بـلاغ سعـودي: لا تقتـربـوا

الحدث الأربعاء ٠٨/أغسطس/٢٠١٨ ٠٤:٤٢ ص
بـلاغ سعـودي: لا تقتـربـوا

الرياض - أوتاوا - واشنطن - وكالات

تصاعدت حدة التوتر بين السعودية وكندا على خلفية دعوة كندا للرياض للإفراج عن ما اسمتهم نشطاء من المجتمع المدني الأمر الذي اعتبرته الرياض تدخّلا في شؤونها الداخلية ولا تلوح في الأفق أية بوادر من البلدين نحو تهدئة التوتر حيث رفضت كندا التراجع عن دفاعها عن "حقوق الإنسان" بعد أن جمّدت السعودية التعاملات التجارية والاستثمارات الجديدة وطردت السفير الكندي.
وفي أول رد فعل على تحركات السعودية قالت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند: "لأكن واضحة جدا... كندا ستدافع دوما عن حقوق الإنسان في كندا وأنحاء العالم، وحقوق النساء هي من حقوق الإنسان".
واستدعت الرياض سفيرها من كندا وأمهلت السفير الكندي 24 ساعة للرحيل. كما حظرت الحكومة السعودية التعاملات التجارية الجديدة مع كندا رغم أنه لم يتضح بعد إن كان ذلك سيؤثر على التجارة السنوية بين البلدين والبالغ حجمها نحو أربعة بلايين دولار بالإضافة إلى عقد دفاعي قيمته 13 بليون دولار.
وبعد فترة قصيرة من تصريحات فريلاند أصدرت الخارجية الكندية بيانا قالت فيه إنها تشعر "بقلق بالغ" من طرد السفير الكندي.
وكانت التحركات ردا صارما على كندا بعد أن عبّرت يوم الجمعة عن قلقها من اعتقال نشطاء في السعودية بينهم المدافعة البارزة عن حقوق المرأة سمر بدوي ودعت للإفراج عنهم.

تدخل سافر
وقالت الرياض "الموقف الكندي يعدّ تدخلا صريحا وسافرا في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية ومخالفا لأبسط الأعراف الدولية وجميع المواثيق التي تحكم العلاقات بين الدول".
ودشّن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حملة للتغيير الاجتماعي والاقتصادي ويحظى بشعبية كاسحة في بلاده ولاسيما بين الشباب السعودي.
وفي الشهور الأخيرة رفعت السعودية الحظر على قيادة المرأة للسيارات لكنها أوقفت عددا من المواطنين والمواطنات السعوديين وأكدت أن توقيفهم خضع للإجراءات القانونية مع توجيه تهم لهم.
وفي أول تعليق من واشنطن منذ اندلاع النزاع بين الرياض وأوتاوا قال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة السعودية المزيد من المعلومات بشأن احتجاز "نشطاء".
وأضاف المسؤول: "نواصل تشجيع حكومة السعودية على احترام الإجراءات القانونية ونشر معلومات حول وضع القضايا القانونية".

بيان مفاجئ
وانتقد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير دعوة كندا للإفراج عن "نشطاء" من المجتمع المدني باعتباره موقفا مبنيا على "معلومات مضللة".
وقال مصدر مطلع لرويترز إن البيان الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية فاجأ الدبلوماسيين في الرياض، مشيرا إلى أن السفيرين السعودي والكندي كانا في إجازة عند صدور القرار.
وذكرت قناة العربية الفضائية أن السعودية قررت إيقاف برامج التدريب والابتعاث والزمالة مع كندا وستنقل الطلبة المبتعثين هناك إلى دول أخرى.
وقالت فريلاند للصحفيين "سيكون من المؤسف حرمان هؤلاء الطلاب من فرصة الدراسة هنا".
وقالت البحرين والإمارات إنهما تقفان مع الرياض لكنهما لم تعلنا إجراءات مماثلة.

