هبة خليجية للأردن

الحدث الأحد ١٠/يونيو/٢٠١٨ ٠٣:٣٨ ص
هبة خليجية للأردن

عمّان - الرياض - وكالات

بيان سمارة.. معلمة أردنية كثيرا ما يسألها أطفالها لماذا لا تشتري لهم ملابس جديدة أو لعبا، فما كان منها إلا أن اصطحبتهم إلى احتجاج في العاصمة.
وفي غرفة المعيشة بدارها في عمّان قالت إن أسئلة الأطفال "غصة بقلبي"، فأرادت أن تجعلهم يدركون "إن فيه وضع صعب لأن عندنا حكومة فيها ناس أشرار على قولة ابني".
تكافح بيان (30 عاما) وزوجها أحمد لإعالة أسرتهما وسط ركود الاقتصاد في الأردن.
ونزلت إلى الشوارع مع الآلاف من الشبان والأسر في موجة احتجاجات نادرة اضطرت رئيس الوزراء إلى تقديم استقالته يوم الاثنين الفائت.
في العامين الفائتين دفعت الزيادات المتسارعة في الأسعار الزوجين إلى نقل أبنائهما إلى مدارس عامة وإلى تقليص التأمين الصحي.
وقالت بيان إن دخلها وزوجها يكفي بالكاد لسداد أقساط الشقة والمصاريف اليومية لهما ولابنهما وابنتيهما الذين تتراوح أعمارهم بين ست وثماني سنوات.
وتلقي الأسرة باللائمة على سلسلة من السياسات الاقتصادية والإصلاحات الضريبية التي أشعلت أكبر احتجاجات منذ سنوات في الأردن الذي نجا إلى حد كبير حتى الآن من الاضطرابات التي تهز معظم أنحاء المنطقة.
وزاد الغضب الشعبي منذ رفع الدعم عن الخبز وإقرار زيادة في الضريبة العامة على المبيعات هذا العام ضمن خطة لصندوق النقد الدولي لخفض ديون الأردن التي تبلغ 37 بليون دولار.
قالت بيان "قلقانة إنه مع كل ها الأمل إنه راح تظل الأمور مثل ما هي". وأضافت "الناس مضغوطة. فيه جو إحباط بيصير بالعيلة".
ومضت تقول "بس بالنهاية الواحد مضطر يتماشى مع الوضع. هذا هو سبب الاحتجاج.. مستقبل أفضل لأولادنا ولإلنا".

