

نيويورك - مسقط - ش
لم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع قرار أمريكي يؤكد حتمية وقف إطلاق النار في غزة بعد أن استخدمت كلا من روسيا حق النقض (الفيتو )، حيث حصل مشروع القرار على تأييد 11 عضوا في المجلس، وعارضه ثلاثة (الصين وروسيا) اللتان تملكان حق النقض "الفيتو" والجزائر وامتنعت غيانا عن التصويت.
وبحسب موقع الأمم المتحدة الرسمي : “كان مشروع القرار الأمريكي يؤكد على “الضرورة القصوى للتوصل إلى وقف فوري ومستديم لإطلاق النار” لحماية المدنيين من جميع الأطراف والسماح بتوصيل المساعدات الإنسانية الأساسية إلى غزة. و”تحقيقا لهذا الغرض” أيد مشروع القرار الجهود الدبلوماسية الدولية الجارية لتأمين التوصل لوقف إطلاق النار هذا “فيما يتصل بالإفراج عن جميع الرهائن المتبقين”. غير أن هذه التصويت في مجلس الأمن على مشروع القرار الأمريكي حصل القرار على تأييد 11 عضوا، وعارضه 3 وامتنعت غايانا عن التصويت. و “هذه هي المرة التاسعة التي يجتمع فيها مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار حول التصعيد الذي حدث منذ السابع من أكتوبر الماضي. وقد اعتمد المجلس قرارين بشأن الوضع هما القرار رقم 2712، والقرار رقم 2720. “
الولايات المتحدة
وقالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد قبل التصويت على مشروع القرار إن “معظمنا يشترك في العديد من نفس الأهداف. أولا وقبل كل شيء، نريد أن نرى وقفا فوريا ومستداما لإطلاق النار كجزء من صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس والجماعات الأخرى، وهذا من شأنه أن يسمح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية والمساعدات المنقذة للحياة إلى غزة”.
السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة تستعرض مشروع قرار يؤكد حتمية وقف إطلاق النار في غزة.
وأضافت أن قرار مجلس الأمن لن يكون له معنى كبير إذا لم يتم تطبيقه على أرض الواقع، ولهذا السبب تعمل الولايات المتحدة ومصر وقطر على مدار الساعة في المنطقة لتأمين وقف فوري ومستدام لإطلاق النار كجزء من صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن المحتجزين لدى حماس والجماعات الأخرى.
وبعد التصويت، قالت السفيرة الأمريكية تعليقا على استخدام روسيا والصين الفيتو ضد مشروع القرار، إن هناك سببين تهكميين بشدة وراء ذلك التصويت، أولهما أن روسيا والصين “ما زالتا غير قادرتين على إدانة حماس للهجمات الإرهابية التي وقعت في السابع من أكتوبر”. وأوضحت أن السبب الثاني هو أن الصين وروسيا لم ترغبا في التصويت لصالح قرار صاغته الولايات المتحدة “لأنهما تفضلان رؤيتنا نفشل بدلا من رؤية هذا المجلس ناجحا”.
وأضافت “نعلم جميعا أن روسيا والصين لا تقومان بأي جهد دبلوماسي لتعزيز السلام الدائم أو المساهمة بشكل هادف في جهود الاستجابة الإنسانية”. وأشارت إلى أنه ربما يكون هناك مشروع قرار آخر “يرغب بعضكم في النظر فيه، ولكن في شكله الحالي، يفشل ذلك النص في دعم الدبلوماسية الحساسة في المنطقة. والأسوأ من ذلك أنه يمكن أن يمنح حماس ذريعة للانسحاب من الصفقة المطروحة على الطاولة”.
وكانت السفيرة الأمريكية تشير إلى مشروع قرار وضعته الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ومن المتوقع أن يتم التصويت عليه في وقت لاحق.
وشددت ليندا توماس غرينفيلد على أنه لا ينبغي المضي قدما في أي قرار يعرض المفاوضات الجارية للخطر. وأضافت أنه إذا تم طرح مشروع القرار البديل هذا للتصويت دون أن يدعم الجهود الدبلوماسية التي تجري على الأرض، “فقد نجد هذا المجلس مرة أخرى أمام طريق مسدود”.
روسيا
السفير الروسي يصوت ضد مشروع قرار أمريكي يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة.
قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن الولايات المتحدة وعدت مرارا وتكرارا بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال، “والآن أدركت الولايات المتحدة أخيرا الحاجة إلى وقف إطلاق النار، بعد مقتل أكثر من ثلاثين ألفا من سكان غزة”. وقال إن الولايات المتحدة تحاول “بيع منتج” للمجلس باستخدام كلمة “ضروري” في قرارها، مشيرا إلى أن “هذا لا يكفي” ويجب على المجلس أن “يطالب بوقف إطلاق النار”. وأضاف أن النص لم يتضمن أي دعوة لوقف إطلاق النار، واتهم القيادة الأمريكية “بتضليل المجتمع الدولي عمدا”. وقال إن المسودة مجرد تلاعب بالناخبين الأمريكيين “ورمي طعم لهم” في دعوة لوقف إطلاق النار.
