نقل السفارة الأمريكية إلى القدس نكبة جديدة تجدد الجراح القديمة

الحدث الثلاثاء ١٥/مايو/٢٠١٨ ٠٩:٣٠ ص
نقل السفارة الأمريكية إلى القدس نكبة جديدة تجدد الجراح القديمة

القدس - وكالات

بدأ مئات الفلسطينيين صباح أمس الاثنين بالتوجه إلى المناطق الحدودية بين قطاع غزة وإسرائيل في إطار «مليونية العودة وكسر الحصار» بالتزامن مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وسط توقعات مسؤولين فلسطينيين في الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة مشاركة «عشرات الآلاف» من الفلسطينيين في هذه الاحتجاجات.

وأطلقت الهيئة اسم «مليونية العودة» على تظاهرة الاثنين التي جرت تزامنا مع حفل تدشين مبنى السفارة الأمريكية في القدس، وشل إضراب عام الاثنين قطاع غزة بدعوة من الهيئة الوطنية العليا لـ«مسيرات العودة» حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها.
وقال مصدر طبي في غزة إن «خمسة مواطنين أصيبوا برصاص الاحتلال» في شرق قطاع غزة.
واشعل عدد من الشبان إطارات السيارات قرب السياج الحدودي الفاصل شرق جباليا في شمال القطاع، كما أشعل متظاهرون إطارات السيارات شرق مدينة غزة وعبّر بعضهم عن عزمه اختراق الحدود.
وأفاد شهود عيان أن عددا من المتظاهرين قاموا في ساعة مبكرة بسحب جزء من الأسلاك الشائكة اللولبية التي يضعها الجيش الإسرائيلي على بُعد أمتار من السياج الفاصل شرق مخيم البريج وسط القطاع.
وأكد مصدر أمني أن «8 جرافات عسكرية إسرائيلية بإسناد من دبابات توغلت بشكل محدود داخل السياج الحدودي شرق جباليا وشرعت بتجريف السواتر الرملية» التي أقامها الفلسطينيون في الأيام الفائتة لحمايتهم من نيران الجيش، وأقامت وزارة الصحة عشرات النقاط الطبية الميدانية لمعالجة المصابين.
وذكر شهود أن الجيش الإسرائيلي أطلق قنابل غاز مسيل للدموع في عدد من النقاط الحدودية الشرقية تجاه عشرات الشبان الذين اقتربوا من الحدود.

انتهاكات

ميدانيا قال مسؤولون بقطاع الصحة الفلسطيني إن القوات الإسرائيلية قتلت أكثر من 30 فلسطينياً على حدود قطاع غزة أمس الاثنين مع احتشاد المتظاهرين عند الحدود في اليوم الذي تستعد فيه الولايات المتحدة إلى فتح سفارتها في القدس.
وهذا هو أكبر عدد من القتلى الفلسطينيين في يوم واحد منذ أن بدأت في 30 مارس احتجاجات تعرف باسم «مسيرة العودة الكبرى» على حدود القطاع مع إسرائيل وكذلك منذ حرب غزة العام 2014.
وقال مسؤولو قطاع الصحة إن 900 فلسطيني أصيبوا بينهم نحو 450 بالذخيرة الحية.

أمل العودة

رغم مرور سبعين عاما ما زال عدد من الفلسطينيين يحتفظون بشاحنات قديمة نقلت آباءهم وأجدادهم من قراهم ومدنهم التي رحلوا أو أجبروا على الرحيل عنها العام 1948 على أمل العودة بها يوما إلى ديارهم.
ونظم عدد من أصحاب هذه السيارات القديمة أمس الأول الأحد مسيرة وسط شوارع مدينة رام الله في الضفة الغربية وقد رفعوا عليها الأعلام الفلسطينية والرايات السوداء التي رسِمت عليها خريطة فلسطين وكتِب عليها «العودة» إضافة إلى الملصق الرئيسي لإحياء الذكرى السبعين للنكبة. ويتضمن ملصق إحياء النكبة لهذا العام رسما لامرأة مسنة تحتضن ابنها الشاب الذي يحمل طفلا يرفع مفتاح منزل وكتِب على الملصق «70 عاما على النكبة.. من جيل إلى جيل.. عن العودة والقدس ما في بديل».
وأبدى اللاجئ عبدالسلام محمود (57 عاما) الذي يقيم في مخيم عسكر بمدينة نابلس تمسكه بالعودة إلى مسقط رأس والده في مدينة يافا التي هُجِّر منها العام 1948 مع إخوته وشقيقاته. وقال محمود فيما كان يستعد لقيادة شاحنة قديمة في شوارع رام الله تعود لعائلة أمه «هذه السيارة موديل 1941.. هذه من عوائد الجيش العربي كانت تنقل المهاجرين بين فلسطين والأردن». وأضاف: «إحنا (نحن) محتفظين بهذه السيارة كإرث لها ذكريات لأننا سنعود فيها يوما إلى ديارنا. صحيح أنا لم أولد فيها ولكنها أرضنا وبيوتنا التي ليس لنا مكان غيرها وسنعود إليها يوما».

