها في هذه المناطق هي الديزل في الوضع الحالي، والديزل هو ملوّث في حد ذاته كما أن سعره مرتفع إلى جانب عملية النقل وتحدياته مثل نقل الديزل من مسقط إلى هذه المناطق فإن هذا سيكون مكلفًا فلماذا لا يتم التفكير بالنظام الهجين؟ والنظام الهجين قد يكون منظومة حسب المكان والتصميم بحيث يضم على سبيل المثال الديزل والطاقة الشمسية والهيدروجين، ويمكن مستقبلاً إدخال خلية الوقود التي تعمل بالهيدروجين وفي هذا محاولة لمواكبة المستقبل، وكوننا في البداية فإنه من الممكن استثناء خلية الهيدروجين ولكن بقية النظام من الممكن أن يعمل معًا، واستغلال الميثانول يتم لكونه متوفرًا عن طريق صلالة للميثانول ومن الممكن اعتباره شكلاً من أشكال الهيدروجين كونه يحتوي على هيدروجين وكربون والذي سيتم فصلهم من خلال الخلية من أجل الحصول على الهيدروجين، وهذا قيد الدراسة بالتعاون مع أوكيو وكان سابقًا بالتعاون مع صلالة للميثانول، والهدف من الميثانول هو دراسة امكانية استغلاله في السلطنة تجاريًا مع الوقود الأحفوري بحيث يتم تقليل الانبعاثات، وتختلف الكفاءة في مختلف الطاقات ويمكن دراسة الكفاءة على حدى، وفي حالة الميثانول يمكن دراسة إمكانية خلطه أو عن طريق مولد الديزل والذي يمكن عن طريق الأبحاث تبديل عمله من الديزل إلى الميثانول مستقبلاً، وهذا من ضمن الخطط وبالتأكيد فإن الوصول لهذا يحتاج إلى وقت ودعم من مختلف الكليات من خلال طلبة الدراسات العليا كونهم اليد العاملة التي يمكن أن توفر وتقوم بهذه الأبحاث من أجل التطوير.

 

شبكة ذكية

 

وأضاف بأنه يمكن تحويل الشبكة إلى شبكة ذكية، ودراسية إمكانية تغيير أجهزة التخزين وما هي أفضل الطرق، ويكمن الهدف من عمل محطة هجين هو التقليل من الديزل ولكن إذا ما تم التقليل منه فالسؤال يكون ما هو المخزون والحجم المناسب؟ وكل الدراسات قائمة في هذا الجانب، وفي حال تم نقل المحطة إلى منطقة أخرى فإنه لا يمكن الجزم بأن المحطة ستكون بذات الحجم لأنه قد لا توجد إحدى أنواع الطاقات مثل عدم وجود طاقة الرياح في مسقط ولا يمكن الاعتماد عليها فيها، لذلك يتم الاعتماد على طاقة الرياح في منطقة أخرى وبالتالي في حالة إضافة طاقة الرياح فإن حجم الخزان سيتغير لأن طاقة الرياح تكون معظم أيام السنة متوفرة في المناطق الشرقية إلى الجنوبية من السلطنة وبسرعة ممتازة جدًا بحيث لا يقل متوسطها عن 5 إلى 6 كيلومتر في الساعة والتي تعتبر منتجة للطاقة.

وحول التحديات التي يواجهها المركز؛ أشار العبري إلى أنه قد تكون أحد التحديات هي فتح نوافذ التعاون مع القطاع الخاص من أجل دعم كامل البحوث في السلطنة، وتوجد بعض الجهات الداعمة للبحوث بحيث تعطي مشكلة معينة ويتم طلب عمل افتراضية معينة والتعاون من أجل حل المشكلة، فالعمل في إعداد مختلف الأبحاث والدراسات داخل السلطنة يعني بناء خبرات داخلها عوضًا عن الاعتماد على استشاريين من خارج السلطنة بحيث يتم توفير استشاريين من داخل البلد، كما أن المركز في حال عدم توفر الخبرات الكافية فإنه يتم جلب خبرات من خارج السلطنة ويتم الاستفادة لاحقًا من هذه الخبرات من خلال التدريب أو عمل أبحاث واستشارات على سبيل المثال الهيدروجين الأخضر في صور والذي يعمل عليه خبراء ومختصين من السلطنة ولكن تم كذلك عمل تحالف مع مختبرين مختصين في كوريا وذلك للاستفادة من خبراتهم كونهم بدأوا في هذا المجال قبل السلطنة ولتجنب البدء من الصفر، وبهذا يتم الاستفادة من خبرات عالمية إلى جانب تدريب كوادر وخبرات وكفاءات محلية في هذا المجال.