وذكر السفير الروسي أن الولايات المتحدة استخدمت “بدم بارد حق النقض (الفيتو) أربع مرات في مجلس الأمن بهذا الخصوص”. وأضاف “منذ البداية كان واضحا أن ما يسمى بالمفاوضات التي كان الزملاء الأمريكيون منخرطون فيها في هذا الخصوص كانت تهدف إلى إطالة الوقت. تم تجاهل كافة تعليقاتنا وخطوطنا الحمراء مرارا وتكرارا”. كما ذكر أن مشروع القرار الأمريكي يحتوي على “ضوء أخضر فعال لإسرائيل للقيام بعملية عسكرية في رفح”.
وقبيل التصويت، قال السفير الروسي لأعضاء مجلس الأمن “إذا مررتم هذا القرار سوف يلحق بكم العار”.
وقال إن مشروع قرار بديل “متوازن وغير سياسي” يجري توزيعه من قبل بعض الأعضاء الآخرين في المجلس، في إشارة إلى المشروع المقترح من الدول العشر غير دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
الجزائر
السفير الجزائري لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، الذي صوت ضد مشروع القرار الأمريكي، دعا أولئك الذين يعتقدون أن “قوات الاحتلال الإسرائيلي ستلتزم بالتزاماتها بموجب القانون الدولي إلى التخلي عن هذا الوهم”.
وبعد التصويت ضد مشروع القرار، قال إن النص الأمريكي لم يتناول الاهتمام الأساسي لبلاده، وهو الدعوة الواضحة إلى وقف فوري لإطلاق النار – الأمر الذي يطالب به الملايين من الناس، وشدد على أن “المشاهد الحية للدمار والقتل لم تعد تحتمل”. وذكّر المجلس بأن أكثر من 32 ألف فلسطيني قتلوا وأصيب 74 ألفا آخرون حتى الآن، مؤكدا أن هؤلاء الناس “ليسوا مجرد إحصائيات. إنهم يمثلون حيوات وأحلام وآمال تم تدميرها”.
وأضاف بن جامع: “المثير للقلق أن نص مشروع القرار تجنب ذكر مسؤولية قوة الاحتلال الإسرائيلي. لم يقض هؤلاء الأفراد بسبب فعل إيذاء النفس. لقد قتلوا، وتجب محاسبة المرتكبين. بالنسبة لنا في العالم العربي، وفي الأمة الإسلامية، وفي العالم أجمع، فإن حياة الفلسطينيين ذات أهمية لا يمكن إنكارها”.
كما أكد بن جامع أن مشروع القرار لا يحمل في طياته رسالة سلام واضحة، بل “يسمح ضمنيا باستمرار سقوط ضحايا من المدنيين ويفتقر إلى ضمانات واضحة لمنع المزيد من التصعيد”. وأوضح قائلا: “إنه بمثابة جواز مرور لمواصلة قتل المدنيين الفلسطينيين. إن التركيز على – واقتبس ‘التدابير الرامية إلى الحد من الضرر الذي يلحق بالمدنيين نتيجة للعمليات الجارية والمستقبلية’، يعني ضمنا الترخيص بمواصلة إراقة الدماء”.
وقال السفير الجزائري إن وحدة الصف في فلسطين أمر ضروري لمستقبلها، لكن مشروع القرار “يعيق جهود المصالحة المستمرة”، وشدد على أن بناء الدولة الفلسطينية يتطلب الجهود الجماعية لجميع مواطنيها. كما قال بأن دعم الجهود الموازية لإنهاء إراقة الدماء يجب ألا يمنع مجلس الأمن من المطالبة بوقف واضح لإطلاق النار لتخفيف معاناة الفلسطينيين، مشددا على أن واجب المجلس هو الحفاظ على السلم والأمن الدوليين وينبغي تمكينه من “فرض وقف لإطلاق النار”.
الصين
وقال الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة، السفير جانغ جون إن مشروع القرار الأمريكي خضع الشهر الماضي لعدة تعديلات ويتضمن عناصر تستجيب لشواغل المجتمع الدولي، لكنه يتجنب دائما القضية الأكثر مركزية وهي وقف إطلاق النار.
وأضاف أن نص مشروع القرار النهائي- الذي استخدم الفيتو ضده، “يظل غامضا ولا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، كما أنه لا يقدم حتى إجابة على سؤال تحقيق وقف إطلاق النار على المدى القصير”، مؤكدا أن هذا “انحراف واضح عن إجماع أعضاء المجلس، وأقل بكثير من توقعات المجتمع الدولي”. وأوضح أن مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة يضع شروطا مسبقة لوقف إطلاق النار، “وهو ما لا يختلف عن إعطاء الضوء الأخضر لاستمرار عمليات القتل، وهو أمر غير مقبول”.
