يوم النهضة المباركة.. نور يضيء على قلب كل عُماني

مزاج الاثنين ٢٣/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:٣٥ ص
يوم النهضة المباركة.. نور يضيء على قلب كل عُماني

الجبل الأخضر - أسد بن حارث الزكواني

مع تباشير ذكرى يوم الثالث والعشرينَ من يوليو 1970م يوم النهضة المباركة الذي يشع ضياءً ونورا على أرجاء عُمان، يجدد العُمانيون في هذا اليوم المجيد الذي كان فاتحة عهد جديد لمستقبل عظيم للوطن والمواطن العهد والولاء مقروناً بأنبل مشاعر التقدير والعرفان والوفاء لقيادة السلطان قابوس الحكيمة الرائدة التي أحيت أمجاد عُمان التليدة وبَنَت مفاخرها ومنجزاتها الجديدة على قواعد راسخة البنيان تجلّت فيما تشهده البلاد منذ إشراقة يوم النهضة المباركة من تطوّر ونماء وأمن واستقرار ورُقي وازدهار في شتى مجالات الحياة.

التنمية في الجبل الأخضر

وتأتي هذه المناسبة المجيدة والسلطنة في مرحلة مهمة في مسيرة العمل التنموي الذي يستهدف النهوض بالعديد من القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية مستفيدة من الفرص والمقومات الاستثمارية المتنوّعة لمختلف محافظات السلطنة والتي تحققت على مدى 48 عاما الفائتة من مسيرة النهضة المباركة، حيث تركز الحكومة في خططها المستقبلية كما وجّه جلالة السلطان قابوس على وضع التنمية الاجتماعية خاصة في جوانبها المتعلقة بمعيشة المواطن وبما يتيح المزيد من فرص العمل وبرامج التدريب والتأهيل ورفع الكفاءة الإنتاجية والتطوير العلمي والثقافي والمعرفي موضع التنفيذ، كما هو اليوم الذي نعيشه في نيابة الجبل الأخضر التي حظت بالاهتمام الكبير من القائد الهمام السلطان قابوس، والفرق الذي كانت عليه في الماضي، فأهل المنطقة يشهدون مدى الاختلاف من خلال 48 عاما الفائتة.
«الشبيبة» كانت حاضرة لنقل مشاعر المواطنين من خلال مسيرتهم في النهضة المباركة. المواطن منصور بن ناصر الريامي من سكان نيابة الجبل الأخضر يصف خبر مجيء القيادة الحكيمة والتغيّرات التي حدثت قائلا: إن ما عايشناه من أحداث منذ بزوغ فجر النهضة المباركة ليظل راسخا في الذاكرة عندما كانت تتوارد الأخبار بانتقال مقاليد الحكم إلى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، ذلك اليوم الذي لن ننساه، كنا آنذاك نتنقل بين السهل والجبل وإذا بأحد المارة من المسافرين من السهل والجبل ينقل لنا نبأ تولي حضرة صاحب الجلالة مقاليد الحكم في عُمان وما إن سمعنا بالخبر حتى استبشرنا خيرا فكل قرى الجبل الأخضر صارت تُطلق الأعيرة النارية ليُتناقل الخبر. اجتمع في الصباح الباكر كل أهل الجبل في نقطة معيّنة ليهتفوا فرحا وتعيِّن من كل قرية في الجبل شخصا يمثّل القرية للذهاب إلى نزوى لأخذ العلوم الصحيحة حول تولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم. حتى استبشرنا خيرا بعد عهد مضى من الجهد والعناء والضنك فبدأت بوادر النهضة حينها تنتشر في ربوع السلطنة الحبيبة فكان لنا نصيب منها حيث قدّمت الحكومة بفضل الأوامر السامية الخدمات الأساسية للمواطن بنيابة الجبل الأخضر فأول ما بدأت بوادر النهضة بدأت بالصحة والتعليم وتوفير الأمن للمواطن وأنشئ مستشفى متواضع آنذاك ومدرسة أبو زيد الريامي، كما وُفّر النقل بواسطة الطائرات العمودية للمناطق البعيدة للدراسة في مدرسة السلطان قابوس -حفظه الله ورعاه- ببركة الموز، ومن ذلك الحين ظلت الخدمات تأتي تباعا وبوتيرة متسارعة فزادت المدارس وأنشئ مستشفى مرجعي وشُقت الطرقات ورُصف بعضها وخُططت أحياء سكنية جديدة كما أنشئت مراكز للشرطة والجيش السلطاني العُماني لحفظ الأمن والنظام بالنيابة وتقديم المساندة والدعم للمواطن والزائر. وبفضل التوجيهات السامية ازدهرت التجارة وأنشئت الفنادق والمنتجعات وتم توفير خدمات الكهرباء والماء والهاتف ووُفّر للقاطنين الغذاء والدواء والتعليم وأنشئت المساجد والجوامع، كما اهتمّت الحكومة بدعم الزراعة والصناعات الحرفية المختلفة وجمعية المرأة العُمانية كما اهتمت بالجانب الرياضي والثقافي والاجتماعي لرعاية الشباب واحتضانهم، وأقيمت سدود التغذية حتى أصبح المواطن في سعادة غامرة بفضل أساليب الرفاهية، هكذا كانت الحياة وما زالت وقد عايشناها تباعا في فترات متعاقبة وهي تأخذ من معين النهضة المباركة. فمنذ أن كنا سابقا نسير بين السهل والجبل على الأقدام ونحمل من الزاد ما يسد رمقنا، أصبحنا اليوم نتنقل عبر وسائل النقل الحديثة في فترة زمنية وجيزة كما توفر لدينا ما نحتاجه من الغذاء والماء والدواء وكل وسائل الترفيه ووسائل الاتصال فأصبح التواصل مع العالم الآخر سهلا وميسرا، وقد ارتفع معدل عطايا حكومتنا التي لا ينضب معينها والتي ما زالت تسدي خدماتها في ظل القيادة الحكيمة لمولانا جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه وأطال في عمره ومتعه بالصحة والعافية- لما أسداه من يده السخية لشعبه المعطاء في كل أرجاء المعمورة.