 

أكبر بكثير

 

كما أوضح الدكتور محمد العبري؛ مدير مركز أبحاث تقنية النانو وأستاذ مشارك في هندسة النفط والكيمياء في جامعة السلطان قابوس أن الطاقة المتجددة هي أكبر بكثير من مجرد انتاج الطاقة، فهي تعتبر كأساس لانتاج الطاقة وغالبًا ما تكون طاقة الكهرباء أو تكون بديل للطاقة البدلية مثل الوقود الأحفوري لانتاج الكهرباء، لأنه يمكن استخدام الطاقة المتجددة من أجل انتاج أمور أخرى ثانوية أو حتى في مجال انتاج المياة بشكلٍ مباشر دون المرور بانتاج الطاقة، وأكبر دليل على هذا استخدام الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين ولهذا توجد بدائل مختلفة لانتاج الهيدروجين الأخضر، كما يمكن استخدامها لإيجاد حلول مبتكرة وجديدة في مجالات مختلفة من ضمنها معالجة المياة أو انتاج أصباغ ومعالجة لتكون ضد الخدش وضد التكتلات الحيوية وضد الصدأ، ولهذا فإن الطاقة المتجددة لها استخدامات عديدة أكثر من مجرد كونها سبيل لانتاج الكهرباء، وجزء صغير منها فقط يتمحور حول انتاج الهيدروجين الأخضر، كما أن مفهوم الاقتصاد الدائري يعني أنه يمكن البدء والانتهاء بالطاقة، ولهذا يمكن استخدام الهيدروجين الأخضر والذي يمثل طاقة نظيفة بدون انتاج كربوني لانتاج الطاقة، حيث أن المتبع الآن هو انتاج الطاقة من النفط والغاز، ومن أجل انتاج الهيدروجين فإننا نحتاج إلى مياة ومن أجل انتاج المياة فإننا نحتاج إلى طاقة ولهذا يتم البدء بالطاقة المتجددة لانتاج هيدروجين أخضر من المياة كعامل رئيسي للانتاج من أجل انتاج هيدروجين كناقل للطاقة ومن ثم يمكن استخدامه كطاقة مباشرة أو تخزينه من أجل استخدام الهيدروجين الأخضر لانتاج مادة أخرى للنقل، لذا فإن هذا المجال كبير وواسع أكبر من كونه مجرد حديث حول الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة.

وأضاف أن الهيدروجين الأخضر هو نوع من أنواع انتاج الهيدروجين، والذي يتضمن عدة أنواع منها الهيدروجين الأزرق والهيدروجين البني والرصاصي، وهذا المجال وتقنياته موجودة سابقًا ولكنه تكلفته عالية من حيث الانتاج إلى جانب حاجتنا لطرق جديدة صديقة للبيئة ويعتبر الهيدروجين الأخضر من أكثر الطرق صداقةً للبيئة.

 

تطور بالمحفزات والمحللات

 

