(وداعاً رمضان)

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٣/يونيو/٢٠١٨ ٠٣:٥٤ ص

أ.د طارق الحبيب

أيام معدودات ونفارق الشهر الفضيل، والسؤال هنا ما الفائدة التي اكتسبتها من مجريات هذا الشهر الجليل؟
رمضان تربية نفسية وروحية كذلك، ولعل تنوّع أشكال العبادة يضفي عليها اللذة التي يبحث عنها الإنسان ليعزز مهاراته الروحية التي يحتاجها في معايشة حياته التي لا تخلو من مواقف الوجع والألم في بعض الأحيان.
بل إن طبيعة الشهر وخصوصيته السامية تدرّب الإنسان على ماهية الشكر واستشعار عظمة الله في الهبات التي تتوالى على الإنسان في رمضان.
شهر فضيل لأنه يعطينا الفرصة كي نكون فضلاء، فالانشغال بالطاعة وبالضوابط التي أقرها الله يمنح الإنسان قدرة على استصغار هوامش وتوافه الأمور ويضع الأحداث الدنيوية في حجمها الطبيعي دون تهويل أو تضخيم.
شهر كريم لأنه يجعلك في أجواء الطاعة المستمرة وهذا يعني الأجور المستمرة وهذا يعني تبديد المشاعر السلبية وتجديد الشعور بالحياة بروحانية أكثر، فأنت في رمضان في حالة حسنات مستمرة لمن حسن استثمار هذا الشهر.
إن المشاركة الاجتماعية والإحساس بالعطاء الجماعي قيم تجدها متفرّدة في رمضان، حيث التنافس الذي يزيد من قدرة الإنسان على استحداث كل ما يمكن أن يقدّمه لله ابتغاء القبول والرضا، فهنا وبشكل تلقائي يرى الإنسان المسلم بأنه يتعلم من الآخرين أبواب الخير ليكون من السابقين السابقين.
رمضان ليس مجرد عبادة تقليدية أو روتينية، رمضان قيمة إيمانية وتربية سلوكية واستشعار للمسؤولية ومشاركة جماعية.
رمضان تجربة متفرّدة لاختبار القدرة على التحمّل وضبط النفس، وهو فترة مهمة لتقييم القدرة على الثبات والاتزان بالرغم من التنازل الوقتي عن بعض محبوبات النفس، كما أنه يربي في ذات الفرد احترامه لنفسه وذلك لأنه يترك كل ما يترك دون ضجر أو ملل بل برغبة في السخاء وإرضاء الله.
الآن الاستعداد لمغادرة هذه الأجواء التي لا تتكرر ولا تكون إلا في رمضان!
ولكن من الذي أضاف إلى حياته الخبرات الروحية المهمة والفارقة؟
إن تعزيز النفس وصقلها بالمهارات الروحية يعالج الكثير من لحظات الحزن والإحباط والتشاؤم والانزعاج.
كما أن معرفة الإنسان بقدرته على بذل النفس من أجل بلوغ الطاعة يجعل الإنسان ينظر لنفسه بعين القدرة لا بعين الضعف والعجز.

استشاري الطب النفسي في مركز مطمئنة في مسقط، الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب