تمكين المرأة الباكستانية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٨/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:٢٣ ص
تمكين المرأة الباكستانية

قرة العين فاطمة

قبل مائة عام، أعطيت المرأة في المملكة المتحدة الحق في التصويت، واليوم، معظم النساء في الدول المتقدمة يتمتعن بهذا الحق. لكن العديد من الدول النامية لا زالت تقاوم الحركات المطالبة بحق التصويت، وهذا ما وقع في بريطانيا قبل 100 عام بسبب كراهية النساء. وينطبق الأمر على باكستان، حيث ستمنح فيها الانتخابات العامة المقررة في 25 يونيو فرصة مثالية للتغيير.

وتبدو باكستان وكأنها تتقدم من الوهلة الأولى. حيث منح القانون النساء حق التصويت منذ 1956، أي، عشر سنوات تقريباً بعد حصول باكستان على استقلالها من بريطانيا. ومنذ ذلك الوقت، ارتفع عدد النساء في البرلمان مدعوما بـ33% من «الكوتا» المخصصة للنساء والقوانين التي تحدد عدد النساء اللواتي يجب إدماجهن في لائحة الأحزاب.

تتنافس النساء على الترشيحات الانتخابية بانتظام في أيضا، حتى في المناطق ذات الطابع المحافظ في البلد. فمثلاً، في منطقة شمال غرب كايبر باشتونكوا، تنافس امراة تبلغ من العمر 100 عام بطل الكريكيت الأسبق عمران خان في الانتخابات العامة. وفي ثارباكار، وهي منطقة فقيرة في مقاطعة السند، تترشح أمرأة لأول مرة على الإطلاق.
لكن إلقاء نظرة عن قرب على المعلومات المتعلقة بالتصويت يكشف وجود تحديات تواجه سعي باكستان نحو المساوات في التصويت. فقد تكون النساء ضمن لائحة المرشحين، لكن هذا لا يعني أن النساء سيصوتن لهن- هذا إن صوتن أصلاً.
ويتكون الناخبون المسجلون البالغ عددهم 97 مليون من 54.5 مليون صوت أدلى به الرجل و42.4 أدلت به المرأة (وترجع الأصوات المتبقية للجنس الآخر. ونظراً للفارق الكبير بين الرجل والمرأة في التصويت والذي يصل إلى 12 مليون ناخب، تحتل باكستان المرتبة الأخيرة في العالم بخصوص مشاركة النساء في التصويت.
وكشف التحليل الأخير للمعلومات على المستوى الإقليمي الذي قامت به هيئة باكستان أنه حتى في المناطق الأكثر تنمية في البلد مثل لاهور وفيصل أباد، يصل الفارق إلى أكثر من نصف مليون.
ويرجع جزء من هذا الفارق إلى الصعوبات الإدارية. فمن أراد التصويت في باكستان، ينبغي عليه السجيل بواسطة بطاقة تعريفه الوطنية. لكن العديد من النساء لا يتوفرن على هذه البطاقة – سواء لأنهن غير واعيات بضرورتها أو أنه يصعب عليهن الحصول عليها وهذا ما يجعل التصويت صعباً من الناحية التقنية بالنسبة لهن. ورغم أنه من الممكن طلب البطاقة على الإنترنت، فالمرأة في باكستان تواجه قيوداً تحد من تحركاتها، كما أن العديد منهن لا يتوفرن على الإنترنت.
ولكن العائق الأكبر هو ما يروج له بخصوص الثقافة والدين. فعلى سبيل المثال، خلال الانتخابات الفائتة، وزعت منشورات تحذر الرجل من السماح لأفراد عائلته من النساء من التصويت لأن مشاركة المرأة في الديمقراطية كان لحد ما «مخالفاً للشريعة الإسلامية» ففي العام 2008، لم تدل امرأة قط بصوتها في صناديق الاقتراع في البنجاب، أكثر المقاطعات لبرالية في باكستان. وسجلت نفس الحالة في الانتخابات المحلية في خايبر باختونخوا في العام 2015.
ولا تشجع الأرقام الوطنية إلا بنسبة قليلة. ففي الانتخابات العامة الفائتة، في العام 2013، بلغت نسبة مشاركة النساء أقل من 10 % في 800 مكتب للاقتراع في البلد، بينما أدلت نسبة أقل من 5 % من النساء المؤهلات للتصويت بأصواتهن في 17 ولاية.
وعندما لا تصوت النساء، تصبح أصواتهن قليلة الشأن في باكستان حيث تنحاز السياسات للرجل. مما يستبعد أن يعالج صانعو القرارات مشاكل المرأة، ويجعل من نجاح النساء اللواتي يبحثن عن الفوز في الانتخابات أمراً صعباً. ويبلغ عدد نساء أعضاء الجمعية الوطنية البالغ عدد أعضائه 342، 70 عضواً نسوياً وتم انتخاب تسعة منهن فقط، وتم تعيين الباقي بموجب نظام «الكوتا».
وإذا صوت لصالح المزيد من النساء، ستضم الأحزاب السياسية أعضاء يهتمون بالقضايا التي تخص المراة، وستفوز النساء بمزيد من المقاعد. لكن كيف سيتغييرنظام «الكوتا « والرفع من مشاركة المرأة في الانتخابات؟
ربما قد تأخر الوقت لهذه الدورة الانتخابية. وفي حين أطلقت هيئة باكستان للانتخابات حملة للرفع من نسبة مشاركة المرأة ووضع قوانين جديدة تسمح بإلغاء النتائج في الأقاليم التي تصل النسبة فيها إلى أقل من 10%، فالحقيقة أنه عندما تعد الأصوات فأصوات الرجال تفوق أصوات النساء في العدد. ومن أجل شيئ واحد، اعتمادا على وتيرة الحصول على بطاقة التعريف الوطنية، سيتطلب الامر 18 سنة لسد الفارق في عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية. بالإضافة إلى القيود الدينية والثقافية على مشاركة النساء السياسية أما البرنامج الإصلاحي فسيستغرق عقودا.
ولكن هناك خطوات يمكن اتخاذها لتمكين المرأة الباكستانية. أولا، يمكن للمعلومات المتعلقة بالتمييز بين الرجل والمرأة أن تساعد الجمعية الانتخابية لباكستان ومنظمات أخرى على إيجاد حلول أكثر نجاعة. ويمكن للأحزاب السياسية أن تساعد أيضا عن طريق تسيير مكاتب الاقتراع واستهداف الأصوات النسائية، وعن طريق الحملات المرخص لها لتشجيع المرأة على التصويت بمساعدة عائلاتهم. وأخيرا يمكن للباحثين في مجال الوعظ الديني العمل مع موظفي الانتخابات للقضاء على الأفكار الخاطئة بشأن تصويت النساء، والاهم من هذا، يجب أن تكون هذه الإجراءات منتظمة وليست محدودة في وقت الانتخابات فقط.
تعتبر الانتخابات ضرورية للديمقراضية، لكن إذا تم إقصاء جزء كبير من السكان ستفقد العملية مصداقيتها. يجب على باكستان السعي نحو المساواة بين الجنسين عن طريق تمكين المرأة في عملية صنع القرارات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتشريع. وبينما صوتت النساء في بريطانيا وباقي الدول الديمقراطية بحرية لمدة قرن أو اكثر، لا زالت نظيراتهم في باكستان ينتظرن دورهن.

ممارسة سياسات تعمل على نطاق واسع في المناطق الريفية والمناطق التي تعاني من الصراعات في باكستان