48 عاما من النهضة والتطور والرقي والحضارة

7 أيام الخميس ١٩/يوليو/٢٠١٨ ٢١:٠٠ م
48 عاما من النهضة والتطور والرقي والحضارة

مسقط- خالد عرابي
يوم الاثنين المقبل (الثالث والعشرون من يوليو) يوم تولى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله و رعاه- فيه مقاليد الحكم وذلك في عام 1970، وهي مناسبة غالية على قلب كل عماني وعمانية، بل وعلى قلب كل من وطأت قدماه تراب هذا الوطن العزيز، لأنه لمس ما شهدته البلاد وما شهده هذا الوطن الغالي من نهضة وتطور ورقي وحضارة منذ فجر هذا التاريخ من العام 1970م.. فمنذ 23 يوليو من العام 1970 وإلى 23 يوليو 2018م مر 48 عاما بالتمام والكمال.. هذه العقود الخمسة إلا عامين من عمر الدول لا تعد كثيرة، ولكن إذا نظرنا لما تحقق خلالها وما شهدته السلطنة بجميع محافظاتها وولاياتها وأرجائها من نهضة نجد أنها تعني الكثير، إذ أنه -وعلى مدار تلك الفترة- شهدت السلطنة نهضة شاملة متكاملة شملت البشر والحجر فأتت ثمارها ورأينا ما شهده وطننا الغالي وبلادنا الحبيبة من تطور وحضارة وتقدم ورقي، شهد له القاصي والداني.. هذه النهضة والتطور ما كان ليحدث لولا رؤية وفكر وجهود وتوجيهات مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه-، قائد ومهندس نهضة عمان الحديثة، فبفضل رؤيته السديدة وفكره الرشيد وحكمته واقتداره قاد البلاد بكل سلام وأمان إلى شاطئ السلام -أمد الله في عمره ومتعه بموفور الصحة والعافية والعمر المديد وجعله زخرا للبلاد والعباد- ولذا رأينا نهضة سطرت بأحرف من نور.. نهضة لو أردنا أن نتحدث عن جنباتها ومعالمها وتفاصيلها وما غطته من مجالات وقطاعات لن تسعنا صفحات الصحف والمجلات، ولاحتجنا إلى كتب ومجلدات.. ولكن ونحن نتحدث هنا بمناسبة يوم النهضة المباركة ونهضة عمان الحديثة، نتحدث فقط عن أمثلة من قطاعات وذلك على سبيل الاحتفال بهذا اليوم المجيد وذلك من خلال علمين وعالمين جليلين ممن عاصروا النهضة منذ بدايتها، فماذا قالا عنها؟

نهضة على أسس سليمة
يقول الدكتور محمد بن سعد المقدم، رئيس قسم التاريخ السابق، وأستاذ التاريخ الحديث بجامعة السلطان قابوس: إن أهم ما يميز النهضة العمانية الحديثة، ومنذ تولى مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الحكم، أنها بنيت على أسس سليمة وأنها لا يمكن تنفيذها إلا بعلاقة الثقة بين جلالة السلطان والشعب.. إنها نهضة في وقت قياسي ولكنها فاقت الجميع، فمثلا نهضة أوروبا احتاجت إلى حوالي 400 سنة بينما كل ما نراه في السلطنة الآن من نهضة حدث في أقل من 50 عاما.. ويمكن أن نطلق عليه عصر النهضة العمانية الحديثة وينبغي أن نحافظ على هذه المكاسب والمكتسبات وما تحقق بالتعليم والحفظ من الفتن.

وأضاف د. المقدم قائلا: إن نهضة عمان نرى ملامحها في العديد من الجوانب ومنها على سبيل المثال: التركيز في الخطط الخمسية والخطابات السياسية وجولات صاحب الجلالة ونراها في جانب التجربة البرلمانية والسياسة الخارجية والخطط الاقتصادية والتدرج في المشاركة الشعبية -من المجلس الاستشاري إلى مجلس الشورى إلى مجلس الدولة-، وبناء هذه النهضة على أسس سليمة لا يمكن أن يتم إلا بعلاقة ثقة بين جلالة السلطان والمجتمع والشعب.. فهذا العصر في تاريخ عمان يعتبر عصر النهضة العمانية وهو العصر الذهبي ونحن -كجيل- محظوظون لأن هذه النهضة جاءت تحت قيادة مولانا جلالة السلطان -أمد الله في عمر جلالته- وإن شاء الله يمتد ويستمر إلى ما شاء الله لإكمال هذه النهضة، فصاحب الجلالة نجح في بناء وتحديث وتطوير عمان وجعلها دولة حديثة عصرية من خلال الجانب الاقتصادي، وتطوير الإنسان العماني وتطوير التعليم وبناء علاقة سليمة مع الجيران والقوى الدولية والإقليمية وغيرها الكثير، ولذلك شهدنا مطالبات كثيرة بترشيح ومنح جلالة السلطان جائزة نوبل للسلام.

وأضاف د. المقدم قائلا: أيضا نستطيع أن نقول إن نهضة عمان الحديثة مرتبطة ارتباطا وثيقا بتاريخ عمان، فجلالة السلطان فهم فهما عميقا تاريخ عمان وانطلق من خلاله، فبنى عمان الحديثة المعاصرة المرتبطة بتاريخها، فنجد أن الكثير من التوسعات العمانية الاقتصادية الحديثة وبناء الموانئ العمانية الحديثة في صحار وصلالة والدقم وغيرها امتداد لموانئ عمانية قديمة، اضف إلى ذلك الدور العماني في تقريب وجهات النظر، ودور عمان الاستراتيجي في العلاقات الدولية.

