تصدير الاضطرابات

الحدث الاثنين ٢٣/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:٤٩ ص
تصدير الاضطرابات

طهران - واشنطن - رويترز - وكالات

حذّر الرئيس الإيراني حسن روحاني نظيره الأمريكي دونالد ترامب أمس الأحد من مواصلة السياسات العدائية لطهران قائلا "ينبغي أن تعلم أمريكا أن السلام مع إيران هو السلام الحقيقي والحرب مع إيران هي أم كل الحروب".
ونقلت الوكالة عن روحاني قوله أمام حشد من الدبلوماسيين الإيرانيين "يا سيد ترامب لا تعبث بذيل الأسد فهذا لن يؤدي إلا للندم". وأوردت وكالات أنباء إيرانية أخرى تقارير مشابهة.
وقال: "ينبغي أن تعلم أمريكا أن السلام مع إيران هو السلام الحقيقي والحرب مع إيران هي أم كل الحروب".
وأضاف: "لستم في موقع يسمح لكم بتحريض الأمة الإيرانية ضد أمن ومصالح إيران" في إشارة على ما يبدو لتقارير تحدثت عن جهود أمريكية لزعزعة استقرار الحكومة في إيران.
في مقابل ذلك قال مسؤولون أمريكيون مطلعون إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تشنّ من خلال الخطب والرسائل الموجهة عبر الإنترنت حملة هدفها إثارة اضطرابات والمساعدة في الضغط على إيران لوقف برنامجها النووي ودعمها لجماعات مسلحة.
وقال أكثر من ستة من المسؤولين الحاليين والسابقين إن هذه الحملة التي يدعمها وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون تهدف إلى العمل بالتنسيق مع حملة ترامب لتضييق الخناق على إيران اقتصاديا من خلال إعادة فرض عقوبات صارمة عليها.

تقويض الحكومة
وزادت كثافة هذه الحملة منذ انسحاب ترامب في الثامن من مايو من اتفاق العام 2015 الذي وقّعت عليه سبع دول لمنع إيران من صنع أسلحة نووية.
وقال المسؤولون الحاليون والسابقون إن هذه الحملة تسلّط الضوء على عيوب الزعماء الإيرانيين مستخدمة أحيانا معلومات مبالغا فيها أو تتناقض مع تصريحات رسمية أخرى بما في ذلك تصريحات لإدارات سابقة.
وامتنع البيت الأبيض عن التعليق على الحملة. وامتنعت أيضا وزارة الخارجية الأمريكية عن التعليق عليها بشكل محدد بما في ذلك دور بومبيو.
ورفض مسؤول إيراني كبير هذه الحملة قائلا إن الولايات المتحدة حاولت دون جدوى تقويض الحكومة منذ الثورة الإسلامية العام 1979.
وقال المسؤول الذي تحدّث شريطة عدم نشر اسمه إن "محاولاتهم ستبوء بالفشل مرة أخرى".

انتقادات على الإنترنت
كشف استعراض لحساب وزارة الخارجية الأمريكية باللغة الفارسية على تويتر وموقع شير أمريكا التابع للوزارة عن عدد من الرسائل التي تنتقد إيران على مدار الشهر الفائت. ويصف موقع شير أمريكا نفسه بأنه منصة لإطلاق النقاش حول الديمقراطية والقضايا الأخرى.
كذلك فإن إيران هي محور أربعة من الموضوعات الرئيسية الخمسة في قسم "التصدي للتطرف العنيف" في الموقع. ومن عناوين تلك الموضوعات "شركة الطيران الإيرانية هذه تساهم في نشر العنف والإرهاب".
كما وجّه بومبيو نفسه حديثه مباشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي وفي خطبه إلى الشعب الإيراني وإلى الإيرانيين في الشتات وإلى عامة الناس على مستوى العالم.
وفي 21 يونيو نشر بومبيو على تويتر صورا توضيحية تحت عنوان "الاحتجاجات في إيران تنتشر" و"الشعب الإيراني يستحق احترام حقوقه الإنسانية" و"الحرس الثوري الإيراني يثرى بينما تكافح الأسر الإيرانية". وترجمت هذه التغريدات إلى اللغة الفارسية ونشرت على موقع شير أمريكا.
وألقى بومبيو خطبة بعنوان "دعم الأصوات الإيرانية" في كاليفورنيا والتقى بأمريكيين من أصل إيراني فرّ كثيرون منهم من الثورة الإسلامية التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي.