وأكد جون أن مشروع القرار غير متوازن للغاية في العديد من الجوانب الأخرى، وبشكل خاص فيما يتعلق بإعلان إسرائيل الأخير والمتكرر عن خططها لشن هجوم عسكري على رفح، قائلا إن مشروع القرار لا ينص بوضوح وبشكل لا لبس فيه على معارضة تلك الخطط، الأمر الذي من شأنه أن يبعث بإشارة خاطئة تماما ويؤدي إلى عواقب وخيمة.
وأضاف أن “أي إجراء يتخذه مجلس الأمن ينبغي أن يصمد أمام اختبار التاريخ وتمحيص الأخلاق والضمير بهدف حماية الحقيقة والعدالة”.
وأعرب عن رفض بلاده للاتهامات التي وجهتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ضد موقف الصين من التصويت، مؤكد أنها اتهامات لا أساس لها من الصحة. وقال لو كانت الولايات المتحدة جادة بشأن وقف إطلاق النار، لما استخدمت حق النقض (الفيتو) مرارا ضد مشاريع قرارات متعددة في المجلس.
وأفاد بأن هناك مشروع قرار آخر أمام أعضاء مجلس الأمن، جاء نتيجة مشاورات جماعية بين عدد من أعضاء المجلس، قائلا “إن مشروع القرار ذاك واضح فيما يتعلق بمسألة وقف إطلاق النار ويتوافق مع الاتجاه الصحيح لعمل المجلس”.
وأضاف “إذا كانت الولايات المتحدة جادة بشأن وقف إطلاق النار، فيرجى التصويت لصالح مشروع القرار الآخر”.
دولة فلسطين
ومن أمام قاعة مجلس الأمن، تحدث السفير رياض منصور المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة برفقة المجموعة العربية في الأمم المتحدة، معربين عن رفض مشروع القرار الذي وصفه بأنه “أحادي الجانب”. وأضاف منصور “نرفض تأطير ما يحدث على أنه قضية إرهاب. إنها إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني كافة في قطاع غزة”.
وأشار إلى دعم المجموعة العربية لمشروع قرار قدمه الأعضاء المنتخبون في مجلس الأمن (الأعضاء العشرة غير دائمي العضوية) والذي تم وضعه باللون الأزرق ليلة أمس الخميس، قائلا إن المجلس سيصوت عليه قريبا جدا ربما بعد ظهر اليوم الجمعة أو صباح السبت.
وأكد أن مشروع القرار هذا، الذي يدعو جوهره إلى وقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، “وهو ما نؤيده لأننا نريد إنقاذ أرواح الشعب الفلسطيني في قطاع غزة”.
وقال السفير الفلسطيني “ندين بأشد العبارات هذه الإبادة الجماعية التي تعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والتي أدت إلى مقتل أكثر من 32 ألف فلسطيني، ثلثاهم من النساء والأطفال، وعدد مصابين يتجاوز 74 ألفا، عدد كبير منهم من النساء والأطفال، وعدد كبير من الأيتام الفلسطينيين”.
وأكد أهمية توفير “مساعدات إنسانية ضخمة بمستوى احتياجات شعبنا”، معربا عن رفضه الترحيل القسري داخل غزة وخارجها.
وأكد كذلك الرفض القاطع لأية محاولات لاقتحام ومهاجمة منطقة رفح مؤكدا مواصلة بذل كل ما في وسعهم “حتى يتمكن مجلس الأمن من تحمل مسؤوليته لوقف هذه الحرب والسماح للشعب الفلسطيني- بمساعدة إخواننا وأخواتنا العرب والمجتمع الدولي- بتضميد جراح غزة، وبدء عملية إعادة إعمارها ، والسماح لجميع الفلسطينيين بالعودة إلى الأماكن التي كانوا يعيشون فيها في قطاع غزة قبل هذا العدوان”.
الأمين العام للأمم المتحدة
تجدر الإشارة إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة ومسؤولي المنظمة الأممية أدانوا مرارا، في جميع المناسبات، الهجوم على إسرائيل، وأكدوا “عدم وجود ما يبرر الأعمال المروعة التي ارتكبتها حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر”، وأيضا “عدم وجود ما يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني”.
يُذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دعا مرارا السلطات الإسرائيلية إلى ضمان الوصول الكامل للسلع الإنسانية إلى أنحاء قطاع غزة بدون عوائق. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن العاملين في المجال الإنساني يُمنَعون من القيام بعملهم، خاصة في الشمال المحاصر.
وأفاد التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي بأن المجاعة وشيكة في الجزء الشمالي من غزة وبأن جميع سكان القطاع يواجهون مستويات توصف بالأزمة في انعدام الأمن الغذائي أو أسوأ.