مطاراتنا خارج مظلة التعمين

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٥/يوليو/٢٠١٨ ٠٢:٤١ ص
مطاراتنا خارج مظلة التعمين

علي بن راشد المطاعني

من حسن الطالع أن تناقش لجنة تنظيم سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عُمان موضوع توظيف العُمانيين في الشركات العاملة في مطارات السلطنة بشكل عام، ومطار مسقط الدولي بشكل خاص وذلك في إطار مسؤوليتها الوطنية للنهوض وتفعيل هذا الجانب المهم.
فالمطارات العُمانية كلفت الدولة مليارات الريالات، باعتبارها الركن الأساس في منظومة التنمية الشاملة، وما برحت الدولة تبذل الجهد لإنشاء المزيد منها، وتحديث وتطوير القائم منها حالياً، فهي العماد الذي تقوم عليه صناعة السياحة التي نعول عليها كثيراً في رفد وتنويع مصادر الدخل، لكل تلك الاعتبارات الاقتصادية والإستراتيجية والسياحية والاجتماعية والأمنية فإن قضية تعمين وظائف المطارات باتت الشغل الشاغل للشارع العُماني، فهذه الوظائف ولكل تلك الاعتبارات التي أشرنا إليها لابد من أن يشغلها أبناء هذا الوطن فهم الأحق بها، وبما أن المطارات هي واجهة أو وجه الوطن الذي يصافح كل الضيوف القادمين إلينا فمن الطبيعي أن يكون هذا الوجه عُمانياً إذ لا يعقل أن يكون غير ذلك.
ومن المؤسف حقاً أن توجد بالمطارات وظائف صغيرة يمكن أن يشغلها المواطن بكل سهولة ويسر كالوظائف التوجيهية والإرشادية، بالإضافة إلى الوظائف التي تتوفر لها كوادر وطنية مؤهلة، إلا أن أغلبها يشغلها غيرهم للأسف في مفارقة غريبة نشهدها في مطاراتنا الحكومية، ونحن على ما يبدو عاجزون عن إقناع إداراتها باستيعاب كوادرنا الوطنية أو إلزامها كغيرها.
ولا نحسب بأن الشركات الحكومية كالشركة العُمانية لإدارة المطارات تحتاج إلى وصايا لا همسا ولا جهرا في مسألة تعمين الوظائف في أقسامها وفي الشركات المنضوية تحت مظلتها، فهم يؤمنون ويوقنون حكما بأن التعمين الغاية، والتعمين الهدف، يجب أن يكون دوماً وأبداً في أعلى سلم الأولويات وفي قمة الأجندة بحيث لا يعلو عليه أبداً أي بند آخر في تصريحاتهم، غير أننا لا نعرف إذا كان له في الواقع موضع، ولعل استضافتها من لجنة تنظيم سوق العمل بغرفة تجارة وصناعة عمان باعتبارها ممثلة للقطاع الخاص، فيه توجيه مباشر بالقصور الذي يشوب التعمين في المطارات تشكر عليه الغرفة ولجانها المسؤولة عن هذا الجانب، ويجب أن تأخذه الشركة العمانية لإدارة المطارات كملاحظة من القطاع الخاص نفسه، وهنا مربط الفرس حيث يجب أن تكون الشركات الحكومية أكثر مسؤولية وحرصاً من القطاع الخاص نفسه، باعتبارها شركات حكومية أولا تنهل من خزينة الدولة حتى وإن تحدثت عن إيرادات فهذه موارد عامة، وثانيا تدير مرفق عام بحجم المطار يحق للجميع أن يسأل عن مسار التعمين فيه وإلى أين يمضي.
من المؤسف أيضاً بأن أحد العمال الأجانب غرد على تويتر ساخراً منذ فترة بسيطة من توظيف قوى عاملة أجنبية بالمطارات في ظل وجود قوى عاملة وطنية من الممكن أن تشغل ذات الوظائف، فكانت تلك التغريدة بمثابة لطمة مدوية لنا باعتبارها أتت على لسان أجنبي وليست من بعض لهيب غضب مواطن عُماني باحث عن عمل بدون جدوى.
فملاحظات القطاع الخاص والأجانب على التعمين في مطار مسقط الدولي، والشركات العاملة واضحة كالنهار لا تحتاج إلى دليل، يعني بأن هناك خللاً في إدارة هذا الجانب يجب تلافيه ومراجعته من كل الأطراف التشريعية والرقابية والمعنية بالتعمين في البلاد، فلا يمكن أن نلزم الشركات الخاصة، في حين الشركات الحكومية خارج هذا الالتزام الوطني بحجج واهية يسوقها البعض بدواع غير مفهومة، ويتمسكون بآرائهم ويدافعون عنها بشكل مستميت.
إن مسؤولية التعمين في القطاع الخاص، ونكرر بأنها ليست مسؤولية وزارة القوى العاملة وحدها، تهم كل الجهات والشركات الحكومية التي عليها مسؤوليات كبيرة بحكم عملها ودورها في ضبط إيقاع مسار التعمين في البلاد بما يحقق أهداف الدولة في هذا الصدد.
ونحن إذ نقدر عالياً جهود بعض الجهات ومن بينها الشركة العُمانية للمطارات في تحقيق هذه الغاية، إلا أن دورها في تقديرنا يتجاوز ذلك إلى ضبط إيقاع التعمين في الشركات العاملة والتعاون معها لتنزيل هذه الإرادة إلى أرض الواقع، فإدارة مرفق بحجم المطار يجب أن يثمر في إيجاد فرص عمل لأبنائنا وليس لأبناء الآخرين ليعي الجميع بدون استثناء.
نأمل من الشركة العُمانية لإدارة المطارات باعتبارها شركة حكومية أن تنهض بدورها في مجال التعمين في أقسام المطارات، والإشراف على كل المستويات الوظيفية التي تعمل في هذا القطاع بل والتدقيق في مدى وجدية الالتزام بنسب التعمين في الشركات العاملة بالمطار، فهذا دورها وتلك مسؤولية لو تعلمون عظيمة متى كانت على قدرها، ومتى كانت عازمة بكل تأكيد على النهوض بها وليست تسويقاً ينافيه الواقع بكل تأكيد، وهذا ما يتجسد على أرض الواقع وهذه ليست آراءنا فقط، وهي بالطبع قد لا تعجب البعض وهذا ندركه، وعلى البعض تفهمه، فهذا وطن الجميع وتلك مسؤولية الكل حتى بالأقلام.