وحول وجود علاقة بين النانو والهيدروجين؛ أشار الدكتور محمد إلى وجود علاقة كبيرة بينهما وهي أكبر من مجرد هيدروجين، لأنه مثلما طرح سابقًا فإن هذا المجال يشمل انتاج الطاقة أو انتاج الهيدروجين أو استخدامات طرق بديلة صديقة للبيئة، ففي قسم هندسة النفط والكيمياء ومن ثم تقنية النانو وفي عام 2017 تم إنشاء مركز أبحاث تقنية النانو، ولكن العمل على الطاقات المتجددة والمستدامة تم البدء فيها قبل عام 2010 ولهذا فإنه توجد خبرة كبيرة ومتراكمة في هذا المجال وهي ليست فقط لانتاج الهيدروجين أو من المركز فحسب وإنما كذلك من منظور التحفيز الضوئي والتحفيز الشمسي وهذا لانتاج الطاقة أو استخدام طرق جديدة لانتاج المياة أو انتاج مواد صديقة للبيئة ذات طبيعة فعالة في منتج لعمل وظيفة مختصة، ومنذ عام 2017 يوجد عدد من الخريجين بدرجات الدكتوراة والماجستير يختصون فقط بالطاقة المتجددة أو تقنيات النانو في الطاقة المتجددة وانتاج الطاقة، وهذا يتضمن انتاج الطاقة بشكل مباشر من المياة وتحليل المياة بحيث يتم انتاج الهيدروجين واستخدام الهيدروجين لانتاج الطاقة يكون في نفس الجهاز عوضًا عن البدء بالانتاج من الصفر، بحيث تقوم الطاقة الشمسية بتحليل المياة إلى هيدروجين والذي يتم استغلاله كهيدروجين أو منتج للطاقة أو ناقل للطاقة، ويوجد طالب دكتوراة سيتخرج عما قريب ودراسته مختصة بانتاج الهيدروجين من خلال التحفيز الضوئي، ولكن المسألة إلى الآن هي ارتفاع تكلفة انتاج الهيدروجين الأخضر ولهذا فإنه كمنتج رئيسي ونهائي لا زالت هناك طرق أفضل لانتاج الكهرباء أو الطاقة المتجددة أكثر منفعة، ولكن الحديث عن الهيدروجين الأخضر هو مهم جدًا كون التوقعات أنه بحلول عام 2030 سيكون هناك تطور بالمحفزات والمحللات نظرًا لكثرة الدراسات والأبحاث في هذا المجال وبهذا سيكون هناك انخفاض كبير بمعدل الثلث من تكلفة المحفزات والمحللات ولهذا فإن تكلفة انتاج الهيدروجين الأخضر سيكون منافس للوقود الموجود حاليًا.

وأضاف أن الهيدروجين الأخضر ينتج من المياة ومن أكبر التحديات الحالية هي وجود محللات قادرة على الصمود وتحليل المياة غير الصافية تمامًا، حيث أنه في الوقت الحالي يجب إدخال المياة إلى مصفيات في البداية ومن ثم تحليله، بحيث يجب تحلية المياة من كل الشوائب من أجل انتاج الهيدروجين الأخضر، ولهذا يوجد فرق كبيرة عالمية تعنى فقط بطرق انتاج إما عن طريق طرق حديثة لمعالجة وتحلية المياة بطريقة أنسب تناسب انتاج الهيدروجين الأخضر أكثر من كونها تناسب استخدامات المياة المعتادة للشرب والحاجات الزراعية والصناعية، إلى جانب إنتاج محللات قادرة على التعامل مع المياة غير النظيفة سواءً كانت المياة المعالجة أو المياة الراكدة أو المياة الجوفية أو المياة العادمة وغيرها، وهذا يعتبر أكبر تحدي من أجل انتاج الهيدروجين، وهو جزء من الأعمال التي يتم العمل عليها في مركز أبحاث تقنية النانو وكلية الهندسة.

 

تأهيل الكوادر البشرية

 

