رئيس لجنة التربية في الشورى لـ «الشبيبة»: تحديث تشريعات التعليم ضرورة ملحة

بلادنا الأربعاء ١٨/يوليو/٢٠١٨ ٠٢:٣٨ ص
رئيس لجنة التربية في الشورى لـ «الشبيبة»: 

تحديث تشريعات التعليم ضرورة ملحة

حوار - محمد سليمان

أكد رئيس لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بمجلس الشورى سعادة خالد بن يحيى الفرعي أن هناك العديد من التحديات التي تواجه قطاع التعليم بالسلطنة، مشيراً إلى أن آخر جهود اللجنة تمثلت في إجراء دراسة معمقة بعنوان «تعليم ذوي الإعاقة وتأهيلهم في السلطنة» تطرقت إلى واقع التربية الخاصة وما يواجهها من تحديات وسبل تطويرها. وأكد الفرعي في حوار خاص مع «الشبيبة» أن الاستثمار في التعليم بات توجها عالمياً، مبيناً أن السلطنة يجب أن تتابع التجارب الدولية مثل «سنغافورة، وفنلندا، وماليزيا» ومعرفة سبل التحول في القطاع التعليمي حتى باتت مستقطبا للطلاب من كافة دول العالم.. وفي الحوار الكثير من التفاصيل:

بداية ما هي أبرز التحديات التي تواجه القطاع التعليمي في السلطنة؟

لا شك أن التحديات كثيرة ومتنوعة وتختلف باختلاف الزمان والمكان ففي السابق مثلا، كان التحدي الأبرز في السلطنة نشر مظلة التعليم في كل الأرجاء، أما اليوم فتوجد تحديات متعلقة بالتخطيط وأخرى بالمناهج وثالثة بالكفاءة سواء الإدارية أو الفنية أو غيرها من التحديات، ويمكن إجمالها في التحديات المتعلقة بجودة التعليم، ولا ننسى في هذا الجانب التحديات المحيطة بالتعليم والتي لها أثر بارز على مخرجاته مثل الأسرة والإعلام ووسائل التواصل وغيرها.

هل هناك تحديات تواجهها المحافظات البعيدة؟

نعم هناك تحديات متعلقة بتوفر الكادر التدريسي الوطني من نفس هذه المحافظات؛ ما أدى إلى تعيين معلمين من محافظات أبعد، وهذا أثر في استقرار المدارس وكذلك المعلمين أنفسهم وهذا بدوره يؤثر في مستوى الطلبة، أضف إلى ذلك تحديات أخرى متعلقة بتضاريس هذه المحافظات.

ماذا عن ظاهرة الدروس الخصوصية؟ وكيف يمكن مواجهتها؟

تحدث هذه الظاهرة نتيجة لقلة كفاءة المعلمين وخبرتهم أو لعدم أمانة بعضهم، ولا شك أنها شر تجب محاربته حيث يؤدي إلى العبء المادي على عاتق الأسر إضافة إلى الابتزاز الذي يمارسه بعض المعلمين على الطلبة إلى غير ذلك من المساوئ، التي من الممكن مواجهتها عن طريق توعية المجتمع بخطرها، مع سن التشريعات الرادعة لهذه الظاهرة، وعلى المعنيين متابعة الطلبة وأداء المعلمين.

حدثنا عن الابتكار في المجال التربوي ومجالاته وأهميته؟

الابتكار أحد المؤشرات المهمة على نجاح التعليم في أداء مهمته، ولا يتأتى ذلك إلا بوجود اهتمام بارز بالبحث العلمي فهما مترابطان، ويظهر ذلك في جميع مجالات التعليم التي تستثمر العقل البشري فيما يعود بالنفع عليه ويحقق الرقي للوطن من خلال ما يعرف باقتصاد المعرفة.