تغيير مسلك النظام
وقال مسؤول بوزارة الخارجية ردا على سؤال من رويترز "ليكن واضحا أننا لا نسعى لتغيير النظام. بل نسعى لتغييرات في مسلك الحكومة الإيرانية".
وقال المسؤول مشترطا إخفاء هويته "نحن ندرك أننا ندفع إيران للأخذ ببعض الخيارات الصعبة. فإما أن يغيّروا أساليبهم أو أن يجدوا صعوبة متزايدة في مواصلة أنشطتهم الخبيثة. ونحن نعتقد أننا نعرض رؤية في غاية الإيجابية لما يمكن أن نحققه وما يمكن أن يتحقق للشعب الإيراني".

حملة جريئة
قال المسؤولون الحاليون والسابقون إن بعض المعلومات التي نشرتها الإدارة إما ناقصة أو مشوهة.
ففي خطاب ألقاه بومبيو في 21 مايو قال إن القادة الإيرانيين يرفضون أن ينفقوا على شعبهم الأموال التي تم الإفراج عنها بمقتضى الاتفاق النووي ويستخدمونها بدلا من ذلك في حروب بالوكالة وفي الفساد.
وعلى النقيض قال مدير وكالة المخابرات الدفاعية الأمريكية روبرت آشلي أمام لجنة بمجلس الشيوخ الأمريكي في مارس إن الإنفاق الاجتماعي والاقتصادي ما يزال يمثل الأولوية بالنسبة لطهران في الأجل القريب رغم بعض الإنفاق على قوات الأمن.
كما اتهم بومبيو "فصائل وإرهابيين تدعمهم إيران" باختراق صفوف قوات الأمن العراقية وتعريض سيادة العراق للخطر طوال فترة الاتفاق النووي.
وفي حين يتهم المعارضون فصائل عراقية تدعمها إيران بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في حق المدنيين، وهو اتهام تنفيه تلك الفصائل، فقد حاربت الفصائل تنظيم داعش وساعدت في الحيلولة دون اجتياحه العراق في العام 2014 بعد انهيار الجيش العراقي.
ثم ساعدت الفصائل في تنفيذ هجمات بمساندة أمريكية أدت لتحرير الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم وتم إدماج بعض الوحدات في قوات الأمن العراقية.
وسلم المسؤول بوزارة الخارجية بأن الفصائل المعروفة بقوات الحشد الشعبي تمثل من الناحية القانونية جزءا من قوات الأمن العراقية ولعبت دورا في التصدي لداعش في 2014.
وقال: "غير أننا ندرك أن بعضا من قوات الحشد الشعبي التي لا تلتزم بالانضباط تربطها صلات وثيقة جدا بإيران وتستجيب للتوجيهات الإيرانية. وهذه الجماعات مسببة للمشاكل للعراق بنفس القدر الذي تسبب به المشاكل لنا".
وقال الخبراء إن الإدارة تبالغ أيضا في قوة الصلة بين إيران ومسلحي حركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة.
ولم ترد وزارة الخارجية على طلبات للتعليق على دقة المعلومات التي تنشرها.
وقال مسؤولون أمريكيون إن من السابق لأوانه تحديد أثر تلك الحملة.

نتيجتان محتملتان
قال الخبير في الشأن الإيراني بمؤسسة كارنيجي انداومنت للسلام الدولي كريم سجادبور إن استراتيجية خنق إيران اقتصاديا وإذكاء مشاعر الاستياء العام من القيادة هدفها الوصول لإحدى نتيجتين.
وأضاف: "النتيجة الأولى هي الاستسلام وإرغام إيران على تقليص لا برنامجها النووي فحسب بل طموحاتها الإقليمية. والنتيجة الثانية هي انهيار الجمهورية الإسلامية".
غير أن بعض المسؤولين الأمريكيين وخبراء آخرين حذّروا من أن الإدارة الأمريكية قد تدفع لقدر أكبر من الحكم الشمولي وسياسة خارجية أكثر عدوانية بإذكاء نار الاضطرابات في إيران الأمر الذي يثير شبح حدوث مواجهة بين الولايات المتحدة وإيران.
ومنذ فترة طويلة تصف الولايات المتحدة إيران بأنها الدولة الرئيسية الراعية للإرهاب على مستوى العالم وذلك لقيام طهران بتسليح وتمويل جماعات متشددة تعمل لحسابها مثل حزب الله اللبناني.
وأتاح هذا السجل للإدارات السابقة مادة غزيرة لشنّ حملاتها على طهران بما في ذلك محاولة الاتصال بالشعب الإيراني مباشرة.
فقد أسست إدارة الرئيس جورج دبليو بوش إذاعة فردا التي وجه بثها بتمويل أمريكي إلى إيران بما يقول إنها "أخبار ومعلومات موضوعية ودقيقة لمواجهة الرقابة الرسمية والتغطية الإعلامية القائمة على الفكر العقائدي".
كما أطلقت إدارة أوباما حسابا بالفارسية على تويتر في العام 2011.