جزيرة مصيرة ثراء وتنوّع بيئي وحيوي

مزاج الأحد ١٥/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:٠٣ ص
جزيرة مصيرة ثراء وتنوّع بيئي وحيوي

مسقط - العمانية

تتمتع جزيرة مصيرة التابعة لمحافظة جنوب الشرقية وهي أكبر جزر السلطنة بثراء وتنوّع بيئي وحيوي، وغني بالثروة السمكية وأنواع عديدة من القشريات والرخويات وتنوّع في الكائنات البرية والبحرية والطيور مما يجعلها من بين أهم المواقع البيئية والسياحية في السلطنة.

ويوجد في الجزيرة ثاني أكبر تجمّع في العالم وأكبر تجمّع في المحيط الهندي لسلحفاة الريماني، حيث يعيش بها ما يقارب من 30 إلى 60 ألف سلحفاة سنويا، كما يوجد بها نوعان من السلاحف، وهما الزيتونية التي تبيض في شواطئ جزيرة مصيرة بأعداد تصل إلى 150 سلحفاة سنويا، والسلحفاة الشرفاف، التي تعشش في الجزيرة وجزر الديمانيات، وتجمّعها في السلطنة يعتبر الأكبر على مستوى العالم حيث تبيض سنويا من 500 إلى 1500 سلحفاة، بينما تعشش السلحفاة الخضراء في معظم شواطئ مصيرة، ولكن بأعداد قليلة مقارنة بتجمّعها الأكبر في رأس الحد.

