المهاجرون إلى المجهول

الحدث الأحد ٠٨/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:٤٤ ص
المهاجرون إلى المجهول

روما - رويترز

«إن إغلاق إيطاليا موانئها أمام سفن إنقاذ المهاجرين سيؤدي إلى تقطع السبل بمزيد من المهاجرين في مراكز الاحتجاز الليبية وفي أيدي مهربين، حيث يتعرّضون للضرب والانتهاكات» هكذا قالت منظمة أطباء بلا حدود ردا على إصرار وزير الداخلية الإيطالي الجديد على منع السفن التي تحمل مهاجرين غير شرعيين الرسو في الموانئ الإيطالية.

وقال عضو بعثة أطباء بلا حدود في ليبيا، كريستوف بيتو، إن كل من اعترض خفر السواحل الليبي طريقهم، وعددهم نحو 10789 هذا العام، انتهى بهم الحال محتجزين لأجل غير مسمى في مراكز تديرها حكومة طرابلس.
وأضاف: «مع تراجع أعداد سفن الإنقاذ وزيادة الرحلات خلال الصيف، سيزداد الوضع سوءا في المراكز».
وقال وزير داخلية إيطاليا الجديد، ماتيو سالفيني، الذي ينتمي لليمين المتطرف وتولى منصبه يوم الأول من يونيو، إن سفن الإنقاذ لم تعد موضع ترحيب على شواطئ إيطاليا، مضيفا أن بلاده استقبلت بالفعل أكثر من حصتها العادلة من المهاجرين.
كما شكك في تقارير عن الإساءة لمهاجرين في ليبيا وهي تقارير تنفيها السلطات الليبية التي تتهم جماعات الإغاثة بتشجيع المهاجرين على القيام برحلة العبور الخطرة من شمال إفريقيا إلى أوروبا من خلال عمليات الإنقاذ التي تقوم بها ويُروّج لها بشكل جيّد.
وأفاد بيان أن مدير المنظمة الدولية للهجرة، وليام ليسي سوينج، اجتمع مع رئيس الوزراء الليبي فائز السراج في طرابلس يوم الجمعة وناشده «عدم وضع المهاجرين في مراكز احتجاز».
ولم يرد سالفيني أو السلطات الليبية بعد على هذه الانتقادات.
وقالت «أطباء بلا حدود» إن ما بين خمسة آلاف وسبعة آلاف شخص محتجزون في سبعة مراكز رسمية بطرابلس مكتظة وغير صحية وينتشر فيها الجرب والسل.
ويوجد 17 مركز احتجاز حكوميا في جميع أنحاء ليبيا وتحدّث مهاجرون وجماعات إنسانية مرارا عن حالات ضرب وظروف غير إنسانية.
وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن العدد الإجمالي للمهاجرين في ليبيا يقدّر بنحو 700 ألف. وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن لا أحد يعرف عدد المعتقلين في معسكرات سرية يديرها مهربون، حيث الأوضاع أسوأ من المراكز الرسمية.
وقال جيانفرانكو دي مايو، المشرف على علاج ضحايا التعذيب في منظمة أطباء بلا حدود، لرويترز «فكرتنا عن الناس القادمين من ليبيا هي أن العنف شائع».
وقال ممثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في ليبيا، روبرتو مينيوني، إن «الزيادة الأخيرة في عدد الذين يتم اعتراضهم تضع ضغوطا متزايدة على المنشآت المكتظة بالفعل».

ندوب

جرى إنقاذ النيجيري شارل أوتوكيتي (37 عاما) في البحر بعد مروره عبر ليبيا في العام 2016. وهو يعيش الآن بالقرب من روما وتوجد ندوب على ساقيه وذراعيه بسبب الضرب المبرح على يد المهربين الذين دفع لهم أموالا لوضعه على متن قارب متجه إلى إيطاليا.
وقال إن حراسا يرتدون زيا رسميا احتجزوه في مستودع في طرابلس لمدة ثلاثة شهور مع نحو 700 آخرين لكنه لم يكن متأكدا لحساب من يعمل الحراس. وقال إن المحتجزين كانوا يتناولون وجبة واحدة في اليوم مؤلفة من مغرفة حساء في كفوف أياديهم.
وقال: «كانوا يضربوننا كل يوم... شاهدت أناسا يُضربون حتى الموت». وفيما يتعلق بسياسة إيطاليا بمنع سفن المنظمات الخيرية في مسعى لإبقاء المهاجرين بعيدا قال: «ينبغي أن يسمحوا لهم بالدخول مثلما يقول البابا فرنسيس».
وأقام البابا قداسا خاصا للمهاجرين وعمال الإنقاذ في الذكرى السنوية الخامسة لزيارته لجزيرة لامبيدوسا حين قال لأول مرة إن الدفاع عن المهاجرين سيكون حجر زاوية في فترة بابويته.
وقال البابا: «أشكر عمال الإنقاذ على تجسيدهم لمُثل السامري الصالح الذي توقف لإنقاذ حياة الرجل الفقير الذي ضربه قطّاع الطرق».
وأضاف: «لم يسأل من أين هو ولا عن أسباب سفره أو وثائقه... قرّر ببساطة أن يهتم به وأن ينقذ حياته».
وتزامن إغلاق الموانئ الإيطالية أمام سفن الإنقاذ مع زيادة في معدل وفيات المهاجرين في البحر، رغم أن العدد الإجمالي للقادمين من ليبيا انخفض أكثر من 85 في المئة هذا العام مقارنة مع العام الفائت.
وقال ماتيو فيلا، وهو باحث في شؤون الهجرة بالمعهد الإيطالي لدراسات السياسة الدولية، إنه منذ بداية يونيو وحتى الثاني من يوليو، غرق أو فقد 565 شخصا، أي واحد من كل 13 ممن انطلقوا من الساحل الليبي، مقارنة مع واحد من كل 43 خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام.
لكن أوتوكيتي، وهو كاثوليكي متدين، يقول إنه ممتن للعيش في إيطاليا التي منحته اللجوء. وقال: «إيطاليا هي الأفضل لكل شيء. سنقف كشخص واحد... لأن إيطاليا أرض مسيحية».