قُبيل الغروب ..اتهامات ومصالح !!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٥/مايو/٢٠١٦ ٠٠:٤٦ ص
قُبيل الغروب ..اتهامات ومصالح !!

خميس البلوشي

لم يكن ذلك الاتهام الذي وجهه رئيس الاتحاد العماني لكرة القدم في لقائه الإذاعي الأسبوع الفائت في إحدى الإذاعات المحلية الخاصة سوى الخاتمة المنتظرة لموضوع تم تسويقه طوال السنوات الفائتة، مفاده أن «هناك بعض الإعلاميين الذين يعملون ضد رئيس الاتحاد شخصياً ولمصلحة شخصية تتمثل حسب قوله في رغبتهم بأن يكونوا من أصحاب القرار في الاتحاد كما كانوا سابقاً»...!

هذا القول -ومع كل أسف- لا يشير إلى الإعلاميين فقط الذين قصدهم الرئيس ضمناً دون أن يصرح بالأسماء، لكنه أيضاً يمثل تجنياً على مجالس إدارات الاتحاد السابقة بأنها كانت تقرب هؤلاء الإعلاميين وتشركهم في اتخاذ القرار لأسباب لا يعلمها إلا رب العباد، وفي العموم هو اتهام لا أساس له من الصحة أبداً.

في أي عمل هناك من يتفق معك وهناك من يختلف ولا يعني هذا الاختلاف أي عداوة شخصية بين الطرفين، والعمل الإعلامي مبني على إيضاح الحقائق والنقد البناء، لكن يبدو أن هناك من لا يريد سوى المديح المستمر مع أن من يدخل المجال الرياضي ويصبح شخصية اجتماعية عليه أن يتحمل حُباً أو كُرهاً الكلام الذي سيسمعه والنقد الذي سيطول عمله، ومع كل أسف هناك أشخاص يعتبرون أي نقد للعمل بمثابة نقد شخصي لهم، ويتم تحوير النقد إلى هذا الاتجاه من أجل كسب عواطف الآخرين.

تعلمنا على مقاعد الدراسة ومن تجارب الحياة المهنية أنه لا يمكن للإعلامي الحقيقي أن يخون مهنته وحرفته أمام الجماهير والمتابعين إرضاء لهذا الشخص أو ذاك، ولا يمكن للإعلامي الحقيقي أن يكون بوقاً لأي شخص مهما كانت درجة العلاقة والمودة بينهما ولا يمكنه كذلك أن يُسوَّق أو يروج للأسماء والشخصيات مهما كانت نوعية وكمية المغريات والعطايا والهبات. نحترم جميع وجهات النظر، ونختلف ونتفق معها وفيها ولكن أخلاق المهنة تفرض على صاحبها أن يكون أمينا وموضوعياً ولا يُجامل أشخاصاً على حساب المصلحة العامة لأن الحقيقة تبقى حقيقة مهما طال الزمان ومهما التف عليها البشر، وأن الخطأ والصواب من أساسيات العمل لكن الخطأ يبقي خطاء مهما حاولنا تجميله والصواب يبقى صواباً مهما حاولنا تشويهه، ومن يريد أن يظل دائماً في دائرة المديح فعليه أن يفتح لنفسه مجالس خاصة ويسمع فيها من المديح ما يشاء ومن الثناء بما لا تكفيه ساعات الصباح والمساء، الشخص الذي يعجبه سماع الثناء على نجاح عمله عليه أن يكون جاهزاً في المقابل لقبول النقد عن أي عمل ناقص أو خاطئ أو تم التقصير فيه. لم يكن لرئيس الاتحاد العماني لكرة القدم الذي تربطني به علاقة احترام متبادل منذ 2007 أن يقول هذا الكلام وهذا الاتهام وهو الشخص الفصيح المفوّه الذي يعرف أساليب التخاطب إلا إذا كانت هناك أسباب نجهلها وضغوطات لم يكن باستطاعته تحملها، خاصة ونحن مقبلون على انتخابات كروية بعد أشهر معدودة. دعونا نطرح سؤلاً عاماً ونقول: ما هي المصلحة الشخصية لأي إعلامي من رئيس أي اتحاد؟ مهنياً هي مصلحة واحدة بحيث يكون هذا الرئيس مصدراً مهماً لأخبار الاتحاد ولأي سبق صحفي، ولكن المصلحة لابد أن تكون معكوسة فرئيس الاتحاد (أي اتحاد) يفترض أنه هو صاحب المصلحة فهو من يحاول أن يستقطب الإعلاميين ويجاملهم ويجالسهم ويكون قريباً منهم من أجل أن يكتبوا أو يقولوا عنه الشيء الإيجابي ويكونوا خط الدفاع القوي عنه في كل المحطات، فليس من المعقول لأي مسؤول أن يكون في حالة عداء أو اختلاف دائم مع الإعلاميين ولا يمكنه كذلك أن يحقق النجاح دون إعلام صادق يقول له الحقيقة ويكشف له الأخطاء. من يتهم أهل الإعلام بأنهم سبب الفشل الذي يقع فيه يحاول جاهداً وفي الوقت الضائع أن يبرر ما لا يمكن تبريره، الآن يبدو أن الحكاية قد انتهت فصولها كاملة وكل شيء بات واضحاً وليست هناك أسرار جديدة، ويبدو أكثر -والعلم عند الله- أن هناك من ينتظر غروب الشمس قريباً.