«ناتو» يتشكل في الخليج

الحدث الأحد ٢٩/يوليو/٢٠١٨ ٠٤:٠٩ ص
«ناتو» يتشكل في الخليج

واشنطن - رويترز

قال مسؤولون أمريكيون وعرب إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تمضي قدما خفية في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول الخليج العربية ومصر والأردن بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة.

وذكرت أربعة مصادر أن البيت الأبيض يريد تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي والتدريب العسكري ومكافحة الإرهاب وقضايا أخرى مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية. والخطة التي ترمي إلى تشكيل ما وصفه مسؤولون في البيت الأبيض والشرق الأوسط بنسخة عربية من حلف شمال الأطلسي أو «ناتو عربي» للحلفاء العرب من شأنها على الأرجح أن تزيد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، والمحتدم بالفعل بشكل متزايد منذ أن تولى الرئيس دونالد ترامب السلطة.

وقالت عدة مصادر إن إدارة ترامب تأمل أن تتم مناقشة ذلك التحالف الذي أُطلق عليه مؤقتا اسم «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي» خلال قمة تقرر مبدئيا أن تعقد في واشنطن في 12 و13 أكتوبر.
وأكد البيت الأبيض أنه يعمل على فكرة التحالف مع «شركائنا الإقليميين الآن ومنذ عدة أشهر». وقال مصدر أمريكي إن مسؤولين سعوديين طرحوا فكرة إقامة حلف أمني قبيل زيارة قام بها ترامب العام الفائت إلى المملكة حيث أعلن عن اتفاق ضخم لبيع الأسلحة، لكن اقتراح تشكيل الحلف ظل يراوح مكانه.
وذكرت مصادر من بعض الدول العربية المشاركة أيضا أنهم على علم باستئناف الجهود لإحياء الخطة. ولم يرد مسؤولون من مشاركين محتملين آخرين على طلبات للتعقيب.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي سيشكل حصنا في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني -حسب تعبيره- وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط». ورفض المتحدث تأكيد أن ترامب سيستضيف قمة في تلك المواعيد، كما نبهت المصادر إلى أنه ما يزال غير مؤكد ما إذا كانت الخطة الأمنية ستكتمل بحلول منتصف أكتوبر.
وأخفقت في الماضي مبادرات مشابهة من جانب حكومات أمريكية في إبرام تحالف رسمي مع حلفاء خليجيين وعرب.
وتتهم واشنطن والرياض وأبوظبي إيران بزعزعة استقرار المنطقة وإثارة الاضطرابات في بعض البلدان العربية من خلال وكلاء لطهران فضلا عن تهديد إسرائيل بشكل متزايد.
وسيركز هذا التحالف على الدولتين الخليجيتين الأكثر تأثيرا في المنطقة وهما السعودية والإمارات للعمل عن كثب مع إدارة ترامب لمواجهة إيران.
ولم يتضح كيف سيمكن للتحالف مواجهة طهران على الفور لكن إدارة ترامب وحلفاءها لديهم مصالح مشتركة في الصراعات الدائرة في اليمن وسوريا إضافة إلى الدفاع عن مسارات الشحن الخليجية التي تمر عبرها أغلب إمدادات النفط العالمية.
وقال مسؤول إيراني كبير لرويترز «الأمريكيون وحلفاؤهم الإقليميون يؤججون التوتر في المنطقة بذريعة تأمين الاستقرار في الشرق الأوسط». وأضاف أن هذا النهج «لن يسفر عن أي نتائج» بخلاف «توسيع الفجوات بين إيران وحلفائها الإقليميين من جانب والدول العربية المدعومة من الولايات المتحدة من جانب آخر». ومن بين العقبات الكبرى المحتملة أمام التحالف المزمع تلك المقاطعة المستمرة منذ 13 شهرا من جانب السعودية والإمارات والبحرين ومصر لقطر التي تستضيف أكبر قاعدة جوية أمريكية في المنطقة. واتهمت تلك الدول قطر بدعم الإرهاب وهو ما تنفيه الدوحة.