وأكد تقرير لوزارة البيئة والشؤون المناخية أن السلطنة قامت بجهود عديدة من أجل صون وحماية السلاحف البحرية فيها، وكان لها الريادة في العديد من الجوانب المتعلقة بإدارة المواد الطبيعية الخاصة بالسلاحف البحرية، حيث استفادت كثيرا من الطريقة العلمية والمنهجية التي بدأتها في محاولة تقييم ومعرفة أعداد السلاحف البحرية وأماكن انتشارها، كما أن الوزارة تواصل الدراسات والبحوث في مختلف المجالات المتعلقة بهذا الموضوع سواء بجهودها الذاتية أو بالتعاون مع المؤسسات العلمية والعلماء الباحثين، ونظراً لطول السواحل العُمانية ووجود السلاحف البحرية في أغلبها، فإنه ما زال هناك الكثير من الجوانب التي تتطلب دراسات وتوثيقا.
وبحسب تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN) فإن السلاحف التي تعشش في عُمان جميعها في الفئة المعرَّضة للخطر بل إن السلحفاة الشرفاف تتعدى ذلك إلى الفئة المعرَّضة للخطر بصفة حرجة، ووعت السلطنة هذه المسؤولية الكبيرة باعتبار أن شواطئها تعدّ الأهم بين دول المنطقة بالنسبة لتعشيش السلاحف البحرية خاصة السلحفاة الريماني، والحمسة (الخضراء)، والشرفاف، فكانت السبّاقة في القيام بمسح لأنواع السلاحف التي تعشش في شواطئها وأعدادها والقيام ببرنامج طموح طويل الأمد لترقيم السلاحف البحرية في عُمان.
وبموقعها الجغرافي المتميّز تعتبر جزيرة مصيرة مكانا مهما لمحبي مشاهدة ودراسة الطيور، حيث تعيش فيها وتأوي إليها أعداد كبيرة من الطيور وبالتحديد طيور البلشون، والنحام، والنورس، والخطاف، بالإضافة إلى الطيور المهاجرة والقادمة من شبه الجزيرة العربية، والهند، وباكستان، وطيور أخرى من شرق إفريقيا، وسهول سيبيريا، وأوروبا.
وقال مدير شؤون المُجتمع والتوعية البيئية لدى جمعية البيئة العُمانية د.حمد بن محمد الغيلاني لوكالة الأنباء العمانية إن بحر شرق الجزيرة يعتبر موقعا
مهما لتجمّع نوع من الحيتان وهو الحوت «الأحدب» الفريد، الذي يعتقد أنه نوع من الحيتان الحدباء المنفصلة عن الأنواع الأخرى منه حول العالم، والذي يعتبر أكثر الحيتان وجودا في السلطنة (تقدّر إعداده بـ200 حوت)، كما يوجد في نفس الموقع (الشمال الشرقي لبحر مصيرة) نوع من الدلافين، وهو الدلفين «طويل المنقار».
ويوجد بالجزيرة أكبر تجمّع لنوع من الطيور، وهي الرخمة المصرية، التي توجد في شمال الجزيرة ووسطها، بالإضافة إلى العديد من الطيور المستوطنة بها، كالعقاب النساري، الذي يوجد بالشمال الشرقي للجزيرة، والبلشون الرمادي بالشمال الغربي للجزيرة، والنحام الكبير في الغرب، وصياد السمك أبيض الياقة، وخطاف البحر سانتوش، وخطاف البحر أبيض الخد، في الوسط الغربي من الجزيرة.
وتعدّ الجزيرة المكان الوحيد في السلطنة الذي يوجد فيه طائر «زقزاق السرطان» وهو طائر مهاجر أبيض اللون يعيش على الشواطئ البحرية والصخرية والرملية يبلغ طوله 38 سنتيمترا وأجنحته طويلة ومدببة وذيله قصير، أما منقاره فهو قوي ويشبه منقار مالك الحزين وذو أرجل طويلة وجناحاه أسودان.
كما تعدّ جزيرة «مرصيص الصغيرة» التي تقع في الجزء الغربي من منتصف جزيرة مصيرة إحدى أهم المناطق التي تتكاثر فيها الطيور البحرية وخصوصا أيام الرحلات الموسمية الخريفية منها طيور النورس الاقحم، والخرشنة الوردية، وبيضاء الخد، والصغيرة بيضاء الوجه، كما أن هناك أنواعا من الطيور التي تزور الجزيرة والتي تنتمي إلى طيور الهند، وجنوب آسيا مثل الببغاء الصغير، والشقراق الهندي، والغراب، والبلشون الهندي، والوقواق الغامق. ويؤكد الغيلاني أن «هذا التنوّع الهائل والفريد للجزيرة، يتطلب نظرة مختلفة لمستقبل النشاط الإنساني، والعمراني، والسياحي، والاقتصادي، وحماية للمواقع البيئية المهمة، والتقليل من ضغط الإنسان عليها، وتصنيفها كمحمية طبيعية».
ومن بين الأشجار والنباتات التي توجد في الجزيرة بحسب المسح الأولي الذي قامت به وزارة البيئة والشؤون المناخية في شهر أبريل سنة 2013م (الرمرام، والثمام، والنزاع، والخزامى، وشجرة الأرنب، وشجرة الضب، وزموته، والحبة السوداء) وغيرها.
ونظرا للإقبال المتزايد من قِبل السياح -وخصوصا من داخل السلطنة- لزيارة جزيرة مصيرة وقلة الوعي البيئي لدى بعضهم، ساهم بدوره بشكل كبير في إزعاج الأحياء الفطرية والتعدي عليها مما أدى إلى تناقص أعدادها وتعرّضها لخطر الانقراض.
ومن الأمثلة لذلك، صيد الحيوانات البرية وخاصة الغزال (غزال مصيرة) و(الأرنب البري) مما بات يهدد وجودهما في الجزيرة، كما أن هناك مؤشرات على وجود عمليات صيد للسلاحف في كثير من المواقع الممتدة من الشمال الشرقي وحتى الرأس الجنوبي وصولا لمنطقة جشار الشيخ، بالإضافة إلى جمع بيض بعض الطيور من مواقع تعشيشها، ومرور السيارات على شواطئ التعشيش أثناء خروج السلاحف لوضع البيض، وتشغيل الإضاءة بالقرب من تلك الشواطئ مما يتسبب في تغيير اتجاه السلاحف بعيدا عن الشاطئ، إلى جانب التهديد المستمر للشعاب المرجانية من خلال التكسير والاقتلاع بشباك الصيد.