"الخوف من التغيير"
قالت الحكومة إنها تحتاج لتمويل الخدمات العامة كما تقول إن الإصلاحات ستضيق الفروق الاجتماعية. ويتهمها منتقدوها بإهدار المال العام وفرض سياسات تلحق الضرر بالفقراء وحصار الطبقة المتوسطة.
وقال أحمد الذي يعمل في تجارة ثلاجات عرض المنتجات الغذائية لكن يعاني من انتشار الرشا وانخفاض الطلب "أنا كل حلمي كان انه أبني نفسي في البلد اللي أنا بحبها".
فبعد أن عمل في السعودية سنوات عاد إلى عمّان ليبدأ مشروعه الخاص ويعيش وسط أهله. والآن يخشى أن يضطر للسفر إلى الخارج من جديد.
ودعا العاهل الأردني الملك عبدالله إلى حوار واسع حول الضرائب هذا الأسبوع بعد أن استبدل رئيس الوزراء لامتصاص الغضب الشعبي.
ووقع الاختيار على الاقتصادي السابق في البنك الدولي عمر الرزاز لتولي رئاسة الوزراء. وقال الرزاز إنه سيسحب مشروع قانون ضريبة الدخل وهو مطلب رئيسي للمتظاهرين.
ومنذ ذلك الوقت انحسرت الاحتجاجات ورحّب الناس بخطوة تعيين رئيس وزراء جديد وقالوا إنهم سينتظرون ليروا إن كانت الحكومة الجديدة ستساعد في كبح جماح الأسعار.
لكن آخرين، منهم أحمد وزوجته، يقولون إن أساس مشاكلهم لن يزول دون تغيير ديمقراطي أعمق في الحكومة.
وقال أحمد "فيه نوع من التفاؤل لكن الموضوع نهج إدارة البلد". وأضاف قائلا إن الرزاز وحده "ما بيقدر يغيّر حتى لو كان رجل كتير كفء".
وقال إنهم لا يريدون اضطرابات كتلك التي أطلقتها انتفاضات 2011 في دول عربية أخرى لكنهم سعوا فقط للضغط على الحكومة الجديدة لتتخذ قرارات أفضل.
وفي احتجاج نظِّم في وقت متأخر من الليل قرب مقر الحكومة هذا الأسبوع لوّح مئات حول أحمد بالأعلام وأخذوا يهتفون "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية".
وقال أحمد إنه اصطحب أطفاله إلى الاحتجاج ليعرفوا أن التغيير ممكن وكي لا يخافوا التغيير.
ونتيجة لهذا الوضع المتأزم في الأردن أعلن بيان للديوان الملكي في السعودية في ساعة مبكرة من صباح أمس أن الملك سلمان بن عبدالعزيز والملك عبدالله عاهل الأردن والشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الكويت والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي سيجتمعون في مدينة مكة المكرمة يوم الأحد.
وقال البيان إن هذا الاجتماع سيبحث "سبل دعم الأردن الشقيق للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها".
ودعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لعقد اجتماع رباعي الأحد في مكة المكرمة يضم السعودية والإمارات والكويت والأردن لبحث سبل دعم الأردن للخروج من الأزمة الاقتصادية التي يمر بها.
وشهد الأردن احتجاجات شعبية لم يشهدها منذ سنوات بالعاصمة عمّان ومحافظات أخرى ضد مشروع قانون ضريبة الدخل الذي ينص على زيادة الاقتطاعات الضريبية من مداخيل المواطنين.
وأدّت هذه الاحتجاجات إلى استقالة حكومة هاني الملقي وتكليف عمر الرزاز تشكيل حكومة جديدة.
وتعهّد رئيس الوزراء الأردني الجديد بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل، ما أدّى إلى نزع فتيل الأزمة.
وسجل معدل النمو الاقتصادي في الأردن العام 2017 نحو 2% ويتوقع أن ينخفض عن 2% لعام 2018.
ويعاني الأردن أزمة اقتصادية فاقمها في السنوات الأخيرة تدفق اللاجئين من جارته سوريا إثر اندلاع النزاع العام 2011 وانقطاع إمدادات الغاز المصري وإغلاق حدوده مع سوريا والعراق بعد سيطرة تنظيم داعش على مناطق فيهما.
كما يعقد وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، والمسؤولة عن الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي ونائبة رئيس الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني، مؤتمرا صحفيا اليوم الأحد.
وتصل موجيريني إلى عمّان اليوم، في زيارة تستمر يومين تجري خلالها مباحثات مع الملك عبدالله الثاني، وكبار المسؤولين.
وبحسب مصادر مطلعة، فموجيريني ستعيد التأكيد على الشراكة القوية للاتحاد الأوروبي مع الأردن، واستمرار دعمه للأردن وللأردنيين.
وتشكل مباحثات موجيريني، فرصة للاتحاد والأردن لمناقشة آخر الأحداث وتبادل وجهات النظر حول التقدم الملموس في التعاون الاجتماعي والاقتصادي، والذي يعد أولوية رئيسة للشراكة بين الاتحاد والأردن، لزيادة النمو وفرص العمل للأردنيين، لا سيما في سياق الأزمة السورية وتأثيرها الإقليمي.
وكان الأردن والولايات المتحدة وقّعا الأربعاء الفائت على مذكرة تفاهم جديدة بين البلدين بقيمة 6.3 بليون دولار أمريكي، كمساعدات للأعوام الخمسة المقبلة.
وتقسم المساعدات السنوية بمجموعة 1.274.9 بليون دولار، منها 812.3 مليون مساعدات اقتصادية، وحوالي 450 مليون مساعدات عسكرية، و3.7 مليون للتعليم والتدريب العسكري الدولي، و8.8 مليون تحت بند (NADR)، أي منع الانتشار، ومكافحة الإرهاب، وإزالة الألغام، وبرامج ذات صلة. ويمثل مبلغ 1.275 بليون دولار سنويا زيادة بمقدار 275 مليون دولار سنويا عن مذكرة التفاهم الفائتة.