محمود محيي يكتب: "وائل الدحدوح".. كبيرنا الذي علمنا الصبر

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢١/ديسمبر/٢٠٢٣ ١٦:٤٧ م
محمود محيي يكتب: "وائل الدحدوح".. كبيرنا الذي علمنا الصبر
الكاتب الصحفي محمود محيى
"وائل الدحدوح".. يعجز اللسان عن وصف الصبر الذي منحه الله عز وجل لهذا الرجل الذي جعلنا جميعاً نحن الصحافيين في جموع ربوع الأرض نعمل في بلاط هذه المهنة الشاقة التي ظاهرها الرحمة وباطنها المشقة والبحث عن العذاب فخورون كل الفخر به وعن ما يقدمه للعالم هو وزملاءه بقطاع غزة المنكوب من كشف حقائق جرائم كيان محتل مجرم غاصب يتعايش على دماء الأبرياء.

فمنذ بداية المجزرة الصهيونية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، يظهر علينا الدحدوح المولود في مدينة غزة العزة عام 1970، على شاشة قناة "الجزيرة" يفضح جرائم الجيش الصهيوني، صامدا مرابطا في وجه المدافع والقنابل بكل أنواعها شأنه شأن جميع أهالينا في غزة.


في بداية الحرب فقد الدحدوح أعز أحبائه زوجته وأبنائه وأحفاده بغارة جوية من جانب جيش "حثالة الأمم"، ورغم هذا خرج علينا في اليوم الثاني بعد دفنهم بكلمة "معلش" ليستكمل مشواره في كشف المجازر والمذابح التي يرتكبها الصهاينة ليل نهار أمام نظر ومسمع العالم أجمع.


ومنذ عدة أيام أصيب الدحدوح جراء قصف صهيوني على مدرسة "فرحانة" في خان يونس جنوبي قطاع غزة، في هجوم أدّى إلى استشهاد زميله المصور سامر أبو دقة، وكانت الدهشة أنه بعد تلقيه الإسعافات الأولية بالمستشفى ووداع صديقه ودفنه، خرج علينا مرة أخرا ممسكا بميكرفونه أمام الكاميرا يتابع ما بدأه منذ المعركة واقفا على قدميه شامخا كجبال نابلس وجنين.


"الدحدوح" هذا الصخرة الذي تتحطم عليها أكاذيب الاحتلال يعلمنا الصبر ولا يزال، فهو "كبيرنا الذي يعلمنا الصبر" في هذه المحنة الإنسانية التي لم يشهد لها التاريخ فظائع مثلها من قبل، فكلما شاهده واقفا شامخا أمام الكاميرا بعد كل المآسي التي ما مر به هو وأهالي القطاع من نكبات ومجازر، أتذكر قول ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بسورة البقرة الآية (250) : "رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ".


فاللهم أمنح أهالينا في غزة الصبر والنصر وثبت أقدامهم في وجه هذا الطغيان الجارف..