فنون عيش المهمشين..

7 أيام الخميس ٠١/مارس/٢٠١٨ ٢٢:٥٥ م
فنون عيش المهمشين..

(1)
يتقن البسطاء الحياة لليوم..
لا يفكرون بالغد كما ينبغي.. وينسون الأمس ويرون الغرق فيه أمرا غبيا..
ولا يخفون سكاكين همومهم في قلوبهم خوفا من أن تقتلهم..
بل يضعونها في كيس ورقي..
يسيرون به أينما ذهبوا..
وينسونه – أحياناً- في بيت صديق.. أو على قارعة طريق..
ويعودون لأخذه بعدها بهدوء.. ويضعونه جانبا وقت النوم..
يتقن البسطاء التعامل مع الهموم فلا تقتلهم كما تقتل غيرهم من العموم..

(2)
يتقن الأبرياء الموت..
يسقطون بسرعة كبيادق الشطرنج في الحروب والكروب..
يحدثون ضوضاء مقننة كافية لتُسمع، وليست كافية لتزعج من يحيون.. فوق.
تقصف الطائرات المحاربين.. فيموتون هم..
تُقطع الإمدادات عن الجبهة.. فيجوعون هم..
وعندما يتفاوض الفرقاء على حل.. ينسونهم..
هؤلاء هم العُشب الذي يدهس في صراع الفيلة..
وهم الوقود لكل تغيير في العالم.. لا يجنون ثماره أبدا..
فنصيبهم الشوك ولغيرهم خير تضحياتهم.. هم..!!

(3)
يتقن المهمشون الحياة مع القهر..
يعرفون كيف يحتالون على الجوع، ويسيطرون على الرغبة الإنسانية في الملكية، ويستكبرون على الحاجة للاستقرار تماما كما تعالى الثعلب عن حب العنب في تلك الغابة.. في ذاك النهار..
ويرون في صداقة الخوف، من الخوف، فرارا..
ولهم أخلاق خاصة بهم – لا تحاكمها- فهي أخلاق فُصلتها بإبرة ظروف لا يفهمها غيرهم..
ولها في قلب السر أسرار..

(4)
يعرف المستضعفون -جيدا- كيف يقفزون على حواجز الزمن..
فيكبرون سريعا..
ولا يشيخون لأن العجز ترف في قاموس من ليس له في هذه الحياة ثمن..
فيبقون أقوياء حتى يسقطوا كالشجرة.
لا يتدرجون في السقوط.. فذلك ليس من عادتهم..
يفضل البسطاء أن يموتوا دون تدرج وعناء..

(5)
ويتقن الفقراء فن السخرية..
يضحكون من قلوبهم، ويطلقون نكاتا للواقع معريه..
ويعرفون كيف يحيكون القصص..
ويطلقون بالونات الوهم ويطيرون بها..
لعالم يرد فيه اعتبارهم، ويُجلد ظلامهم، فيه العدالة مسلحة بقوة خارقة.

(6)
يعرف البسطاء معنى الصداقة..
معنى أن تكون لأحدهم ظهرا وأنت محدودب الظهر..
معنى أن تتشارك مع أحدهم رغيفك وأنت لا تعلم إن كنت ستملك مثله في الغد..
ويعرف المهمشون معنى الحب..
ومعنى التضحية ومعنى العشرة ومعنى الود..
عوضتهم الحياة بقلوب ما أجملها..
وأرواح خفيفة رغم كل الظلم..