تفويض الصلاحيات.. أسلوب ناجح لتقسيم العمل والحد من الأعباء الإدارية

مؤشر الخميس ٠٥/أبريل/٢٠١٨ ٠٢:٤٣ ص
تفويض الصلاحيات..

أسلوب ناجح لتقسيم العمل والحد من الأعباء الإدارية

مسقط -
في الوقت الذي أثبتت فيه دراسات علم الإدارة أن تفويض الصلاحيات من المواقع الإدارية العليا إلى ما دونه، من أكثر الأساليب الحديثة نجاحا في إدارة المؤسسات الحكومية والشركات والمنشآت الخاصة، شريطة توفر متطلباتها.

ومع ذلك فإن هناك مديرين يرون أن عملية التفويض لا تستحق المخاطرة، وبعضهم عزا إخفاق مؤسسته لأسلوب التفويض، لذلك فهم غير مستعدين لخوضها مرة أخرى، والمدريرون الذين يفكرون بهذه الطريقة إما أنهم لا يدركون فوائد هذه السياسة أو أنهم لا يعرفون سبل تحقيقها بنجاح، ففكرة تفويض شخص بأداء مهمة لا تقتصر على تفويض شخص بعينه للقيام بهذه المهمة بطريقة أفضل، ولكن الأمر له أكثر من مغزى، فهو يوفر على المدير الوقت والمجهود اللذين عليه أن يستثمرها في أنشطة أخرى.
والتفويض (Empowerment, Authorization) كإحدى المهارات التي يقوم بها المدير الناجح، تمتاز بأن لها أصولا وقواعد، وكذلك مراحل، وتتصف بأنها سيف ذو حدين، بمعنى أن لها العديد من السلبيات والايجابيات، علاوة على أن ليست كل صلاحية قابلة للتفويض بل إن هناك أمورا لا يجوز فيها إجراء تفويض، والبعض الآخر من الممكن إجراء التفويض فيها.
أما سمات التفويض، باعتباره إجراء يقوم به المدير من أجل تخفيف الأعباء الملقاة عليه، وذلك بإعطاء غيره صلاحيات التصرف واتخاذ القرارات المناسبة في شأن محدد ومعين، ومن خلال التعريف السابق، يمكن استخلاص النقاط التالية:

إن التفويض هو إجراء وقتي، بمعنى أنه محدد في مدته، وبالتالي لا يتسم بالإطلاق لأجل غير محدد، بل ينتهي بانتهاء المهمة التي تم إجراء التفويض بشأنها.

 إن الهدف من إجراء التفويض هو الإقلال من العبء الملقى على عاتق المدير، والذي قد يأخذ منه الوقت الكثير، الأمر الذي قد يقلل من مهارة التركيز من قبل المدير في اتخاذ العديد من القرارات التي يقوم هو باتخاذها.

إن التفويض يوفر عنصر الوقت للمدير، وذلك نتيجة لتخفيف الأعباء الملقاة عليه، وبالتالي يتيح له متسعا من الوقت، الأمر الذي ينعكس إيجابيا على التركيز على الاختصاصات الرئيسية والهامة للمدير، وبالتالي الدخول في تفاصيلها، وتقديرها قبل اتخاذها.

 يمتاز التفويض بأنه محدد بخصوص صلاحيات معينة، وليست شاملة، لأنه إذا كان شاملا فإنه سيكون سالبا لمنصب صاحبها، بل هو محدد بمسائل معينة على سبيل الحصر.

التفويض يصدر عمن يملك التفويض، وبالتالي فإنه لا تفويض لمن ليس له الحق في اتخاذه.

أما شروط التفويض باعتباره إجراء وجد للتخفيف من العبء الملقى على عاتق المدير، ولإتاحة التفرغ له كي يجد متسعا من الوقت للقيام بالمسؤوليات الهامة له فهي:

 ارتباط السلطة بالمسؤولية، حيث لا يمكن إعطاء المرؤوس سلطة دون تحميله بالمسؤولية عن ممارسة تلك السلطة.

ارتباط السلطة المفوضة بقدرات المرؤوس وخبرته، حيث لا يمكن تحميل المرؤوس أباء ممارسة السلطة في أمور غير مـــــدرب عليها، ولا تتوفر له الخبرة فيها.

 ارتباط التفويض بخطة متكاملة وواضحة في ذهن المدير الماهر لتنمية مرؤوسيه، ولإعدادهم للوظائف والمسؤوليات الأكبر، كما أن التفويض يجب ألا يكون قرارا انفعاليا غير مبنىي على تقييم موضوعي لقدرات المرؤوس وإمكانياته، وتصور خط التقدم الوظيفي المناسب له.

استمرار مسؤولية المدير الذي فوض سلطته إلى بعض مـــــــرؤوسيه، فلا يزال هو المســــؤول الأول والأخير عن مباشرة تلك السلطات، وما يترتب عليها من نتائج.