التعليم الأساسي وسوق العمل خطان متوازيان، كيف يمكن تحقيق الموائمة بحيث تكون هناك مخرجات تعليمية تتواكب مع سوق العمل؟

رغم أهمية هذا الموضوع فإنني لست ممن يحصرون التعليم من أجل سوق العمل فحسب، وإنما يمكن القول ومن الضرورة بمكان أن يكون التعليم قادرا على تأهيل مخرجاته لتكون قادرة على العيش بحياة كريمة ومسايرة التقدم الحاصل في شتى المجالات.
وهذا يتطلب تخطيطا جيدا ودراسة للواقع، كما أشير هنا إلى موضوع مهم ركزت عليه العديد من الدراسات الدولية التي أجريت في السلطنة وهو ضرورة تعدد مسارات التعليم، بحيث تراعي رغبات الطلبة وقدراتهم من جانب واحتياجات الوطن من جانب آخر.

نريد تسليط الضوء على آخر جهود لجنة التعليم في مجلس الشورى؟

مجلس الشورى ممثلا في لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي يسعى جاهدا لمد يد العون للحكومة؛ فنحن نعتبر أنفسنا شركاء حقيقيين في الرقي بالشأن التعليمي والبحث العلمي خدمة لهذا الوطن العزيز وأبنائه، وفي هذا الصدد تدرس اللجنة وفي إطار الصلاحيات الممنوحة لها القضايا التي تهم التعليم، وقدمت العديد من الدراسات والتقارير مثل: تعليم ذوي الإعاقة، والتعليم الخاص سواء التعليم المدرسي أو التعليم العالي وكذلك البحث العلمي والتحديات التي تواجهه وسبل تطويره وتمويله. كما تناقش اللجنة العديد من المقترحات التي يقدمها أعضاؤها أو التي ترد إليها وتبدي رأيها في ذلك.

المعوقون والتعليم

مطلب إيجاد أماكن خاصة في المدارس لأصحاب القدرات الخاصة مستمر.. هل هناك جديد فيما يتعلق بهذا الأمر؟

أجرت لجنة التربية والتعليم والبحث العلمي بالمجلس دراسة معمقة بعنوان: «تعليم ذوي الإعاقة وتأهيلهم في السلطنة»، تطرقت إلى واقع التربية الخاصة وما يواجهها من تحديات وسبل تطويرها، وقدمت اللجنة مجموعة من التوصيات، وقد نالت هذه الدراسة إشادة من مجلس الوزراء الموقر وكذلك من المختصين بالحقل التعليمي بالسلطنة، ونأمل أن تسهم في تجويد الخدمة المقدمة لذوي الإعاقة الذين هم جزء مهم من مجتمعنا.

هل ترى ضرورة وضع خطط تربوية للنهوض بالمعلمين أنفسهم على غرار المعمول به في الدول الأخرى؟

بكل تأكيد، فالمعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية وهو ركن أساس فيها، وعملية تطويره تعني تطويرا للتعليم، ولذلك يجب أن تسخر جهود القائمين على التعليم لتطوير المعلم وإعداده الإعداد الجيد كي يكون قادرا على القيام بمتطلبات تطوير التعليم خير قيام، وقبل ذلك تشجيعه وتحفيزه ومعاملته المعاملة الحسنة التي ترقى بشأنه وتعلي مكانته، لأن التقليل من شأن المعلم أو التفريط في حقوقه أو التقصير فيها سيسهم وبشكل كبير في إحداث خلل بين ويؤثر سلبا على مخرجات التعليم.

هل تجارب دولية مثل «ماليزيا» التي أصبح التعليم فيها استثمارا ودخلا وطنيا، يستقطب الطلاب من دول العالم.. ماذا عن وضع السلطنة في خارطة التعليم العالمية، وهل يمكن تحقيق ذلك؟

لم يعد التعليم كما كان سابقا مجرد خدمة تقدم لأبناء المجتمع؛ بل أصبح في ظل منظومة العمل العالمي استثمارا حقيقيا يسهم في تعزيز اقتصاد الدول، لذلك من المهم الاستفادة من تجارب العديد من الدول مثل: ماليزيا وسنغافورة وفنلندا وغيرها ودراستها بشيء من الدقة لمعرفة السر وراء التحول الكبير في منظوماتها التعليمية لنتمكن من تحويل التعليم ليكون استثمارا سواء في الجانب البشري أو الجوانب الأخرى.

