رسائل عمانية إلى العالم

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٣٠/مايو/٢٠١٨ ١٣:٠٤ م
رسائل عمانية إلى العالم

أثبت العمانيون مجدداً انهم على يد واحدة وانهم مثل الجسد إذا اشتكي منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ليبعث العمانيون برسائل الى العالم أنهم لحمة وطنية واحدة وانهم يجتمعون على حب تراب هذا الوطن الغالي، وعلى حب سلطانهم المفدى فنجحوا وبشهادة البعيد قبل القريب وباحترافية شديدة على تجاوز آثار إعصار «مكونو» بأقل الخسائر، فقد عاشت عمان من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها خلال الأيام الماضية فترات ولحظات عصيبة بدأت بالترقب والاستعداد للأنواء المناخية في محافظتي ظفار والوسطى والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يحمي عمان وأهلها وجميع من يسكن فيها من تداعيات وآثار الإعصار لذلك لم يكن بغريب أن يوحد العمانيون دعاءهم جميعاً بأن يحفظ الله جزءاً غالياً من أجزاء وطننا الغالي فكان الجميع يتواصل مع أخوانه وزملائه في هذه المحافظات للاطمئنان عليهم وأيضا تقديم النصيحة والتوعية لهم في كيفية التعامل مع هذه الأنواء المناخية الاستثنائية فكانت النتيجة والحمد لله نجاحا باهرا لأخواننا في هذه المحافظات، ونجاحاً أكبر لمؤسسات الدولة المدنية والعسكرية في كيفية الاستعداد والتعامل مع هذه الأنواء المناخية وتنفيذ الخطط الاحترازية التي كان لها دور كبير في التقليل من الخسائر، وذلك بشهادة الجميع فنحن نتكلم عن إعصار من الدرجة الأولى وفي بعض الأحيان من الدرجة الثانية خاصة وأنها المرة الأولى التي يضرب الإعصار فيها اليابسة وبهذه القوة وكمية الأمطار، لذلك اليوم وبعد مشاهدتنا للآثار التي خلفها الإعصار نستطيع أن نحكم بالفعل على نجاح السلطنة في التقليل من الخسائر والتقليل من هذه الآثار مقارنة بما يحدث من تداعيات وآثار للأعاصير حول العالم.

لقد شكل العمانيون ملحمة وطنية تتجلى في العديد من المشاهد الإنسانية وفي أمور عديدة تؤكد أن عمان على يد واحدة وقلب واحد، وقدموا دروساً ميدانية في احترافية التعامل مع هذه الأنواء المناخية الاستثنائية، وبرهنوا انهم يملكون من الإمكانيات المادية والبشرية ما جعلتهم ينجحون في تجاوز آثار إعصار «مكونو» والحمد لله ويطلقون عدداً من الرسائل إلى العالم منها ما يمثل دروساً وعبر للجميع، ولعل من بين هذه الرسائل المهمة أن السلطنة أصبحت لديها المعرفة والخبرة في التعامل الإيجابي والسليم في إدارة الأزمات وهذا أمر في غاية الأهمية فالمتابع لدور وتسلسل الأحداث يبين أن الجميع كان على معرفة ودراية بالدور الذي سيقوم به قبل وأثناء وبعد الإعصار من خلال اللجنة الوطنية للدفاع المدني واللجان الأخرى لذلك وجدنا الاستعدادات من مختلف المؤسسات المعنية تسير وفق منظومة متكاملة ومتعاونة وعلى أعلى مستوى في التنسيق والعمل المشترك، كذلك من الرسائل المهمة التي بعثتها السلطنة مدى ارتفاع الوعي لدى المواطنين والمقيمين في كيفية التعامل وأخذ الحيطة والحذر والاستعداد النفسي والبدني والتعاون مع الجهات الحكومية للتقليل من الآثار المترتبة من إعصار «مكونو» مقارنة بالأحداث السابقة فقد ساهم هذا التعاون الإيجابي من أفراد المجتمع في محافظتي ظفار والوسطى في تحقيق هذا النجاح وهنا لابد من الإشادة بدور المؤسسات الإعلامية ورفع القبعة لها ونجاحها في التغطية الإعلامية الإيجابية والمباشرة وعلى مدار الساعة وجهد كان محل تقدير من الجميع من مختلف المؤسسات وعلى كافة المستويات فكان دور الإعلام واضحاً وبارزاً في تهيئة الناس وإيصال المعلومات والبيانات الصحيحة للجميع دون تهويل، وفي الوقت المناسب لذلك تجاوب الجميع مع هذا الدور الإعلامي المميز فكان له العديد من الإيجابيات، ومن الرسائل المهمة التي بعثتها السلطنة للعالم أيضا أهمية التقييم في مثل هذه الظروف والتي على أساسها يتم الاستعداد، لذلك ومنذ الأنواء المناخية في العام 2007 تحديداً وبعد إعصار «جونو» قامت السلطنة بتقييم الآثار وكافة الأمور المتعلقة بهذا الجانب، وتم اتخاذ العديد من الخطوات الهامة في مجال توفير الإمكانيات المختلفة للتعامل مع مثل هذه الأحداث الطارئة وإنشاء مؤسسات تُعنى بهذا الموضوع وتوفير الإمكانيات لها لإنجاز أعمالها بالشكل المطلوب حيث ساهمت اليوم والحمد لله هذه الخطوات في التقليل من آثار الأنواء المناخية والخروج بأقل الخسائر وأيضا التعامل ما بعد الأنواء المناخية وإعادة تصليح وبناء ما خلفه الإعصار وفي وقت قياسي حتى تعود الحياة لطبيعتها وهذا ما يجب عمله دائماً وفي مختلف المجالات والظروف.

لا شك أن هناك العديد من الرسائل التي بعثت بها السلطنة للعالم حول تعاملها المهني والاحترافي أثناء الأنواء المناخية ولا يمكن الحديث عنها جميعها في هذا المقال ولكن يبقى المكسب الأهم والرسالة السامية أن الشعب العماني سطر ملحمة وطنية وانهم على قلب ويد واحدة دائماً، وان الجميع يتعاون ويتكاتف من أجل سلامة وحماية هذا الوطن الغالي والمشاركة في المحافظة على المكتسبات وعلى هذه اللحمة الوطنية التي أسس دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – حفظه الله ورعاه – وكلمة شكر صادقة من القلب لكل السواعد العمانية في مختلف القطاعات والمجالات والتي عملت وقامت بجهود جبارة أثناء هذه الأنواء المناخية وسلم الله عمان وشعبها من كل مكروه إنه سميع مجيب.

عيسى المسعودي

Ias1919@hotmail.com