من الغربة إلى الوطن

وكانت جهود أبناء عُمان الأوفياء بارزة وواضحة في كل ميادين العمل والبناء حيث اقترن الأمل بالعمل الجاد والهِمّة العالية والعزم الأكيد مواجهين كل التحديات ومتجاوزين كل المصاعب، وكان التقدير لتلك الجهود دافعا لمزيد من العطاء حيث يقول السلطان قابوس في هذا الصدد «إذا كانت الأمور تُقاس بنتائجها فإنه يُمكن القول بأن ما تحقق خلال الحقبة الماضية، بعون منه تعالى، هو إنجاز كبير يشهد به التاريخ لكم أنتم جميعا يا أبناء عُمان. لقد صبرتم وصابرتم، وواجهتم التحديات، وذللتم العقبات». وها هي تسطر بأحرف من ذهب عند العُمانيين ويوم له محل في قلوبهم بكل فخر واعتزاز حيث كان التحوّل التاريخي في أنماط الحياة المعيشية في جميع الجوانب والأصعدة الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاجتماعية والصحة وهذه النقلة النوعية جعلتهم يعيشون في أمن ورخاء لم يكن قبل العام 1970م فقد حققت النهضة المباركة كل ما يصبو إليه المواطن العُماني من تقدم وسؤدد ورغد عيش وحياة كريمة، ومما لا شك فيه أنها أهداف سامية سعى في إرساء دعائمها وفق منهجية اتسمت ببعد النظر في الارتقاء بحياة المواطن العُماني في شتى مجالات الحياة، ومما لا شك فيه أن مسيرة النهضة المباركة يشهد لها كبار السن والذين عايشوا الحياة بمفهومين لعصر ما قبل النهضة وما بعد، حيث التحوّل الكبير لنمط الحياة لدى المواطن. وكانت لنا وقفة مع أحد كبار السن من قرية سيق بنيابة الجبل الأخضر المواطن عبدالله بن سعيد الفهدي وقد أفرد لنا مساحة للحديث عن هذه المناسبة قائلا: نشكر الله ونحمده بأن منّ علينا بوافر النعم على أرض عُمان الغالية، وقدوم جلالة السلطان في مطلع السبعين لنعمة عظيمة شكرنا المولى عليها؛ فقد كنا قبل السبعين في ضنك من العيش وشظف الحياة حيث أجبرتنا ظروف الحال على السفر لخارج الوطن من أجل العيش وطلب الرزق، فقد هاجر أهل القرية بأعداد كثيرة وبقي منهم القلة القليلة بعد ما ضاق بهم الحال بقلة موارد الرزق فقد كانوا يعتمدون على الرعي والزراعة حينها وكان التنقل من الجبل إلى السهل عبر الدواب وهي الحمير، الوسيلة الوحيدة في تنقلهم من أجل جلب قليل من الزاد يحصلون عليه من خلال الأسواق القديمة بنزوى والرستاق مقابل ما تنتجه الأرض لديهم من محاصيل بسيطة لا توفي احتياجاتهم المعيشية، ومن أسباب هجرتهم أيضا جدب الأرض بقلة نزول المطر، وكانت لهم وجهات كثيرة وعلى سبيل المثال منهم من هاجر إلى زنجبار والبعض إلى البحرين وآخرون إلى السعودية. كنت هاجرت من الجبل إلى السهل بعدما اشتد بي الحال فنزلت إلى بركاء ومكثت فيها بضعة أشهر لكن الحال لديّ لم يتغيّر إلى الأحسن فقررت الرحيل إلى زنجبار بعدها ركبت البحر وكما يُقال بالدارج المحلي «ركبنا الخشبة» ومكثنا في عرض البحر حوالي 60 ليلة أي الشهرين كاملين برحلة منهكة فوصلت إلى الجزيرة الخضراء ومكثت فيها قرابة 23 عاما قضيتها في كسب العيش من التجارة ومعي الكثير من العُمانيين الذين سافروا إلى زنجبار، وبعد ما تنامت لدينا أخبار قدوم جلالة السلطان وتسلمه مقاليد البلاد قرر الكثير منا العودة إلى أرض الوطن وكنتُ من بينهم حيث حنين الوطن لامس شغاف قلبي وبات الرجوع أمرا حتميا فرجعت قافلا ودموع الفرح مسكوبة على خدي ووصلت إلى أرض الوطن وكان الحال قد تبدل وأوضاع أهل القرية قد تحسّنت، ومما نذكره أيامها الجميلة افتتاح مدرسة أبو زيد الريامي، وقُدِّمت الخدمات الصحية للمواطنين، وكان النقل عبر الطائرات المروحية من قِبل الجيش السلطاني وقد لعب ذلك دورا في التنمية في الجبل الأخضر وتهيأت فرص العمل لأبناء النيابة في عُمان وفي كل شبر من هذه الأرض المعطاءة فقد كان جلالته -حفظه الله ورعاه- لا يألو جهدا من أجل راحة المواطن فكان ساهرا ليل نهار من أجل الوطن والمواطن.