وحول تأهيل الكوادر البشرية وإمكانية طرح تخصص دراسي في مجالات جديدة مثل الهيدروجين والطاقة المتجددة، أوضح الدكتور محمد العبري أن هذا الجانب متشعب جدًا حيث أن الجانب الأكاديمي مهم جدًا كوننا ندخل نحو عصرٍ جديد بتقنيات جديدة وبهذا يجب تهيئة المواطنين الشباب والذين بدأوا في هذا المجال، وعملية التأهيل تتطلب وقتًا طويلاً كون التأهيل طويل المدى ولا ينتهي في مدة بسيطة ويجب أن يكون مستمرًا، كوننا بحاجة لأشخاص أكثر يدخلون في هذا المجال سواءً القطاع الصناعي المرتبط بهذا المجال أو الهيدروجين، قد يكون ذلك من خلال عدد من المقررات أو إضافة برنامج، ولكن قبل الوصول إلى إضافة برنامج جديد في الطاقة المتجددة أو الهيدروجين فإنه يجدر بنا الحديث عن هندسة العلوم أو المواد في السلطنة حيث أننا لا زلنا نعتمد على البرامج المعتادة مثل الهندسة الكيميائية والهندسة الكهربائية والهندسة الميكانيكية، وعلوم المواد وهندستها مهمة جدًا كونها تعنى بكل هذه المحفزات وتصنيع أشياء كثيرة بطرق مختلفة، ولهذا فإن علوم المواد مهمة جدًا، والجميل في الأمر أن الهيدروجين الأخضر هو متشعب ومتعدد الأطراف والتخصصات فبالإمكان استخدام المقررات الحالية ودمجها بأسلوب وطريقة مع تغيير أسلوب التدريس، حيث أن الخبرات والإمكانيات الموجودة، والحاجة فقط تكون إلى ربط هذا المجال بالاحتياجات الحالية.

 

طرق التدريس

 

وأضاف أنه حاليًا طرق التدريس تتم عن طريق تدريس المهندس الكيميائي لطلبة الهندسة الكيميائية، والمهندس الكهربائي لطلبة الهندسة الكهربائية وهكذا، ولكن يمكن البدء بأن يكون هناك خليط من الطلبة من عدة تخصصات في مادة معينة بحيث يعملوا معًا كلاًّ حسب خبرته التي اكتسبها من مجاله سواءً كانت في علوم الكيمياء أو الفيزياء أو الأحياء والهندسة، بحيث يتم إدخال أشخاص من مختلف المجالات حتى الاقتصاد والإعلام على سبيل المثال، وهذا ما يذكره الجميع عند الحديث عن الثورة الصناعية الرابعة، لأن أسلوب التدريس وإيصال المعلومة وطريقة استخدامها أهم بكثير من المعلومة المراد إيصالها.

وأشار الدكتور محمد إلى أن مجالات البحث شاسعة وكبيرة جدًا، ومن الممكن التركيز على إيجاد الحلول أو قراءة واستشراف مستقبلي للتوجّه، كذلك مجال الهيدروجين الأخضر بحيث لا يتم التركيز على كيفية انتاجه فحسب حيث أنه هناك مكونات كثيرة يعتمد عليها قبل الانتاج إلى جانب وجود أشياء ما بعد الانتاج، لذلك فإن هذا ليس حصر لبرنامج أو تخصص أو مجال معين وإنما لجميع الاختصاصات، فعلى سبيل المثال تحليل المياة مهم جدًا كون انتاج الهيدروجين الأخضر يكون من المياة، ولكن تحلية المياة مكلفة جدًا كونها من أصعب الأشياء ليس من الجانب التقني وإنما من ناحية التكلفة في تحلية مياة البحر، ونحن في عُمان لدينا مياة بحار في كل مكان، ولكن يمكن كذلك الاتجاه نحو معالجة المياة، كما يوجد المياة المصاحبة للنفط والمياة المعالجة وهي مياة الصرف الصحي والتي يمكن استخدامها إلى جانب أنواع المياة الأخرى، ويمكن انتاج الهيدروجين الأخضر من الشوائب، إلى جانب انتاج الهيدروجين الأخضر بالنفس، فالمحفزات والمحللات والطرق الجديدة الأكثر استمرارية واستقرارًا وفعالية وجوانب كثيرة أخرى تدخل في هذا المجال، حيث أن التقنية موجودة في العالم ولكنها غير تنافسية والجميع يسعى لخلق تقنية منافسة للتقنيات الموجودة حاليًا، ومن ثم يتم البدء بدراسة عملية التخزين والاستخدام والنقل، وهذه المجالات المرتبطة بالهيدروجين الأخضر فقط، ويمكن العمل والبحث في باقي المجالات مثل المجالات البيئية والصناعية والأمن والسلامة، والتأثر في علوم المواد من حيث التأثير في استمراريتها واستقرارها والصدأ وغيرها، إلى جانب الاقتصاد ونحن بحاجة لدراسة واسعة اقتصادية لمعرفة ما سيكون في المستقبل.