الحامية التركية

الحدث الأربعاء ٠٤/يوليو/٢٠١٨ ٠٥:٠٤ ص
الحامية التركية

عفرين (سوريا) - رويترز

الأعلام التي ترفرف في مدينة عفرين هي أعلام المعارضة السورية وتركيا، لكن ليس هناك أدنى شك بشأن من له السيطرة في هذه المدينة التي نالت منها المعارك.

فبعد قرابة أربعة أشهر من انتزاع قوات تدعمها تركيا السيطرة على تلك المنطقة الواقعة في شمال سوريا من قبضة وحدات حماية الــــــشعب الكردية المسلحة التي تتهمها أنــــــقرة بالإرهاب وتصنّفها كمنظمة إرهابية تفرض العلامات على نفوذ تركيا نفسها في كل مكان، من المشروبات الغازية التي تُباع في متاجر مغبرة إلى الوجود الكثيف لقواتها الأمنية في الشوارع.

وفتح توغل تركيا في شمال غرب سوريا جبهة جديدة في الحرب الأهلية متعددة الأطراف، وسلّط الضوء على الدور الأكبر للقوى الأجنبية في الصراع الدائر منذ نحو سبع سنوات. وليس واضحا إلى متى ستحتفظ تركيا بنفوذها على عفرين التي كانت سابقا منطقة يهيمن عليها الأكراد قرب حدودها الجنوبية.

وقال أحمد (27 عاما)، معلّم التاريخ الذي ذكر أنه يقطن عفرين من أربعة أعوام «عندما جاءت تركيا للمساعدة، بقينا هنا». وأضاف الشاب العربي أنه يؤيد المعارضة المسلحة وأغلبها من العرب وقال إن الحياة الآن أفضل منها في ظل وجود الفصيل الكردي المسلح.
كان أحمد يتحدث مع مجموعة من الصحفيين الأجانب الذين يزورون عفرين برفقة مسؤولين أتراك.
وفي العملية التي أطلقت عليها أنقرة اسم «غصن الزيتون» طرد الجيش التركي وحلفاؤه في الجيش السوري الحر مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من عفرين في مارس. وتنظر تركيا إلى وحدات حماية الشعب باعتبارها جــــــماعة إرهابية وامتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يشنّ عمليات مسلحة منذ ثلاثة عقود في جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية.
وهدد الرئيس التركي رجب طيب أردوجان بتدمير ما يصفه بأنه «ممر الإرهاب» المشكل من أراض تسيطر عليها وحدات حماية الشعب على حدود بلاده الجنوبية مع سوريا. وزاد هذا من التوتر مع الولايات المتحدة، شريكة أنقرة في حلف شمال الأطلسي، والتي تؤيد وحدات حماية الشعب في المعركة مع تنظيم داعش.
وعن الجهود التركية، قال محمد خالد (31 عاما) عضو المجلس المحلي المنتـــــــخب حديثا في عـــــــفرين «لقد فتحوا مستشفيات، وجمعوا الأطفال للذهاب إلى المدرسة».
وقال رئيس البلدية زهير حيدر للصحفيين من خلال مترجم إن 20 شخصا انتخبوا في أبريل لعضوية المجلس المحلي. وأضاف أن من بينهم أكرادا وتركمانا وعربا.

مستشفيات ومدارس

تعتبر السلطات التي يقودها الأكراد والتي تدير مناطق بشمال سوريا، كان من ضمنها عفرين في السابق، تركيا قوة غازية.

وقالت إلهام أحمد التي تنحدر من عفرين وهي عضو كبير في الإدارة السياسية التي يقودها الأكراد لرويترز في مقابلة في الآونة الأخيرة «عفرين هي محتلة».