 إن التفويض هو إجراء مؤقت، ومن ثم لا بد من تحديد المد الزمنية التي يفوض فيها المرؤوس بعض صلاحيات رئيسه، وفى حالة الرغبة في استمرار التفويض يكون الإجراء السليم هو نقل السلطة من المرؤوس لتصبح مرتبطة بوظيفته هو، وليس بوظيفة رئيسه.

 أيضاً يجب أن يكون التفويض محدداً من حيث مــــــدى السلطة ومجالات استخدامها، فليس التفويض تصريحا مفتوحا للمرؤوس باستخدام الصلاحية المفوضة بلا قيد أو حد، بل هو محدد بالمجالات والقواعد التي ينص عليها في قرار التفويض.

وقد تترتب على التفويض

بعض السلبيات:

 فقدان السيطرة: فالمدير الذي اعتاد على أن يقوم بنفسه بإنجاز كل شيء مع الاحتفاظ بالسيطرة الكاملة على كل المجالات، وكذلك على النتائج، فإنه يشعر أنه سوف يفقد هذه السيطرة إذا ما قام بتفويض شخص أخر يحل محله في أمر من الأمور.

 ضياع الوقت: فالمدير عندما يقوم بالعمل بنفسه، فذلك لأنه لا يثق بمرؤوسيه، فهو يؤمن بأن تفويض بعض المهام لموظف أخر ليس سوى مضيعة للوقت، لأنه سيكون عليه أن يعلمه ويدربه أولا، وكذلك عليه أن يتقبل أخطاءه، فلذلك يشعر المدير أنه من الأفضل أن يقوم بإنجاز العمل بنفسه توفيرا للوقت والجهد، أما إذا كان لزاما عليه أن يفوض، فهو يشكو ويلقي باللوم على الآخرين لتسببهم في ضياع وقته.

 فقدان التحكم والنفوذ: فعندما يتخلى المدير عن أداء بعض الأعمال ليقوم بها شخص آخر، فإنه يشعر بأنه سوف يفقد قوته، ونفوذه على مرؤوسيه، وفى نفس الوقت يؤمن بأن فقدان القوة والنفوذ قد يؤدى به إلى أن يفقد وظيفته.

 ضياع المكافأة والتقدير: يشعر المدير أنه سوف يفقد كل التقدير والمكافآت التي كان يحصل عليها عندما يؤدي عمله بنفسه، بينما إذا قام بتفويض الآخرين لأداء بعض المهام فإنه يرى فقدانه بعض الجوانب التي يتمتع بها في عمله سواء أكان مكافأة معنوية أو مادية.

 الخوف من اللوم: يخشى المدير أن يلام من رؤسائه إذا ما فوض إلى أحد عمل ما، ولم يقم هذا الشخص بالعمل على ما يرام، وهو سيشعر أنه يستحمل عبء اللوم وحده، وأنه سيدفع ثمن أخطاء غيره.

وإذا كانت للتفويض بعض السلبيات فإن إيجابياته أكثر، إذ يحقق العديد من الفوائد التي تتمثل في ما يلي:

 إن التفويض يعمل على تخفيف العبء عن المدير، وبالتالي فإنه يوجد أمامه متسع من الوقت الذي من الممكن أن يستثمره المدير في إنجاز الشيء الكثير من الأمور المهمة والمتعلقة بمسؤوليته.

 إن نظام التفويض يعد بمثابة فرصة كبيرة لتوفير الكوادر القادرة على الإدارة والقيادة، فهو ميدان لصقل مهارات الإدارة والاعتماد على النفس بحيث يسهم هذا النظام في توفير قادة لمستقبل المؤسسة أو الشركة.

 يعد التفويض من أهم الوسائل التي تؤدي إلى تحفيز الموظفين، وحث معنوياتهم، لأن المدير عندما يقوم بتفويض شخص أو أكثر من الموظفين، ببعض الصلاحيات، فإن ذلك سيعمل على قيام الموظف الذي تم تفويضه- في كثير من الأحيان- ببذل قصارى جهده لإثبات الوجودية، و الكفاءة، من أجل إعطاء صورة مشرفة عنه، يسهم ذلك في توليه المناصب الإدارية القيادية في المستقبل.

يعد نظام التفويض بمثابة المتنفس للمدير، وذلك لأن من شأن هذا النظام أن يقلل من الأعباء، والمسؤوليات الملقاة على عاتقه، وبالتالي فإن ذلك يسهم في تقليل الضغوطات التي يشعر بها، وإعطائه متسعا من الوقت للتفكير في أمور الإدارة الأخرى، واتخاذ القرارات الملائمة للمواقف المختلفة.

يوفر التفويض نوعاً من الإدارة يتصف بالقدرة على ضبط الأمور الأخرى، والسيطرة عليها، نتيجة لتخفيف العبء عنه، وبالتالي سيسمح له ذلك بحصر الأمور الأخرى، والسيطرة على مختلف جوانبها ومتابعتها بدقة أكثر مما مضى.