وفي حين صرّح أحد المصادر بأن الإدارة الأمريكية قلقة بشأن إمكانية عرقلة هذا الخلاف الخليجي للمبادرة قال المصدر ومسؤول عربي إن الرياض وأبوظبي أكدتا لواشنطن أن الخلاف لن يمثل مشكلة أمام التحالف الجديد.
ونفى المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أن الخلاف الخليجي يشكّل عقبة.
وفيما يواصل ترامب تطبيق سياسة «أمريكا أولا» يتطلع البيت الأبيض للتخلص من جزء من عبء مواجهة التهديدات الأمنية الإقليمية وإلقائها على عاتق حلفاء الولايات المتحدة في أنحاء العالم. وقال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الخميس الفائت إن بلاده مستعدة لنشر مزيد من القوات في أنحاء الشرق الأوسط لمواجهة خصومها لأنها تعتقد أنه لم يعد بوسعها الاعتماد على حلفاء غربيين مثل الولايات المتحدة وبريطانيا.
وقال مصدر مطلع على الخطة إن إقامة درع دفاع صاروخية في المنطقة سيكون من بين أهداف التحالف إضافة إلى التدريب لتحديث جيوش تلك الدول. وناقشت الولايات المتحدة ودول خليجية لسنوات أمر الدرع الدفاعية دون الخروج بنتائج. وزاد التوتر مع إيران منذ أن أعلن ترامب في مايو انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع في 2015 للحد من الطموحات النووية لطهران.
ورفضت إيران يوم الاثنين تحذيرا من ترامب قال فيه إنها «ستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ» إذا لم تتوقف عن تهديد الولايات المتحدة.
ومع ذلك أبقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الباب مفتوحا أمام إمكان التفاوض على اتفاق لنزع أسلحة إيران النووية، وذلك بعد أيام من مهاجمته الجمهورية الإسلامية على تويتر.
وقال في كلمة لقدامى المحاربين في المعارك الخارجية «سنرى ماذا سيحدث، لكننا مستعدون للتوصل إلى اتفاق حقيقي وليس الاتفاق الذي توصلت إليه الإدارة السابقة الذي يمثل كارثة».
وكانت إيران رفضت تحذير ترامب الغاضب من أن طهران تجازف بمواجهة عواقب وخيمة «لم يشهد مثيلها من قبل عبر التاريخ سوى قلة» إذا هددت الولايات المتحدة. فيما أكد وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس إن الولايات المتحدة لم تتبن سياسة لتغيير النظام في إيران أو دفعه للانهيار، وأضاف للصحفيين أن الهدف ما يزال تغيير سلوك إيران في الشرق الأوسط.
وجاءت تصريحات ماتيس بعد أيام من الحرب الكلامية بين مسؤولين إيرانيين وأمريكيين مع تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن تكون العواقب على إيران وخيمة إذا استمرت في تهديد بلاده.
وردا على سؤال في وزارة الدفاع (البنتاجون) عمّا إذا كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب استحدثت سياسة لتغيير النظام الإيراني أو دفعه للانهيار قال ماتيس: «لم يتم وضع مثل هذه السياسة».
وأضاف ماتيس للصحفيين: «نريدهم أن يغيّروا سلوكهم فيما يخص عدد من التهديدات التي يمكن أن يشكّلها جيشهم ومخابراتهم ومن ينوبون عنهم ووكلاؤهم».
ووسط التوتر المتصاعد بين البلدين ذكر تقرير إعلامي أسترالي أن عملا عسكريا ضد إيران بات وشيكا وقال إن مسؤولين أستراليين يعتقدون أن واشنطن مستعدة لقصف منشآت نووية في إيران في وقت قريب قد يكون بحلول الشهر المقبل، لكن ماتيس نفى استعداد واشنطن لشنّ غارات على طهران وقال إن ذلك بعيد كل البعد وليس واقعيا.
ورفض ماتيس أمس الأول الجمعة ذلك التقرير ووصفه بأنه «من نسج الخيال».
وقال للصحفيين في وقت سابق من أمس «أنا واثق إنه ليس أمرا محل بحث في الوقت الراهن».