واستطرد الدكتور المقدم قائلا: من الذي يغير التاريخ؟ بالطبع هي نماذج فريدة وملهمة، فصاحب الجلالة السلطان قابوس بما صنع وكذلك شخصيته الملهمة -بالاعتراف الإقليمي والدولي- والتقدير من أهل عمان والعالم ودوره في بناء نهضة عمان وعلاقتها الإقليمية والدولية كلها تبين إدراك ما قدمه جلالة السلطان للبلاد وأنه شخصية لها احترام وتقدير محلي وإقليمي وعالمي، ونحن كأهل عمان محظوظون بقيادة جلالة السلطان الذي بنى هذه الدولة على أسس عصرية وجعلنا كأهل وشعب عمان نعيش في رخاء وأمن وأمان في ظل دولة مؤسسات تنعم بالسلام والتقدم والرقي والازدهار، فكل ذلك هو نتاج القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة فلولا ذلك ما تحقق لعمان كل هذه الإنجازات وكل هذه النهضة، فنسأل الله العلي القدير أن يمد في عمره وأن يمتعه بموفور الصحة والعافية.

رؤية سابقة
ويقول الدكتور إبراهيم الصبحي، أول سفير عماني للسلطنة في الصين: في البداية لابد من التأكيد على أن رؤية جلالة السلطان –حفظه الله ورعاه- للنهضة كانت سباقة ومتطلعة إلى ما وصلنا إليه الآن وأكثر كما أنها كانت سابقة للجميع، فقد كان جلالة السلطان يرى ما لم نره نحن كشعب، فلجلالته نظرة ثاقبة وسياسة واضحة للوصول للأهداف وتحقيق ما يريد وهي سياسة قائمة على الحكمة والاتزان وعدم التسرع وعدم الاستباق والهدوء والتروي بالسمت العماني الذي أخذناه منه نحن العمانيين، لذلك فنحن كشعب عماني نعتبر جلالة السلطان -كما يقول الأوربيون- الأب الروحي لنا وهو قائدنا واستاذنا ومعلمنا ووالدنا وقدوتنا، وهو كل شيء بالنسبة لعمان الحديثة، ولا أبالغ إذا قلت إن عمان مدينة لصاحب الجلالة بكل ما تحقق خلال الـ 48 سنة الفائتة.. نعم هي مدينة له.. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمد في عمره وأن يمتعه بموفور الصحة والعافية ليحقق كل ما يصبو إليه وما يريده لعمان، وهذا ليس في الجانب الاقتصادي ولا البنية الأساسية فقط وإنما في كافة القطاعات والمجالات.

وأكد الدكتور الصبحي على أن الصفات التي أتصف بها مولانا جلالة السلطان وما أخذه منه العمانيون من السمت العماني والهدوء والاتزان وعدم التسرع هي ما قادت عمان اليوم إلى ما وصلت إليه، وجعلتها تنتشر وتصل إلى هذا البعد الكبير عبر العالم والأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بل تصل إلى الدور الكبير في الوساطات نحو السلم والسلام وأبرز ما يدلل على ذلك الدور العماني في وساطة الملف النووي الإيراني.
وأشار الصبحي إلى أن أهم ما يميز النهضة العمانية تركيزها أيضا على العنصر البشري لأنها الثروة الحقيقة للدول، فالموارد البشرية هي الأساس، ونحن نتذكر في السبعينيات كان في السلطنة 3 مدارس فقط بها 900 طالب وطالبة واليوم لدينا أكثر من 550 مدرسة بها أكثر من نصف مليون طالب وطالبة، وقبل السبعينيات لم يكن لنا طلاب في الخارج ولم يكن هناك دراسة للماجستير، ولكن انظر إلى واقع اليوم الذي نعيشه وكيف تطور العمانيون، فقد أدرك جلالته أن الموارد البشرية هي الثروة الأساسية للدولة ومن الواجب أن نوفر لها كل شيء من طرق ومدارس وتعليم وصحة وغيرها وهذا ما حدث بالفعل.

صون التراث الإنساني
كما يرى الدكتور إبراهيم الصبحي أن النهضة العماني نجحت أيضا في شيء مهم وهو صون التراث الإنساني العماني، ولكن ليس هذا فحسب بل سعت ونجحت في إدراجه على قائمة التراث العالمي ومنظمة اليونسكو، وآخر تلك الإضافات هو تسجيل مدينة قلهات التراثية في اليونسكو، وقد سبق ذلك إضافة أماكن أخرى منها قلعة بهلاء وخمسة أفلاج عمانية ومدينة بات.. وقال إن السلطنة لها تمثيل قديم في اليونسكو منذ قبول السلطنة كعضو في الأمم المتحدة ومنها في اليونسكو وقد كان هناك حس عماني سباق في إضافة الكثير من التراث المادي العماني إلى قائمة التراث العالمي ومنها مثلا الإنساني مثل الأفلاج العمانية لأنها عمل إنساني وكذلك الفنون مثل إدراج فن العازي منذ مطلع التسعينيات، فأنت حينما تسجل هذا فأنت تحتفظ بحقك فيه فلا يستطيع أحد أن ينازعك فيه لأنه مسجل لك، وهذه واحدة من محامد النهضة العمانية الحديثة ولجلالة السلطان –حفظه الله- لأن هذه واحدة من توجيهاته بضرورة تسجيل المطبوعات والوثائق والأعمال الإنسانية وأن تجمع -ليست في الداخل فقط- ولكن عالميا وفي الخارج.