«نكبة جديدة»

من جانبها قالت عضوة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، أمس الاثنين، إن افتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة «نكبة جديدة» تحل بالشعب الفلسطيني، وبالعدالة الأممية، والشرعية الدولية، فهذا الإجراء الأحادي يدلل على سيطرة منطق القوة، والعنجهية، وسحق كل ما هو قانوني وإنساني.
وأضافت في بيان صحفي باسم اللجنة التنفيذية لمناسبة الذكرى السبعين لنكبة فلسطين الأليمة، وافتتاح السفارة: «إن النكبة بجميع مكوناتها العنصرية الإقصائية الإحلالية ما زالت مستمرة، فإسرائيل «القوة القائمة بالاحتلال» وبدعم ومشاركة من الولايات المتحدة الأمريكية تمعن في مواصلة ظلمها التاريخي عبر ترسيخ مخططاتها المدروسة والمرتكزة على تهويد الحيّز والمكان الفلسطيني، وسرقة الأرض، والتاريخ والرواية، والثقافة الفلسطينية».
وأشارت إلى أن ذكرى النكبة تأتي هذا العام و«عاصمتنا المحتلة» تتعرّض لانتهاك قانوني، وأخلاقي، وسياسي، وسرقة متعمدة، ومقصودة للحقوق الفلسطينية المشروعة، والمكفولة بالقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، التي كفلت تجسيد قيام دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

منشورات تحذير

من جانبه ألقى الجيش الإسرائيلي منشورات وأطلق الغاز المسيل للدموع على قطاع غزة في وقت مبكر أمس الاثنين محذِّرا الفلسطينيين من الاقتراب من الحدود مع إسرائيل، فيما احتشد متظاهرون في اليوم قبل الأخير من الاحتجاجات المستمرة منذ ستة أسابيع.
وقال شهود ومسعفون فلسطينيون إنه في خان يونس بجنوب قطاع غزة أطلقت القوات الإسرائيلية أعيرة نارية وأصيب أحد المحتجين في ساقه.
وتعهدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة بزيادة الحشود في غزة ومناطق أخرى خلال اليومين المقبلين.
وتتهم إسرائيل حماس باستخدام الاحتجاجات ذريعة لشن هجوم على السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل وعلى الجنود الإسرائيليين على الجانب الآخر. وتنفي حماس هذا الاتهام.
وحذّرت المنشورات سكان غزة من الاقتراب من السياج أو محاولة تخريبه ووصفت المحتجين بأنهم مثيرو شغب وحذّرت السكان من ألا يتحولوا إلى أدوات في يد حماس.

وجاء في المنشورات أن الجيش الإسرائيلي سيواصل التصدي لمن يريدون الإضرار بأمن إسرائيل. ووفقا لمسؤولي صحة فلسطينيين فقد قتلت القوات الإسرائيلية 45 فلسطينيا منذ بدأت الاحتجاجات في 30 مارس بينما لم ترد تقارير عن سقوط قتلى أو مصابين إسرائيليين.

اجتماع عربي

من جانب آخر نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أمس الاثنين عن مصدر دبلوماسي عربي قوله إن الجامعة العربية قررت عقد اجتماع غير عادي يوم الأربعاء على مستوى المندوبين الدائمين لبحث القرار «غير القانوني» لنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس.
وأضافت الوكالة أن الاجتماع جاء بناءً على طلب مندوب فلسطين وبالتشاور مع مندوب المملكة العربية السعودية التي تتولى رئاسة المجلس حاليا.
وثار غضب الفلسطينيين من تغيير الرئيس الأمريكي دونالد ترامب السياسة التي التزمت بها الإدارات السابقة والتي كانت تربط بقاء السفارة الأمريكية في تل أبيب بإحراز تقدم في جهود السلام.