لهذا نحتفل بيوم النهضة

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٩/يوليو/٢٠١٨ ٠٢:٣٧ ص
لهذا نحتفل بيوم النهضة

علي بن راشد المطاعني

سنظل نحتفل بيوم النهضة العُمانية الخالدة في الثالث والعشرين من يوليو من كل عام كيوم لا ككل الأيام، وهي بالتالي وقفة لا ككل الوقفات، وهو احتفال لا ككل الاحتفالات، إنه اليوم الذي توقره السلطنة من أقصاها إلى أدناها باعتباره اليوم الذي آلت فيه على نفسها الخروج إلى العالم الجديد كدولة حديثة ومتطورة آخذة بأسباب العلم سبيلا لبلوغ الغايات النبيلة.
وكانت البداية كما تعلمون عندما أعلنها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- أن التعليم هو الغاية وهو الهدف وهو وحده المطية لبلوغ هامات الجبال، كان التعليم يجب أن يتم ولو تحت ظل شجرة على حد تعبير جلالته كتأكيد على أنه الأولى بالرعاية، وبدأت الخطوات الأولى مؤطرة بصميمية القائد، ومكللة بتكاتف شعبه الوفي، بدأ التعليم بداياته الصعبة والعسيرة، فليس نيل المطالب بالتمني تلك حقيقة، ثم رويدا رويدا بدأت المدارس تعلن عن وجودها في كل قرية وولاية، وبالطبع لم تكتمل تلك المنظومة إلا بإنشاء الجامعة كإيذان باكتمال منظومة التعليم.
وكان عام 1982 عام وضع اللبنة الأولى في الصرح التعليمي الأضخم بالسلطنة ألا وهو جامعة السلطان قابوس، والتي استقبلت الدفعة الأولى من طلابها عام 1986، ومن وقتها وقبلها كانت عجلة التنمية تمضي في كل الاتجاهات، وتتوالى الإنجازات في كل المجالات.
اليوم ها هي السلطنة تقف على قدميها معلنة عن نفسها كدولة نموذجية في عالم يمور بالاضطرابات والمتناقضات الفكرية والعقائدية والإثنية ويمور بالحروب وبالدمار والموت في بقاع شتى من كوكب الأرض، غير أن السلطنة بقيت في منأى عن كل ذلك بفضل السياسة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة والتي تقف لها كل أمم الأرض احتراما وتقديرا وثناء، وغدت السلطنة بمثابة أمم متحدة بديلة إذ لطالما عهد إليها الكثير من المهام ورفعت إليها العديد من الملفات الشائكة لصراعات مزمنة بين الدول والحكومات، وكانت عُمان عند حسن الظن بها دوما.
من هنا اكتسبت السلطنة سمعتها الدولية المميزة، واستحق المواطن الاحترام والتقدير والتوقير في كل بقعة من كوكبنا يصل إليها.
هذه هي النهضة، وهذه هي عُمان الحديثة التي أبلغت العالم جميعه وبلسان عربي مبين أنها هي عينها عُمان صاحبة التاريخ العريق في شبه جزيرة العرب، وأنها هي ذاتها الإمبراطورية التي حكمت ساحل أفريقيا الشرقي ونشرت الإسلام والتقوى والاعتدال وحسن الخلق في تلكم الأصقاع البعيدة، وأنها هي ذاتها عُمان التي أسلمت سلما لا حربا، وأنها هي ذاتها التي دعا لها ولأهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها هي ذاتها عُمان ذات القلاع والحصون في هامات جبالها والتي تتحدث عن نزالات لها مريرة مع الأعادي برا وبحرا، وأنها هي ذاتها التي تحتضن أرثا ثقافيا وحضاريا وسياحيا ضخما، وأنها هي ذاتها النافذة التي يطل من خلالها التواقين لرؤية كيف تسوس الحكمة والاعتدال مفاصل الحياة في وطن يقوده قائد النهضة العُمانية الحديثة المنطلقة مشاعلها التي بددت جحافل الظلام في الثالث والعشرين من يوليو.