رماح أمريكية على الجدار الإيراني

الحدث الاثنين ٠٦/أغسطس/٢٠١٨ ٠١:٣٥ ص
رماح أمريكية على الجدار الإيراني

واشنطن - طهران - وكالات

«إن إيران واقتصادها يشهدان تدهورا، شديدا وسريعا. ولا يهم ما إذا كنا سنلتقي أو لا.. الأمر متروك لهم». تغريدة جديدة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعيد التذكير بالهجمات المتبادلة بين الولايات المتحدة وإيران مع اقتراب تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران وانعكاسها على الوضع الاقتصادي.

مناورات في هرمز والخليج

وأكد الحرس الثوري الإيراني، أمس الأحد، إطلاقه مناورات واسعة في مياه الخليج قبل أيام. وصرّح الناطق الرسمي باسم الحرس الثوري رمضان شريف: «تم إجراء التمارين بهدف السيطرة على سلامة الممرات المائية وحماية برنامج تدريبات التقويم السنوي للحرس الثوري»، وذلك وفقا لوكالة «فارس» الإيرانية وأضاف شريف: «وقد تمت هذه المناورات بإشراف من قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، الذي شدد على ضرورة الحفاظ على الدفاعية الشاملة وتعزيزها لضمان الأمن الاستراتيجي لمضيق هرمز والخليج، والرد المناسب للتهديدات المحتملة من الأعداء».

مراقبة أمريكية

وكان مسؤولون أمريكيون قالوا لـ«رويترز»، الأربعاء الفائت إن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران تعد لمناورات كبرى في الخليج في الأيام المقبلة لتقدم موعد تدريبات سنوية على ما يبدو وسط تصاعد التوتر مع واشنطن. بدوره، قال قائد سلاح البحر في الجيش الإيراني، حسین خانزادي، إن «مضيق هرمز لن یكون آمنا لأولئك الذين يستخدمون أموال النفط المار من المضيق لتهديد أمن إيران».

احتجاجات داخلية

وأفادت وكالات أنباء إيرانية ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي بأن احتجاجات متفرّقة خرجت في مدن إيرانية لليوم الرابع، كما هاجم متظاهرون حوزة دينية إلى الغرب من العاصمة طهران وذلك فيما يتأهب الإيرانيون لعودة العقوبات الأمريكية.

التضخم

وأوضحت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي مشاركة المئات في مظاهرات في مدن بأنحاء مختلفة من البلاد بينها طهران وأصفهان وكرج وشيراز وقم؛ احتجاجا على ارتفاع التضخم لأسباب من بينها تراجع قيمة الريال بسبب مخاوف إعادة فرض العقوبات الخانقة في السابع من أغسطس.

غلاء المعيشة

وقررت واشنطن بانسحابها من الاتفاق النووي إعادة فرض العقوبات على إيران قائلة إن الجمهورية الإسلامية تمثل تهديدا أمنيا، كما أوصت الدول الأخرى بضرورة وقف كل وارداتها من النفط الإيراني اعتبارا من الرابع من نوفمبر وإلا ستصبح عرضة لإجراءات مالية أمريكية. وكثيرا ما بدأت الاحتجاجات في إيران بهتافات الاحتجاج على ارتفاع تكلفة المعيشة واتهامات بالفساد المالي لكنها سرعان ما تتحوّل إلى مسيرات مناهضة للحكومة. وأظهر مقطع فيديو وجودا كثيفا للشرطة وحواجز الطرق في مدينة كرج إلى الغرب من العاصمة طهران. وكانت المدينة مسرحا لاحتجاجات يومية. ولم يتسن التحقق من المقطعين.

تفريق متظاهرين

وذكرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أن شرطة مكافحة الشغب في مدينة اشتهارد، التي تقع على بُعد مئة كيلومتر إلى الغرب من طهران، تدخّلت في ساعة متأخرة الليلة قبل الفائتة لتفريق حوالي 500 شخص رددوا هتافات ضد الحكومة وألقى بعضهم بالحجارة والصخور على حوزة دينية. وفي واشنطن، قالت وزارة الخارجية الأمريكية عبر حسابها باللغة الفارسية على موقع تويتر «من حق شعب إيران تقرير مسار بلاده في نهاية المطاف وأمريكا تساند صوت الشعب الإيراني الذي يتم تجاهله منذ وقت طويل».

عقوبات مرتقبة

وستعيد الولايات المتحدة في السابع من أغسطس (غداً الثلاثاء) فرض العقوبات على شراء إيران للدولارات وعلى التجارة الإيرانية في الذهب والمعادن النفيسة وتعاملاتها في مجالات المعادن والفحم وبرامج الحاسوب المرتبطة بالصناعات. كما ستعود العقوبات على الواردات الأمريكية من السجاد الإيراني والمواد الغذائية المصنَّعة وبعض المعاملات المالية المرتبطة بذلك. وقد تتراجع صادرات إيران النفطية ما يصل إلى الثلثين بحلول نهاية العام بسبب العقوبات الأمريكية مما سيضع أسواق النفط تحت ضغط هائل وسط انقطاع المعروض في أماكن أخرى بالعالم.

صفقة «إيران اير»

من جانب آخر قالت شركة الطيران الإيرانية «إيران اير» أمس الأحد إنها تسلّمت خمس طائرات أخرى من نوع ايه.تي.آر مما يخفف المأزق الذي تواجهه صفقات الطائرات الغربية. وأوضحت شركة الطيران الوطنية الإيرانية في قناتها على تليجرام أن الطائرات الخمس من طراز ايه.تي.آر 72-600 هبطت في مدينة أورمية بشمال غرب إيران للتزود بالوقود ثم ستطير إلى طهران.

