بصمة الحضور لأعضاء مجلس الشورى!

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٧/يوليو/٢٠١٨ ٠٣:٤٠ ص
بصمة الحضور لأعضاء مجلس الشورى!

علي بن راشد المطاعني

الكثيرون اطلعوا على مجريات الجلسات البرلمانية لمجلس الشورى التي استضاف فيها أصحاب المعالي الوزراء، وكذلك الجلسات المشتركة وحجم الغياب بين الأعضاء وتسربهم من الجلسات إلى خارج القاعات والانشغال بالهواتف النقالة إلى غير ذلك من الممارسات التي تنتقص من قدسية القبة البرلمانية وتؤسس لثقافة عدم الاهتمام، كما أن هكذا تصرفات تعكس صورة غير إيجابية الملامح لدى الناخبين الذين وضعوا كل آمالهم وتطلعاتهم على ممثليهم وينتظرون منهم روائع الإنجازات التي تخدم ولاياتهم وتلبي تطلعاتهم في حاضر وغد أرغد بإذن الله.
وحتى يتسنى الحد من هذه الممارسات يمكن لإدارة المجلس تطبيق نظام البصمة لضبط الانصراف والحضور، والخصم من المرتبات على كل من يتخلف عن الاجتماعات والجلسات من الأعضاء كغيرهم من الموظفين العموميين بالدولة باعتبارهم يستلمون رواتب من الدولة ويجب عليهم الإيفاء بما عليهم من التزام يكلل الاحترام والتقدير للعمل البرلماني في المقام الأول، ويستفاد من الجلسات واجتماعات اللجان التي يحضرها الأعضاء وتخدم المصلحة العامة، فبدون ذلك يبقى العمل البرلماني عرضة لممارسات خاطئة من الأعضاء، فضلا عن أن الأعضاء يجب أن يكونوا قدوة حسنة للجميع باعتبارهم مشرعين و مراقبين، عليهم أن يراقبوا أنفسهم أكثر مما ينبغي، لكي يكونوا مثالا يحتذى به في الالتزام، وهو اقتراح نقدمه بمزيد من الأسف، ونحسب أن القارئ الكريم يقدر لماذا نتأسف على هذا المقترح، والسبب واضح هو أننا كنا ولا زلنا ننظر إلى أعضاء مجلس الشورى الموقرين باعتبارهم القدوة في الالتزام بالنظام وبالقانون وبالانضباط، وأن الناس عندما يتابعون الجلسات على التلفاز فإنهم يرون الجدية والصرامة والدقة والالتزام بالحضور والانصراف، وإنهم يتألمون ويبكون ويلطمون خدودهم إذا ما تأخروا لثانية واحدة عن جلسة من الجلسات، وإنهم ربما يقدمون استقالاتهم في إطار جلد الذات الوطني لهذا السبب، وإنهم سيواجهون مطالبات من ناخبيهم تطالبهم بالاستمرار بعد منحهم (السموحة) على هذا التأخير الذي جاء خارج إرادتهم البشرية، هؤلاء هم من نتطلع أن نراهم بهذا القدر من الشفافية.
فمجلس الشورى ولد لكي يتطور كما أراد له ذلك المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- لكن في ظل هذا التعاطي الذي نشهده لا اعتقد أن هناك ما يحفز على تطويره إذا لم يتم إصلاح البيت من الداخل وتقديم صورة ناصعة عن ما تحت القبة.
إن الأنظار مصوبة إلى مجلس الشورى وكل شاردة وواردة يأتي بها العضو بالمجلس هناك من يرصدها أو يترصدها، وهو من ناحية عامة تجسيد لـ62 ولاية، وكل مواطني تلك الولايات يفعلون ذلك ويضعونه تحت المجهر وتحت الفحص الدائم، إذن لا مفر غير الالتزام وفق أعلى معدلات هذا الالتزام .
فالكثير من البرلمانات في العالم تطبق مثل هذه الإجراءات عندما اتضح لها عدم الالتزام، ولكن بعد تطبيق نظام البصمة لأعضائها والخصم على المتغيبين أصبح هناك انضباط غير عادي في الحضور والالتزام وهذا ما ينقص مجلس الشورى على ما اعتقد لضبط الأمور أكثر مما هي عليه.
بالطبع عدم التزام بعض الأعضاء بالضوابط لا يعني أن نعمم ذلك على الكل، هذا لا يجوز بطبيعة الحال، فغياب 22 عضوا في الجلسة المشتركة مع مجلس الدولة لا يعني إطلاق الأحكام بالتعميم على الجميع، وإن كنا نرى أن غياب هذا العدد لا يمكن قبوله، لكن تطبيق هذه الأنظمة ليست للأعضاء في هذه الفترة وإنما يصبح نظاما يتبع لكل الدورات ليعلم العضو أن عضوية المجلس ليست نزهة ومصلحة عابرة مدتها أربع سنوات وإنما مهمة وطنية من أرقى الوظائف التي تشرع وتسن وتراقب كل السلطات.
نأمل من الأمانة العامة لمجلس الشورى أن تضع ما تراه مناسبا من الضوابط حتى يستقيم الالتزام من قبل الأعضاء، إلى أن يصبح الالتزام والتقيد بالأنظمة ثقافة لدى الأعضاء وقيمة حضارية يحاولون تطبيقها على أنفسهم قبل مطالبة الآخرين بها.