دولة عصرية بالأمن والأمان

وجاء بناء الدولة العصرية من خلال خطوات مدروسة متدرجة ثابتة تبني الحاضر وتمهّد للمستقبل، وتم منذ العام 1976 تنفيذ خطط تنمية خمسية متتابعة لبناء الوطن والمواطن ضمن توازن دقيق بين المحافظة على الجيّد من موروثنا الذي نعتز به ومقتضيات الحاضر التي تتطلب التلاؤم مع روح العصر والتجاوب مع حضارته وعلومه وتقنياته والاستفادة من مستجداته في شتى ميادين الحياة العامة والخاصة، وتم خلال السنوات الفائتة استغلال عائدات الثروة النفطية في تطوير الهياكل الاجتماعية وتسريع إنشاء البنية الأساسية المتمثلة في إنشاء شبكة واسعة من الطرق والموانئ والمطارات والمناطق الصناعية والمناطق الحرة التي لا شك أنها تشكّل قاعدة جيّدة للانطلاق الاقتصادي خلال فترة الخطة التاسعة خاصة فيما يتعلّق بالتنويع الاقتصادي، كما تم تحقيق تحسينات كبيرة في حجم ونوعية خدمات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية الأخرى وذلك عبر خطوات متتابعة ومتواصلة أيضا، وجعل الأمن والأمان ركيزة أساسية للمواطن والمقيم في عُمان. أشار إلى ذلك المواطن سليمان بن العبد بن عبدالله البوسعيدي من سكان ولاية أدم، وأضاف: وفي حين شكّل يوم الثالث والعشرين من يوليو 1970 فاتحة عهد مشرق للوطن والمواطن فإن العُمانيين يحصدون ثمار سنوات البناء والتشييد ويقطفون من نجاحات السياسات التي أرسى دعائمها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- على المستويين الداخلي والخارجي حيث رسّخ جلالته -متعه الله بالصحة والعافية- منذ فجر اليوم الأول للنهضة المباركة -بحكمة ونفاذ بصيرة ورؤية تستشرف المستقبل، وبأبوة حانية استوعبت كل أبناء الوطن- أسس ودعائم الوحدة الوطنية باعتبارها ركيزة راسخة تنطلق منها وترتكز عليها جهود التنمية في شتى المجالات، وحرص جلالته -أبقاه الله- على إعلاء صروح العدالة وترسيخ قيم العدل وتدعيم أركان دولة القانون والمؤسسات التي ينعم فيها المواطن والمقيم بالأمن والأمان وتتحقق فيها للجميع أجواء الطمأنينة وصون الحقوق في ظل سيادة القانون.
إن عُمان بأسرها تكنُّ لمؤسس نهضتها وقائد مسيرتها المباركة كل المحبة والتقدير وأصدق العرفان والولاء والوفاء، وتدعو للسلطان قابوس بالعمر المديد وبأن يمتعه الله سبحانه وتعالى بموفور الصحة والسعادة وبأن تتحقق على يديه الكريمتين في الحاضر والمستقبل منجزات أكثر وأكبر ترقى بها عُمان إلى آفاق من المجد أجل وأعلى بمشيئة الله وتوفيقه، وتعاهده على الالتزام بتوجيهاته السديدة والعمل الجاد المخلص من أجل رفعة شأن عُمان المجد.