ماذا عن التشريعات المنظمة للعملية التعليمية في السلطنة.. كيف تراها؟ وهل هي في حاجة للتطوير؟

التشريعات البشرية بطبيعتها تتأثر بالوضع الذي هي فيه، وعليه يجب تحديثها وتطويرها بما يتناسب مع المعطيات الراهنة، وهنا أشير إلى جانبين: اللوائح الداخلية المعمول بها في الجهات التنفيذية المسؤولة عن التعليم، وقانون التعليم الذي طال انتظاره وقيل إنه قيد الإعداد منذ فترة ليست بالقصيرة؛ لذلك من الضرورة الملحة الإسراع في الانتهاء من قانون التعليم لإصداره، لأنه ينظم العلاقة بين عناصر النظام التعليمي ويحددها ويدفع بها للأمام، وعدم وجود القانون يمثل خللا واضحا في الجانب التشريعي.

إعداد المناهج

كانت هناك مطالبات متعددة بإشراك المجتمع في إعداد المناهج كيف ترى هذا الأمر؟

فلسفة المناهج تقوم على أن المناهج يجب أن تكون ملبية لحاجات المجتمع ومراعية لخصوصيته، وعملية إشراك المجتمع تأتي من خلال هذا الجانب؛ فمن يقوم ببناء المناهج هم من المجتمع سواء كانوا خبراء أو متخصصين.

كيف يمكن التغلب على ضعف التنسيق بين الجهات المسؤولة عن التعليم؟

بداية ينبغي أن تنظر هذه الجهات إلى أن أدوارها تتكامل مع أدوار الآخرين ذات الصلة بالشأن التعليمي وليست ضدا أو منفصلة عنها؛ فالتعليم مسؤولية جماعية وهو مرتبط بالتنمية في الدولة بشكل عام، ولذلك يجب أن نتجاوز مسألة اختصاص جهة واحدة فقط عن التعليم، ومن وجهة نظري يجب أن ينطلق التعليم بداية من الجـــــــهات التخطيطية المسؤولة عن رسم السياسات العامة للدولة وكذلك مجلس التعليم دوره مهم في هذا التنـــــسيق. ولا ننسى هنا كذلك الدور المـــــهم الذي ينبغي أن تــــــقوم به الهـــيئة العـــــمانية للاعــــــتماد الأكــــــاديمي في رفد هذه الجهات جميعها بالملاحظات المهمة عن مستوى التعليم عموما وعن مدى التنسيق بينها وضرورته خصوصا.

الإهدار المالي مسلسل مستمر، كيف يمكن مواجهته في العملية التعليمية؟

في الحقيقة يجب أن تولي الجهات ذات العلاقة بهذا الشأن هذا الموضوع اهتماما كبيرا وجديا من خلال الصرف المبرر والمحاسبة على كل ريال ينفق، وهذا يتطلب أمرين اثنين: أولا الكفاءة لدى المعنيين بالجانب المالي ومتابعة كل المصروفات وعدم هدر المال في الأمور التي ليس منها عائد ذو جدوى، والتركيز على الجوانب التي تطور التعليم مثل برامج تأهيل المعلمين وتوفـــــــير الاحتياجات للعملية التعـــــليمية، والأمر الثاني الأمانة لدى كل موظف في الحفاظ على المال العام وهذا بدوره يتطلب محاســــبة النفس وكذلك التوعية بأهمية المال العام وخطورته ثم الرقابة من جهات الرقابة والصرامة في معاقبة كل من يسيء استخدام المال العام.

أخيراً، كيف ترى مستقبل التعليم في السلطنة؟

أنا متفائل بشكل عام، وانظر إلى الوضع بعين الثقة في أننا يمكن أن نتغلب على التحديات متى ما كانت لدينا الرغبة الصادقة لذلك؛ فالعماني يمتاز بحبه الشديد لوطنه وغيرته عليه، ولذلك أنا متفائل بأن هذه العقبات ستزول بإذن الله إذا صاحب العمل إخلاص وأمانة وكفاءة وتخطيط وتنفيذ سليم، وأن مستقبل التعليم في السلطنة سيكون مزهرا بتوفيق من الله ثم بحرص القيادة الحكيمة لمولانا جلالة السلطان المعظم على ذلك وتوجيهها الدائم لإيلاء التعليم جل الاهتمام.