وايه.تي.آر مملوكة لايرباص وليوناردو الإيطالية وكانت تضغط على السلطات الأمريكية للسماح لها بتسليم الطائرات التي صنعتها لإيران. وفي أعقاب الاتفاق النووي طلبت إيران اير شراء 200 طائرة من شركات صناعة طائرات غربية من بينها 20 طائرة من ايه.تي.آر التي مقرها تولوز في فرنسا. لكن الشركة لم تتسلم سوى عدد قليل من الطائرات وأعطى قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي في مايو معظم الشركات مهلة حتى السابع من أغسطس لاستكمال الصفقات مع إيران قبل تطبيق عقوبات أمريكية جديدة. وقال مصنّعو الطائرات إنهم لا يستطيعون استغلال المهلة بعدما ألغت واشنطن تراخيص التصدير التي تحتاجها جميع شركات صناعة الطيران الغربية لأنها تستخدم مكونات أمريكية بكثافة. وتضغط ايه.تي.آر، التي سلّمت إيران ثماني طائرات بموجب الصفقة وبدأت في تصنيع اثنتي عشرة طائرة، على الخزانة الأمريكية للسماح لها بالاستفادة من المهلة ومنحها تراخيص استيراد جديدة مؤقتة. وأحجمت ايه.تي.آر عن التعليق. وقالت مصادر في الصناعة إن العدد النهائي للطائرات التي ستتسلمها إيران سيتضح خلال الأيام المقبلة.

صفقة سكانيا

وفي ستوكهولم قال رئيس سكانيا إن شركة صناعة الشاحنات السويدية قد تفقد كامل مبيعاتها في إيران إذا أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات على طهران وذلك بعد يوم من إعلان نتائج النصف الأول من العام التي أظهرت بالفعل تأثر دفتر طلبيات الشركة في إيران.

إلغاء الطلبيات

وقال الرئيس التنفيذي هنريك هنريكسون إن سكانيا، التي كانت من أوائل شركات الشاحنات التي تعود إلى إيران بعد رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي أوائل 2016، قد ألغت جميع الطلبيات التي لا تستطيع تسليمها بحلول منتصف أغسطس لأن أي شيء بعد ذلك سيتأثر بالعقوبات.

حضور قوي

وأبلغ هنريكسون رويترز «بالنظر إلى المعلومات التي بين أيدينا الآن، فبالطبع ما لم يحدث تحسّن، فإن جميع أحجام (مبيعاتنا) ستكون مهددة». ومن بين صنّاع الشاحنات، تعد سكانيا المملوكة لفولكسفاجن، من أكبر الشركات حضورا في إيران حيث تبيع ما بين خمسة آلاف وستة آلاف شاحنة وحافلة سنويا وفقا لهنريكسون. يعادل ذلك نحو خمسة بالمئة من طلبياتها العالمية التي بلغت 109 آلاف و415 مركبة العام الفائت.

ضربة

ويوجه ذلك ضربة جديدة لصناعة السيارات الإيرانية التي بخلاف قطاعي الطاقة والبنوك استطاعت توقيع عقود مع كبرى الشركات الأوروبية بعد رفع العقوبات في 2016 وجذب استثمارات أجنبية كبيرة.

وبدأت بيجو سيتروين الفرنسية تعليق أنشطة مشروعها المشترك في إيران في يونيو وقالت دايملر الألمانية إنها تراقب التطوّرات عن كثب ثم ستعكف على تقييم الأثر المحتمل على أعمالها.

انسحابات

ورغم جهود الحكومات الأوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي وتقديم ضمانات للشركات الأوروبية لحمايتها من العقوبات الأمريكية فإن الكثير منها يغادر إيران على أي حال لتفادي أي غرامات أمريكية محتملة. وشكّلت الطلبيات الأمريكية 13 بالمئة من دفتر سكانيا في 2017. وأحجمت سكانيا عن التعليق بشأن حجم تأثير تراجع طلبيات إيران، التي تعتبر من أسواق النمو بالنسبة لها، على نتائج النصف الأول. تستخدم الشركة مصانعها في أمريكا اللاتينية وأوروبا لإنتاج المركبات لصالح طهران وتوزع شاحناتها وحافلاتها عن طريق شركاء محليين يملكون أيضا شبكة الإنتاج والخدمة الواسعة لسكانيا في إيران.

وقال هنريكسون إن سكانيا تضغط أيضا لتسريع السداد لأن العقوبات قد تتسبب في غلق شبكات التمويل بحلول نوفمبر المقبل. وقال: «الوضع الحالي هو أنها مهلة تصفية لتسليم الطلبيات الموضوعة قبل موعد معيّن وتحصيل المدفوعات قدر الإمكان». لكنه أضاف أن سكانيا تعكف على خطة بديلة بحيث تستطيع الاستمرار في تسليم قطع الغيار الضرورية لكي تستمر شاحناتها وحافلاتها في العمل في إيران لكن شيئا لم يتقرر بعد.

دور الصين

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال الجمعة الفائت، موجها كلامه لنظيره الصيني، إن دور الصين «محوري» في إنقاذ الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة منه في وقت سابق من العام. وتحاول إيران وموقعون آخرون على الاتفاق، بينهم الصين، إنقاذه.

وقال ظريف: «دور الصين في تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) وفي التوصل إليه والآن في الحفاظ عليه سيكون محوريا».