الساخطون على الرئيس

الحدث الأربعاء ١٨/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:٢١ ص
الساخطون على الرئيس

هلسنكي - واشنطن - موسكو - وكالات

«أعتقد أننا قضينا وقتا ممتعا وتحدثنا عن كل المواضيع والمسائل المهمة بالنسبة للطرفين».. «بوتين خلال اللقاء كان قويا وصريحا جدا». هذا ما كشفه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن تفاصيل لقائه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي، خلال حواره مع قناته المفضلة «فوكس نيوز» الأمريكية بينما صرّح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن كل الجهود المبذولة لعزل روسيا، باءت بالفشل. وقال بوتين ردا خلال لقائه على قناة «فوكس نيوز»: «أعتقد، وأنت ترى أن هذه الجهود فشلت، ولا يمكن أن تتوج بالنجاح». وأضاف بوتين: روسيا أكبر من أن تكون معزولة.

وبعد المؤتمر الصحفي واجه ترامب عاصفة من الانتقادات والسخط في الولايات المتحدة ردا على ما عبّر عنه خلال المؤتمر الصحفي مع بوتين فقد وجّه الممثل الأمريكي والحاكم الأسبق لولاية كاليفورنيا الأمريِكية، أرنولد شوارزنيجر، سيلا من الانتقادات للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال لقائه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. الممثل الأمريكي وصف في تسجيل مصور له الرئيس الأمريكي بـ«قطعة معكرونة مسلوقة»، وأضاف قائلا: «لقد شاهدت المؤتمر الصحفي، وكنتَ مخزيا، فقد كنت تقف كـ«معكرونة مسلوقة» وكمشجع صغير».

مواجهة حلفاء

وترى صحيفة روسية أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول استمالة روسيا لتقف معها ضد دولتين أخريين.
وقالت صحيفة «نيزافيسيميا جازيتا»، في إشارة إلى ما قاله ترامب، إن هذا يوحي بأن ترامب وصل إلى هلسنكي لكي يحظى بتأييد الرئيس الروسي في مواجهة الصين وكذلك «الخطر الإيراني»، إذ قال ترامب للصحفيين إنه أكد خلال لقائه ببوتين أهمية الضغط على إيران.
ورأى المحلل السياسي مكسيم سوتشكوف أن أكثر ما يهتم به ترامب استمالة روسيا لتقف إلى جانب الولايات المتحدة في مواجهة بين دول القرن الـ21 الرئيسية أو، على الأقل، تلتزم الحياد. وذهب ترامب إلى لقاء بوتين من أجل ذلك. وعبّر رئيس مركز موسكو لمؤسسة كارنيجي، دميتري ترينين، عن شكوكه في إمكانية أن يصل الرئيس الأمريكي إلى هدفه. واستبعدت أوساط الخبراء إمكانية أن يغدو بوتين شريكاً لترامب في مواجهة إيران والصين، وفقا لـ«نيزافيسيمايا غازيتا». وفي يوم واجه فيه ضغوطا من منتقديه ودول حليفة بل وحتى من معاونيه لاتخاذ موقف صارم لم يوجه ترامب أي كلمة انتقاد واحدة لموسكو عن أي من القضايا التي تسببت في وصول العلاقات بين واشنطن وموسكو إلى أدنى مستوى لها منذ الحرب الباردة.
وبدلا من ذلك انتقد «غباء» السياسات التي انتهجتها بلاده خاصة قرار التحقيق في التدخل في الانتخابات.

موجة سخط

وأثار أداء ترامب في المؤتمر الصحفي في هلسنكي موجة من الانتقادات في الولايات المتحدة حيث يسعى البيت الأبيض منذ أشهر جاهدا لتبديد تلميح بأن ترامب غير مستعد للوقوف في وجه بوتين. وانتقد مدير سابق للمخابرات المركزية الأمريكية أداء ترامب ووصفه بأنه «خيانة» كما ندد به سناتور جمهوري ونعته «بالمشين» لكن جمهوريين آخرين كانوا أكثر تحفظا.
وعندما سئل عمّا إذا كان يثق في أجهزة المخابرات الأمريكية التي خلصت إلى أن روسيا تدخلت في انتخابات العام 2016 لمساعدته في هزيمة المرشحة الديمقراطية هيلاري كلنتون قال ترامب إنه ليس مقتنعا.
وقال مدير المخابرات الوطنية الأمريكية دان كوتس الذي اختاره ترامب ووافق عليه الكونجرس في بيان «كنا واضحين في تقييمنا بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016 وبشأن جهودهم المتواصلة والواسعة لتقويض ديمقراطيتنا وسنستمر في تقديم تقييمات مخابراتية واضحة وموضوعية دعما لأمننا القومي».
وبعد ساعات من قمة هلسنكي قال ترامب على تويتر «لديّ ثقة كبيرة في رجال مخابراتي».