توقف الرحلات
وأعلنت الخطوط الجوية السعودية وقف رحلاتها الجوية من وإلى تورونتو في كندا اعتبارا من الاثنين المقبل، بحسب قناة الإخبارية السعودية.
ولفتت إلى أنه سيتم إعفاء جميع التذاكر الصادرة من أية قيود أو رسوم عند الإلغاء.
وذكرت الصفحة الرسمية للخطوط الجوية السعودية على "تويتر" أن إيقاف رحلاتها من وإلى تورونتو، سيبدأ في 13 أغسطس الجاري، وأنه سيكون بإمكان أصحاب التذاكر، التي تم حجزها مسبقا، استعادة قيمتها.
ولفتت في بيانها إلى أنها ستعمل على توفير حلول بديلة للقادمين إلى المملكة أو المتجهين إلى تورونتو.

توقيف الدراسة
كما أعلنت الرياض إيقاف برامج التدريب والابتعاث والزمالة إلى كندا، على خلفية تدخّل الأخيرة في الشأن الداخلي السعودي.
وذكرت وزارة التعليم السعودية أنها تعمل على إعداد وتنفيذ خطة عاجلة لتسهيل انتقال المبتعثين في كندا إلى دول أخرى، سيعلن عنها قريبا، حسبما نقلت عنها قناة "الإخبارية" السعودية.
وقال المتحدث الرسمي للوزارة، مبارك العصيمي، في حسابه الرسمي على موقع "تويتر": "إنفاذا للتوجيه السامي الكريم المؤكد على موقف المملكة حيال ما صدر عن الحكومة الكندية، وما تضمنه التوجيه من إيقاف برامج التدريب والابتعاث والزمالة إلى كندا، فإن الوزارة تعمل على إعداد وتنفيذ خطة عاجلة لتسهيل انتقال أبنائنا المبتعثين إلى دول أخرى وستعلن الخطة قريبا إن شاء الله".
كما ذكرت صحيفة "سبق" الإلكترونية السعودية حسبما قالت عن مصادر مطلعة أن توجيهات قد صدرت بإيقاف علاج المرضى في كندا، ونقل جميع المرضى هناك إلى دول أخرى بحسب رغبتهم.

عدد ومصير المبتعثين
كما كشف وكيل وزارة التعليم السعودية لشؤون الابتعاث عن عدد ومصير المبتعثين السعوديين في كندا.
وقال في مداخلة هاتفية مع قناة الإخبارية السعودية إن كندا بها 12 ألف سعودي منهم 7 آلاف مبتعث من الجنسين، لافتا إلى أنه سيتم تحويلهم إلى جامعات أخرى في أقرب وقت.

إصلاحات
يريد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تنويع الاقتصاد بعيدا عن صادرات النفط وتخفيف بعض القيود الاجتماعية. ويقود إصلاحات ملموسة ومدروسة في مجتمع يؤثر فيه المتشددون وينظرون بريبة إلى الانفتاح والتحديث.
وهذه ليست المرة الأولى التي ترد فيها المملكة بقوة على انتقادات حكومات أجنبية.
ففي مايو، قالت مجلة دير شبيجل الألمانية إن الرياض أمرت بوقف منح عقود حكومية جديدة لشركات ألمانية بعد شهور من توتر العلاقات بين البلدين.
وكانت الرياض استدعت في وقت فائت سفيرها من ألمانيا للتشاور وأرسلت مذكرة احتجاج بسبب تعليقات لوزير الخارجية الألماني عن الأزمة السياسية في لبنان.
كما استدعت سفيرها من ستوكهولم وأوقفت إصدار تأشيرات عمل للسويديين العام 2015 في أعقاب انتقادات رسمية لسجل "حقوق الإنسان".
وبحسب موقع مجلس الأعمال الكندي السعودي، يبلغ حجم التجارة بين البلدين نحو 14 بليون ريال (3.73 بليون دولار) سنويا ويتألف بالأساس من الاستثمارات الكندية في المملكة والصادرات السعودية من البتروكيماويات والبلاستيك ومنتجات أخرى.
وفي العام 2014 فازت وحدة شركة صناعة الأسلحة الأمريكية "جنرال ديناميكس" بكندا بعقد تصل قيمته إلى 13 بليون دولار لتصنيع مركبات مدرعة خفيفة للسعودية فيما وصفته أوتاوا في ذلك الوقت بأنه أكبر عقد تصدير في تاريخ كندا في مجال التصنيع المتطور.
وقالت فريلاند لدى سؤالها عن اتفاق الأسلحة "نحن في انتظار أن تقدم المملكة العربية السعودية بعض التفاصيل بشأن ما تنوي القيام به".