المعيشة تحرك الشارع

الحدث الاثنين ٠٤/يونيو/٢٠١٨ ٠٢:٤٦ ص
المعيشة تحرك الشارع

عمّان - رويترز - وكالات

تشهد عدد من المدن والمحافظات الأردنية موجة من الاحتجاجات والمسيرات على إثر قرار الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء، خلال المراجعة الدورية لأسعار المحروقات، وهو قرار عادت الحكومة الجمعة للتراجع عنه بإيعاز من الملك الأردني عبدالله الثاني.

وواصل المحتجون في العاصمة الأردنية عمّان وغيرها من محافظات من الخروج إلى الشارع لمواصلة الاحتجاج على السياسة الاقتصادية ورفع الأسعار، وللمطالبة برحيل الحكومة ومجلس النواب، وضرورة تغيير النهج الاقتصادي الرسمي. وشارك آلاف الأردنيين في وقفات احتجاجية على مدى ليلتين متتاليتين خارج مقر مجلس الوزراء مرددين هتافات معارضة للحكومة ودعوا العاهل الأردني الملك عبدالله إلى إقالة رئيس الوزراء.

ورفض رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي سحب مشروع قانون لإصلاح الضرائب يدعمه صندوق النقد الدولي كان قد أثار احتجاجات بسبب رفع الأسعار وقال إن تقرير مصيره يعود إلى البرلمان.
وقال الملقي للصحفيين بعد اجتماع مع رؤساء اتحادات عمالية ونواب في البرلمان «إرسال مسودة قانون الضريبة لا يعني أن يوافق عليه مجلس النواب أو يوافق على جزء منه أو أن يوافق حتى على مادته فالمجلس سيد نفسه».
وتقول اتحادات عمالية إن مشروع القانون، وهو جزء من إجراءات تقشف أوسع نطاقا يوصي بها صندوق النقد الدولي، سيؤدي إلى تدهور مستويات المعيشة. وفي وقت فائت من هذا العام، جرى رفع ضريبة المبيعات وإلغاء دعم الخبز ضمن خطة أجلها ثلاث سنوات تهدف إلى تقليص فاتورة ديون البلاد البالغ حجمها 37 بليون دولار، والتي تعادل 95 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقول الحكومة إنها تحتاج المال لتمويل الخدمات العامة وإن الإصلاحات الضريبية تقلص مساحة التباينات الاجتماعية من خلال فرض عبء أكبر على أصحاب الدخل المرتفع وإنها لم تمس أصحاب الدخل المنخفض. وقال الملقي إن صندوق النقد الدولي أكمل أحدث مهماته في البلاد يوم الخميس وإنه يأمل في أن تنتهي المملكة بحلول منتصف العام 2019 من معظم الإصلاحات الضرورية اللازمة لإعادة الاقتصاد إلى المسار الصحيح.
ونقلت وسائل الإعلام عن العاهل الأردني، دعوته الحكومة والبرلمان إلى «أن يقودا حوارا وطنيا شاملا وعقلانيا للوصول إلى صيغة توافقية حول مشروع قانون الضريبة، بحيث لا يرهق الناس ويحارب التهرب ويحسّن كفاءة التحصيل».
وأنحى الملك عبدالله باللوم على الاضطرابات الإقليمية في تفاقم المعاناة المالية للأردن الذي تحده من الشمال سوريا التي تمزقها الحرب ومن الشرق العراق. وقال إن «التحديات التي تواجه الاقتصاد الأردني سببها الظرف الإقليمي الصعب». وأضاف: «المشكلة ليست بفعل الأردن ولا الأردنيين الذين يضحون بالغالي من أجل بلدهم، وبهمتهم جميعا إن شاء الله سنتجاوز هذه التحديات كما تجاوزنا غيرها».
وشدد على أن الدولة بكل مؤسساتها مطالبة بضبط وترشيد حقيقي للنفقات، وأهمية أن يكون هناك توازن بين مستوى الضرائب ونوعية الخدمات المقدمة للمواطنين.

اتساع الفجوة

يقول منتقدون إن الإجراءات ستلحق الضرر بالفقراء ويتهمون السياسيين بإهدار المال العام والفساد.

