لدائن أفضل من أجل محيطات أكثر صِحة

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١١/يناير/٢٠١٨ ٠٦:١٢ ص
لدائن أفضل من أجل محيطات أكثر صِحة

مايكل ستيفن

تُعَد اللدائن (البلاستيك) بين المواد الأكثر شعبية المستخدمة اليوم. ونظرا للاستعمالات المتعددة لهذه المادة، فمن غير المستغرب أن يُستَخدَم منها نحو 320 مليون طن سنويا في مختلف أنحاء العالَم. والواقع أن إجازات الأعياد الأخيرة خلّفت جبالا من المنتجات والمغلفات البلاستيكية. لكن اللدائن تفرض أيضا تهديدا بيئيا بالغ الخطورة.

فاللدائن من الممكن أن ترسب أو تطفو لعقود من الزمن إذا لم يتم التخلص منها على النحو السليم. وبالإضافة إلى كونها ضارة بالحياة البرية والمائية، فإن اللدائن الطافية في المحيطات من الممكن أن تجتذب السموم إلى أسطحها ثم تتفكك جزيئاتها إلى لدائن دقيقة تدخل بعد ذلك إلى السلسلة الغذائية.

وهذا الدوام الظاهري هو الذي دفع الحكومات إلى فرض ضريبة على بعض المنتجات البلاستيكية الضارة بيئيا أو حظرها بالكامل. كما تشجع حكومات عديدة إدارة النفايات على نحو أفضل، وإعادة استخدام وتصميم وتدوير المنتجات البلاستيكية.
وهي سياسة حكيمة. ولكن في حين تعمل سياسات الضرائب والحظر وإدارة النفايات على الحد من مشكلة التلوث البلاستيكي، فإنها لن تحل المشكلة. ولأن اللدائن مصنوعة من منتجات ثانوية لتكرير النفط، فإن الحظر لن يخلف تأثيرا يُذكَر على استخراج الغاز والنفط أيضا. وكل ما قد تسفر عنه الضرائب والحظر هو حرمان أفقر الناس من مادة مفيدة وغير مكلفة.
الحق أنه رغم الجهود المُثلى التي تستند إلى نوايا حسنة والتي يبذلها المشرعون والمنظمات غير الحكومية، فإن آلاف الأطنان من النفايات البلاستيكية تظل تدخل إلى البيئة، وخاصة المحيطات، كل يوم. ومن الواضح أننا في احتياج إلى نهج أفضل.
وقد اقتنعت بعض الحكومات والشركات بأن «اللدائن الحيوية» -المستمدة جزئيا من الكتلة الحيوية مثل نشا الذرة- هي الحل. لكن هذه الحجة معيبة: فاللدائن الحيوية باهظة التكلفة وإنتاجها كثيف الاستهلاك للطاقة، وتظل تحتوي على كميات كبيرة من المواد المستمدة من النفط.
علاوة على ذلك، تتطلب إعادة تدوير اللدائن الحيوية فصلها عن اللدائن العادية. ويجري اختبار هذه البوليمرات في ما يتصل بتحللها البيولوجي، ولكن هذا لا يتم إلا في ظل ظروف خاصة تتوفر في التسميد الصناعي. بعبارة أخرى، في حين قد تبدو هذه التكنولوجيا جذابة، فإنها لن تحل مشكلة تسرب القمامة البلاستيكية إلى البيئة.
كان تركيز صناعة اللدائن لفترة طويلة ينصب على وظيفة المنتج خلال فترة حياته. ولم يعد هذا النهج مقبولا. بل يحتاج العالَم إلى نوع جديد من البلاستيك يتسم بالأداء الجيّد، ولكنه أيضا يتحلل حيويا بسرعة أكبر من اللدائن التي نستخدمها اليوم.

ولنتأمل هنا اللدائن ثنائية الرابطة بيولوجية التحلل. على النقيض من اللدائن الأخرى، بما في ذلك اللدائن الحيوية، فإن اللدائن ثنائية الرابطة بيولوجية التحلل تتحلل حيويا في أي مكان في البيئة، ومن الممكن إعادة تدويرها إذا جرى جمعها خلال عمرها العامل. ومن الممكن ترقية المنتجات البلاستيكية العادية إلى لدائن ثنائية الرابطة بيولوجية التحلل بالاستعانة بآلات موجودة في وقت التصنيع وبتكاليف إضافية لا تُذكَر أو بلا تكاليف إضافية على الإطلاق، باستخدام التكنولوجيا التي تعمل جمعية اللدائن ثنائية الرابطة بيولوجية التحلل على شرحها.

تُنتَج اللدائن ثنائية الرابطة بيولوجية التحلل عندما تُخلَط مادة مضافة مع البوليمر العادي. وتعمل المادة المضافة (التي تنتجها شركة أتولى إدارتها) على تفكيك التركيب الجزيئي للبوليمر عند نهاية عمره النافع، كما تعمل على تمكين التحلل الطبيعي في بيئة مفتوحة.

عندما يتعلق الأمر باللدائن ثنائية الرابطة بيولوجية التحلل، لا يعني التفسخ التكسر إلى شظايا بلاستيكية. وكما يشرح لنا أجناسي جاكوبويتز، وهو أستاذ في المعاهد البحثية في السويد وواحد من خبراء العالَم البارزين في مجال البوليمرات، عندما تتفكك اللدائن ثنائية الرابطة بيولوجية التحلل، تتغيّر المادة بشكل كامل، مع تحوّل الجزيئات الهيدروكربونية إلى جزيئات تحتوي على الأكسجين والتي يمكن استيعابها مرة أخرى في البيئة. ووفقا لمعايير دولية (مثل ASTM D6954)، مع تغيّر اللدائن، لابد أن تتغيّر أيضا الأساليب التي تنتهجها الدول في دمجها في اقتصاداتها. والخبر السار هنا هو أنه رغم تباطؤ الولايات المتحدة أوروبا في تبنّي حلول مبتكرة، كانت دول أخرى أكثر انفتاحا في التعامل معها. على سبيل المثال، حظرت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة استيراد أو تصنيع اللدائن التقليدية لمجموعة واسعة من المنتجات، وكل منهما تشترط الآن ترقية المنتجات البلاستيكية باستخدام تكنولوجيا اللدائن ثنائية الرابطة بيولوجية التحلل. ولم تختر أي منهما حلول اللدائن «ذات القاعدة الحيوية».

الواقع أن العالَم لا يحتاج إلى قرارات حظر أو ضرائب جديدة، بل يحتاج إلى أن يكون الأشخاص الذين يتعاملون مع البلاستيك، وحكوماتهم، قادرين على التكيّف كما هي حال هذه المادة نفسها، واغتنام فرصة التقدم التكنولوجي لضمان قدرة البشر على تحقيق أقصى قدر ممكن من الاستفادة من هذه المادة الرخيصة متنوعة الاستخدامات، دون إخضاع البيئة لتأثيرها الضار.

عضو سابق في برلمان المملكة المتحدة