الأموات في الأسواق

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٢/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:١٤ ص
الأموات في الأسواق

عزيزة راشد

تصطف المحلات التجارية على جوانب الطريق بألوانها البراقة وصخبها المعتاد وزحمة السير وبهجة الحياة، وفيما أنت تستمتع بالمنظر تظهر لك فجأة لوحة كتب عليها: مقبرة! وقد اصطكت جدرانها بالمحلات التجارية جنباً إلى جنب مع المحلات، يا ترى كم مشهد يتكرر بالنمط نفسه؟
لماذا لا يتم تخطيط الولاية أو المحافظة بتخطيط هندسي عصري يفصل المحلات التجارية عن المقابر وعن المساجد وعن البيوت السكنية، إذ ما يحدث الآن تجده فوضى غريبة، فالمسجد يجاور المحلات التجارية والتي تجاورها مساكن وتلتصق بالكل مقبرة في تخطيط إداري عشوائي.
نزور بلدان العالم ونعجب بالتخطيط الهندسي الرائع للمدن، فالمقابر جمعت في منطقة معينة والمحلات التجارية اصطفت في خط متواز يعطي انطباعاً أنك في منطقة تجارية، أما المساكن فقد انفصلت تماماً عن كل هذا الصخب وانعزلت في مكان منفصل يوحي بالهدوء والسكينة، أليست البيوت هدوءاً ومسكناً للإنسان.
تأتي المدارس الخاصة كجزء من تخطيط عشوائي آخر في بلادنا، فنجد أن المدرسة تجاور البيوت السكنية وأصوات الدارسين تسبب إزعاجاً منهكاً للسكان، وطابور الصباح الذي أصبح طقساً مزعجاً في كل بيت، ناهيك عن وقوف السيارات والحافلات أمام أبواب المساكن حتى لجأت بعض الأسر إلى مغادرة المكان نتيجة الزحام والإزعاج وسوء التخطيط.
تأتي أيضاً المباني الحكومية المستأجرة وسط البيوت السكنية لتسبب هي الأخرى الإزعاج والزحام، لماذا لا يتم عمل تخطيط سليم وممنهج ومدروس؟ لماذا لا يستورد مسؤولونا الأفكار العصرية من خلال أسفارهم الكثيرة التي لا يعودون منها إلا بصور في هواتفهم؟
العواصم العالمية الكبرى مثل روما وباريس ولندن تم التخطيط لها بكل عصرية ومنهج سوي في تقسيم مدروس، فلماذا لا نستورد الفكرة ونجعل من مسقط عاصمة عالمية وفق أفضل مقاييس التقسيم الإداري الذي يحفظ الهدوء للمساكن ويجمع المدارس في مدينة تعليمية موحدة.
أما الكليات والجامعات الخاصة فليست بأحسن حالاً، بالإضافة إلى المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة، والتي توغلت بين الشوارع والمساكن لدرجة أنك عندما تزورها لا تجد موقفاً لسيارتك، بالإضافة إلى المجمعات التجارية التي هي الأخرى أيضاً تلاصقت ببعضها البعض مسببة زحاماً مزعجاً جداً لدرجة أننا نجد أن في الخوير وحدها أن أكثر من 7 مراكز تجارية تجاور بعضها مسببة زحاماً خانقاً، وكأن الأرض ضاقت بما رحبت، لدرجة أن كل هذه المباني بجنب بعضها بعضاً.
التخطيط السليم يأتي بالراحة والانسيابية للمدن، وسوء التخطيط يأتي بنتائج خطيرة مستقبلاً على المدينة، وتنتج عنه العشوائية وعدم التنظيم إلى أن تتحول المدينة أو العاصمة إلى فوضى من العشوائيات، مسقط تحتاج إلى إعادة تخطيط هندسي جديد فهل من مبادر؟