تستفتي في الخطر!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٦/يوليو/٢٠١٨ ٠٣:٥١ ص
تستفتي في الخطر!

علي بن راشد المطاعني

لا أعرف فيما إذا كانت وزارة البيئة والشؤون المناخية تحتاج إلى استفتاءات لمنع استخدام البلاستيك في محلات الهايبر ماركت أو غيرها في الأماكن أو منع استخدام كل ما يمت بصلة للإضرار بالبيئة، وبالطبع فإن الإجابة على مثل هذه الاستفتاءات متوقعة نتيجتها وهي رفض كل الممارسات الخاطئة التي تضر بالبيئة باعتبارها من المسلمات.

وفي إطار تقنين هذه الأطروحات ووضعها في قوالبها الدائمة لم تصدر حتى الآن قرارات بمنع استخدام البلاستيك باعتباره العدو الأول للبيئة ولصحة الناس أيضا، وهو أمر يثير الاستغراب حول عدم إصدار قرارات إستراتيجية تعزز من الوعي العام وتؤكد على اهتمامنا بالبيئة وعملنا الدؤوب للمحافظة عليها.
وعلى الرغم من أن فكرة الاستفتاءات جيدة، إذ من خلالها نعمّق الوعي لدى أفراد المجتمع، ونوجد أرضية ثابتة لاتخاذ قرارات حاسمة لمنع استخدام البلاستيك، فأضراره لا تخفى على أحد ومادة (الديوكسين) المسرطنة هي مكون وجزء أساس منه، وفي مطلق الأحوال لابد من أن تكون هناك توجهات رسمية ونافذة عبر وسائل الإعلام كافة تحض الناس على التوقف عن استخدامه أو حصره في أضيق نطاق ممكن ما بقي عدوا لدودا للبيئة، وذلك لن يتأتى إلا من خلال فرض رسوم على استخدامه، مثل هذه القضايا المصيرية لا يمكن التعامل معها بالأمنيات الطيبات وبالدعوات الصادقات، والتي لا تلبث الرياح أن تنقلها إلى العدم.
هناك استفتاء طرح سؤالا واحدا وهو: هل تؤيد منع استخدام الأكياس البلاستيكية في الأسواق والمراكز التجارية أو استبدالها بأكياس قابلة للتحلل أو إعادة الاستخدام؟
السؤال يعكس مدى الوعي المتنامي بالبيئة وقضاياها، وهو منحى إيجابي يجب استثماره وتوظيفه والارتكاز عليه في إصدار القرارات والتشريعات والقوانين الملزمة للجميع، وبذلك فإن المحلات التجارية قد تتوصل إلى آليات وحلول تقلص من استخدامه أو في أضعف الإيمان حصره في أضيق نطاق ممكن، فالعديد من دول العالم سبقتنا في هذا المجال باستخدام أنواع من البلاستيك قابل للتحلل وصديق للبيئة وخال من مادة الديوكسين، والأكياس الورقية تبدو هي الأقرب للتصديق، وقد يجد المستهلك نفسه مرغما على استخدام الأكياس أكثر من مرة أثناء التسوق، أو شراء الأكياس مثل الكثير من الدول بأسعار رمزية، وذلك ما أشار إليه الكثير من المغردين على تويتر في إطار التفاعل الذي جرى مع الاستفتاء، وهو منحى يعيد صياغة أو تحجيم النهم الاستهلاكي لدى البعض، ففي كل سلعة صغيرة حتى لو كانت أقراص بندول فإنه يفردها في كيس كامل.
نأمل أن تتصدر قضية البلاستيك ومعضلتها الأزلية مع البيئة سنام الاهتمام المجتمعي والرسمي، فهي أخطر مما نعتقد، فكل الدراسات العلمية الحديثة أجمعت على أن السبب الرئيسي في انتشار السرطان هو (البلاستيك)، كما أنه القاسم المشترك الأعظم في كل تدهور بيئي، فهو صديق في ظاهرة وعدو في حقيقته، وعلينا بالتالي التعامل معه بكل الجدية اللازمة.