حماقة وغباء

وقبل بدء القمة وجّه ترامب اللوم لبلاده في تدهور العلاقات بين البلدين.
وقال: «علاقاتنا مع روسيا لم تكن قط بمثل هذا السوء ويرجع ذلك لسنوات عديدة من الحمق والغباء الأمريكي والآن هذه الحملة الظالمة المصطنعة».
وسجّلت وزارة الخارجية الروسية إعجابها بهذه التغريدة على تويتر وردت عليها بالقول «نتفق معكم».

انتقاد روسيا

وخلال المؤتمر الصحفي طلب الصحفيون من ترامب أن يوجه انتقادا واحدا لروسيا لكنه رفض مرارا وتكرارا. وسئل إن كان اللوم يلقى على عاتق روسيا في تدهور العلاقات فقال قبل أن يتحوّل بالنقاش إلى فوزه في الانتخابات: «أحمّل البلدين المسؤولية. أعتقد أن الولايات المتحدة اتسمت بالحماقة. كنا جميعا حمقى». وتتناقض كلمات الود المتكررة لترامب تجاه روسيا مع تصريحاته الأسبوع الفائت التي انتقد فيها حلفاء تقليديين للولايات المتحدة خلال قمة حلف شمال الأطلسي وزيارة لبريطانيا.

إشادة بترامب

تحدّث بوتين عن أهمية تعاون البلدين سويا وأثنى على ترامب وفي لحظة ما قطع المؤتمر الصحفي ليقدّم للرئيس الأمريكي كرة قدم.
وعندما سُئل إن كان يرغب في فوز ترامب بانتخابات 2016 وإنه أصدر تعليمات للمسؤولين لمساعدته قال بوتين «نعم» لكنه نفى أي تدخل قائلا إن الاتهامات «محض هراء».

تعاون استخباراتي

وأشار بوتين إلى أن بإمكان المحققين الأمريكيين السفر إلى روسيا للمشاركة في استجواب الروس الذين تتهمهم واشنطن بالتدخل في الانتخابات الأمريكية ما دام يسمح للمحققين الروس بعمل الشيء نفسه مع الجواسيس الأمريكيين الذين يعملون في روسيا وهي فكرة رفضها المنتقدون لترامب بوصفها سخيفة.

انتقادات جمهورية

وقال السيناتور الجمهوري لينزي جراهام إن أداء ترامب سيبعث برسالة «ضعف» إلى موسكو.
وأضاف جراهام على تويتر «أضاع الرئيس ترامب فرصة لمحاسبة روسيا على التدخل في انتخابات العام 2016 وتوجيه تحذير قوي يتعلّق بالانتخابات المقبلة. ستنظر روسيا إلى رد ترامب على أنه دلالة على الضعف وهذا الرد يُوجِد مشكلات أكثر مما يحل».
وقال جيف فيلك وهو سيناتور من أريزونا وأحد المنتقدين الدائمين لترامب: «لم أعتقد أبدا أنني سأرى اليوم الذي يقف فيه رئيسنا الأمريكي على المنصة مع الرئيس الروسي ويوجه اللوم للولايات المتحدة وليس للعدوان الروسي. هذا أمر مشين».

خيانة

وذهب مدير المخابرات المركزية الأسبق جون برينان إلى أبعد من ذلك وقال إنه يجب عزل ترامب من منصبه. وأضاف: «أداء دونالد ترامب في المؤتمر الصحفي في هلسنكي يرتفع ويتجاوز حد ’الجريمة الكبرى والإثم’ لم يكن هذا أقل من الخيانة. لم يكن ترامب معتوها فحسب في تصريحاته بل كان بأكمله في جيب بوتين. أيها الجمهوريون الوطنيون: أين أنتم؟؟؟».
وقالت نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، على تويتر «في كل يوم اسأل نفسي: ما الذي يمسكه الروس على دونالد ترامب شخصيا هل هي أمور مالية أم سياسية؟ والإجابة على هذا السؤال هو الشيء الوحيد الذي يفسّر سلوكه ورفضه للوقوف أمام بوتين».
ودعا زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى أن يبذل الحزبان جهدا «لزيادة» العقوبات على موسكو.