وأضافت: «النازحون من عفرين حاليا يعيشون بمنطقة مساحة صغيرة بالمخيمات وبيوت مهدمة».
واتهمت تركيا بتوطين مقاتلي المعارضة وأسرهم في عفرين.
ونفت تركيا مرارا مزاعم انتهاكها حقوق الإنسان ووصفت ذلك بأنه دعاية إرهابية.
وقبل عامين توغلت تركيا شرقا بشكل أكبر في شمال سوريا في عملية أُطلق عليها اسم (درع الفرات) للقضاء على مسلحي داعش ووقف تقدم وحدات حماية الشعب الكردية. وأصبح لتركيا وجود هناك منذ ذلك الوقت وبدأت في فتح مدارس والمساعدة في إدارة مستشفيات.
وفي هذه المنطقة يدرس تلاميذ المدارس اللغة التركية كما توجد لافتات إرشادية باللغة التركية وقوة شرطة درّبتها تركيا ومكتب بريد تركي. واتهمت دمشق تركيا بأن لها أطماعا استعمارية بينما يندد بعض الناشطين السوريين بما يصفونه بإضفاء الطابع التركي على المنطقة.
ونفى أردوجان أن تكون لبلاده رغبة في احتلال مناطق من سوريا وقال إن أنقرة ترغب في عودة الملّاك الشرعيين لتلك المناطق. وقال مسؤول إن عفرين ستشهد على الأرجح تطبيق «نموذج مماثل» لما تم في مناطق أخرى واقعة إلى الشرق منها.
وأضاف المسؤول إن قوات الأمن التركية ستبدأ الأسبوع المقبل عملية انسحاب من عفرين، مضيفا أن تلك العملية ستكون بمثابة مشروع طويل الأمد إذ إن قوات الشرطة المحلية بحاجة لتدريب كامل قبل إتمام الانسحاب.
وقال مسؤول آخر إنه يجري حاليا تدريب نحو ألفي شخص للعمل كأفراد شرطة محلية. وقالت امرأة في الشارع، قبل أن تسارع الخطى بعيدا «نحن خائفون من الوضع. المشكلة هي الشبان. لا أمن لهم».

أعمال نهب

ويقف في نقاط التفتيش شبان مسلحون، منهم من يبدو صغير السن في أواخر العشرينيات، يرتدي كل منهم زيا عسكريا وخفا. أما سيارات الشرطة التي كانت تجوب المنطقة فقد كُتب عليها باللغتين العربية والإنجليزية وُلصق على نوافذها العلم التركي.

وقالت الأمم المتحدة إن أكثر من 134 ألفا ما زالوا مشرّدين في أوضاع مريعة بعدد من البلدات المجاورة. وأضافت أن عددا قليلا من سكان عفرين عاد إليها في مايو.وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الشهر الفائت إن مقاتلين تدعمهم تركيا استولوا على أملاك المدنيين الأكراد ونهبوها ودمّروها في أعقاب عملية عفرين.

وقال مسؤولون أتراك في مارس إنهم ينظرون في مزاعم النهب والاستيلاء على الممتلكات وإنهم سيعملون على ضمان أن تكون عفرين مكانا آمنا لسكانها العائدين.
وقالت تركيا إن نحو 140 ألفا عادوا إلى عفرين منذ انتهاء العملية. وقال أحد المسؤولين الأتراك إن عدد السكان حاليا يقدَّر بنحو 300 ألف.
ورغم أن متاجر كثيرة ما زالت مغلقة كان أحد الشوارع يعج بالناس.
وجلس رجل مسن وسط بعض أقفاص الدجاج في سوق مؤقتة بينما كانت نحو 12 من أسماك السلور كبيرة الحجم ملقاة أمامه على الأرض وكان بعضها ما يزال يتحرك.وقال مسؤول آخر إن تركيا تهدف إلى عودة الحياة لصناعة زيت الزيتون بعد تضرر منشآتها خلال القتال.
والتقى المسؤولون مع الصحفيين في مجمع آمن بعيد عن الشارع الرئيسي. وكان على المبنى لافتة كتب عليها «جمهورية تركيا، مكتب حاكم خطاي، مركز عفرين لتنسيق المساعدات الإنسانية». ورُفع على المبنى علم الــــمعارضة السورية وعلم تركيا. وعن هذا المبنى، قال أحد المسؤولين «هذا موقع خاص تحت سيطرة السلطات التركية».