ما هذا البؤس في التلفزيونات!؟

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٧/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٥٠ ص
ما هذا البؤس في التلفزيونات!؟

لميس ضيف

"اليوم الأسود"، "غرابيب سود" و "كحل أسود قلب أبيض" أسماء مشؤومة لمسلسلات رمضانية تُورث الهم والكآبة وجدت طريقها لأهم القنوات التلفزيونية! ما هذا البؤس والتشاؤم ومن ربط رمضان في قاموسهم بإنتاج كل ما هو كئيب ومثير للغثيان؟

حتى الدعايات التلفزيونية؛ حتى الإعلانات نقول؛ صارت تمتطي المآسي وتستخدم المواجع أشرعة وتستمطر الدموع وتراها وسيلة لكسب "الزبون"! فتذكرك الدعايات بمن فقدتهم بالموت؛ وبمعاناتك في الغربة، وبمخاوفك وهواجسك حتى لتعلن عن مشروبك المنعش!

للأسف يُدمن العرب التقليد الأعمى. فإن ما نجح إعلان أو مسلسل واحد بسبب درامي سترى، في العام الذي يليه، 10 مسلسلات و20 إعلاناً على شاكلته !

سقى الله الأيام التي كان وقت الإفطار فيها وقت بهجة وابتسامة، مع مسلسلات رمضان الطريفة "كخالتي قماشة" و"درس خصوصي" و "خرج ولم يعد" و"غوار الطوشه" ومسلسلات ياسر العظمة وغيرها. تلك الأيام التي كانت العائلة – بأكملها – تستطيع أن تحملق في التلفاز دون خوف من مشاهد الاغتصاب والتلميحات غير اللائقة واستعراضات اللحم الرخيص والمشاهد العنيفة التي لا تتناسب مع كل الأعمار ولا تناسب واقعا أي أحد في هذا الشهر الفضيل.

يُخطئ، ويُخطئ جداً، من يربط بين الجدية والكآبة. ومن يروج أن تلك الأطروحات هي واقع يجب معالجته في المسلسلات وكأن بسطه في المسلسلات يُقدم حلاً ما أو خدمة ما للناس. التلفزيون ليس مُربيا لأحد. وليست من واجباته – فعليا – تقديم حلول بقدر ما يُثير تساؤلات. ووسائل المعرفة كثيرة ومتنوعة ولديها مسارب ووسائل أعمق للتعاطي مع القضايا الشائكة. أما الدراما التلفزيونية فمهمتها التسلية وبرمجة العقل والسلوك للتعاطي – بشكل محدد – مع بعض القضايا وبعض الفئات. ولأن المهمة الأخيرة بحاجة لعقول تخطط ولدراسة معمقة. فقلما نجد مسلسلاً قد نجح فيها بل على العكس تماماً. تعمل تلك المسلسلات للترويج للنماذج السلبية، وللسلوكيات الشاذة، وتقدمها بشكل مقبول عبر توظيف فنانين ذوي جاذبية وشعبية لتجسيدها. وهي بحد ذاتها جريمة قد لا يدركها مقترفوها.

ورغم أننا نستصغر الكوميديا الساذجة. القائمة على والاستهزاء بالبشر والقيام بحركات سمجه، إلا أنها تبقى أفضل من طرح كل ما هو شاذ – لا بهدف معالجته – بل لإثارة الجدل لا أكثر.
ويبقى المشاهد هو الفيصل في أمر كهذا. فالعزوف عن متابعة ذلك الإنتاج كفيل بإيصال رسالة لمقدميه الذين هم تجار في النهاية لا أكثر ولا أقل..