وقال رئيس البرلمان عاطف الطراونة إن أكثر من 80 نائبا، وهو عدد يمثل أغلبية في البرلمان الذي يتألف من 130 عضوا، يريدون أن تسحب الحكومة مشروع القانون.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الطراونة قوله بعد لقاء مع الملقي «لن نذعن لإملاءات صندوق النقد الدولي».
وقالت اتحادات تمثل موظفي القطاعين العام والخاص إن الحكومة رضخت لمطالب صندوق النقد الدولي وإنها توسع الهوة بين الأغنياء والفقراء في البلد البالغ تعداد سكانه ثمانية ملايين نسمة، والذي يعيش به مئات الآلاف من اللاجئين الفارين من الصراع الدائر في سوريا.
وقال مجلس النقابات المهنية، الذي كان قد هدد بإضرابات جديدة قبل اجتماع مع الملقي، يوم السبت إنه سيجتمع قريبا لاتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية.
وقال رئيس المجلس علي العبوس «نحن جئنا بطلب سحب هذا القانون سمعنا كلاما آخر».
وواجه الاقتصاد الأردني صعوبات في النمو في ظل عجز مزمن، حيث تراجعت تدفقات المساعدات ورأس المال الأجنبي الخاص. وقال شهود عيان إن احتجاجات متفرقة خرجت في عدة مدن مما اضطر الشرطة في بعض الأماكن إلى استخدام الغاز المسيل للدموع. وفي مدينة معان بجنوب الأردن أضرم محتجون النار في الإطارات لقطع الطريق السريع وتشاجروا مع الشرطة.
وبدأ الأردنيون الاحتجاج مساء يوم الأربعاء استجابة لدعوة من الاتحادات للخروج في مظاهرات ضد زيادات الضرائب التي يطلبها صندوق النقد الدولي.
ومقترحات الضريبة جزء من إجراءات تقشف يطالب بها صندوق النقد الدولي شملت رفع ضريبة المبيعات العامة هذا العام وإلغاء دعم الخبز وسلع أساسية يستهلكها الفقراء.
ويقول المحتجون إن الإجراءات من شأنها أن تضر بالفقراء ويتهمون السياسيين بإهدار المال العام والفساد.

مواقف النواب

ورفض 78 عضوا في مجلس النواب مشروع قانون ضريبة الدخل، معتبرين أنه «غير صالح شكلا ومضمونا».

وأكد النواب في مذكرة أنهم يعلنون مسبقا موقفهم الواضح والمتضمن رد مشروع قانون الضريبة جملة وتفصيلا.
ومشروع القانون المعدل لضريبة الدخل تضمن إخضاع الفرد الذي يصل دخله السنوي إلى ثمانية آلاف دينار (11.2 ألف دولار) للضريبة، وتعفى العائلة من الضريبة إذا كان مجموع الدخل السنوي للمعيل 16 ألف دينار (22.5 ألف دولار).
وكان المقترح السابق للقانون يشمل خفض سقف إعفاءات ضريبة الدخل للأفراد الذين يبلغ دخلهم السنوي ستة آلاف دينار (8.4 آلاف دولار) بدلا من 12 ألف دينار (16.9 ألف دولار)، و12 ألف دينار (16.9 ألف دولار) للعائلة بدلا من 24 ألف دينار (33.8 ألف دولار).
وتقدر الحكومة أن توفر هذه التعديلات لخزينة الدولة قرابة مئة مليون دينار (141 مليون دولار)، خصوصا أنها ستعمل بموجب تعديلات القانون على معالجة قضية التهرب الضريبي.

إجراءات سابقة

واتخذت الحكومة الأردنية إجراءات خلال السنوات الثلاث الفائتة استجابة لتوجيهات صندوق النقد الدولي الذي يطالب بإصلاحات اقتصادية تمكنها من الحصول على قروض جديدة، وذلك في ظل أزمة اقتصادية متفاقمة وتجاوز الدين العام 35 بليون دولار.

وكانت الحكومة رفعت مطلع العام الجاري أسعار الخبز، وفرضت ضرائب جديدة على العديد من السلع والمواد بهدف خفض الدين العام.
وتخضع معظم السلع والبضائع بشكل عام في الأردن لضريبة مبيعات قيمتها 16%، إضافة إلى رسوم جمركية وضرائب أخرى تفوق أحيانا ثلاثة أضعاف القيمة السعرية الأصلية للسلع.