جيش يبحث عن النصر

الحدث الثلاثاء ١٤/أغسطس/٢٠١٨ ٠٣:٣٥ ص
جيش يبحث عن النصر

اعزاز (سوريا) - رويترز - وكالات

تبخرت الآمال التي عقدت على «الجيش الحر» الذي أنشئ إبان اندلاع الحرب في سوريا مما أدى إلى تشكيل جديد يسمّى «جيش وطني» تعمل المعارضة السورية المسلحة على تأسيسه بمساعدة تركيا ودول إقليمية الأمر الذي من شأنه أن يشكّل عقبة في الأمد البعيد أمام استعادة الجيش السوري السيطرة على شمال غرب سوريا وذلك إذا ما تمكنت المعارضة من إنهاء الخصومات الفئوية التي نكبت بها منذ فترة طويلة. ويمثل هذا المسعى عنصرا أساسيا في خطط المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا لتأمين شريط من الأرض يشكّل جزءا من آخر معقل كبير للمعارضة في سوريا وفرض حكمها عليه.

وجود تركي

وقد ساعد وجود القوات التركية على الأرض في حماية هذا الشريط من هجوم القوات الحكومية عليه. وكان الرئيس السوري الذي يحظى بدعم روسيا وإيران قد تعهد باستعادة «كل شبر» من الأرض السورية ورغم أنه استرد السيطرة على معظم أنحاء البلاد إلا أن الوجود التركي سيعقد أي حملة عسكرية حكومية في الشمال الغربي. وتجاوز دور تركيا دعم الفصائل السورية المتحالفة إلى إعادة بناء المدارس والمستشفيات. كما فتح البريد التركي خمسة فروع له على الأقل في المنطقة. ويقول العقيد هيثم العفيسي قائد «الجيش الوطني» إن إنشاء هذه القوة لم يكن بالمهمة السهلة خلال السنة الأخيرة.

وقال لرويترز في مقابلة ببلدة اعزاز قرب الحدود التركية «نحن ننتقل في تطوير الجيش من مرحلة إلى مرحلة. ونحن اليوم في بداية التنظيم، أمامنا صعوبات كثيرة ولكن نعمل على تجاوزها».

تعليمات صارمة

وفي أواخر الشهر الفائت أصدر تعليمات لقادة «الجيش الوطني» تقضي بمنع المقاتلين من «إطلاق النار العشوائي منعا باتا» والالتزام بارتداء الزي العسكري و«التعاون الكامل مع قيادة الشرطة العسكرية... فالشرطة العسكرية تمثل قوة القانون والعدالة وليست منافسا لأي فصيل». وتم منع الفصائل التي يتألف منها «الجيش الوطني» من إدارة سجون ومحاكم خاصة بها ومن «اعتقال أي مواطن من قبل أي فصيل كان إلا بموجب كتاب رسمي من القضاء وعن طريق الشرطة العسكرية حصرا». وقد تعرض مشروع الجيش الوطني للهجوم إذ أصيب عدد من المجندين بجروح في الخامس من أغسطس الجاري عندما تعرّض حفل تخريج دفعة من المقاتلين في مدينة الباب للقصف.

وقال العفيسي إن هذا الهجوم من عمل «أعداء الثورة. كائن من يكون فهو عدو للثورة سواء داخلي أو خارجي».
وأضاف «تعرّفنا على السلاح المستخدم في الاستهداف والجهات الأمنية في الجيش الوطني تقوم بالتحري والبحث والتحقيق ومتابعة الأمر بشكل حثيث ويمكن القول إننا وصلنا إلى الفاعل».

التوسع في إدلب

يتألف الجيش الوطني من حوالي 35 ألف مقاتل من بعض من أكبر الفصائل في الحرب الأهلية التي سقط فيها مئات الآلاف من القتلى وأرغمت حوالي 11 مليونا على النزوح عن بيوتهم خلال السنوات السبع الأخيرة. وفي السابق فشلت مساع عديدة لتوحيد مقاتلي المعارضة إذ عرقلتها منافسات محلية وفي بعض الأحيان تعارض أهداف الدول الأجنبية التي كانت تدعم كثيرين من المقاتلين في وقت من الأوقات في الحرب السورية. ومن المحتمل أن يختلف الوضع بالنسبة للجيش الوطني نظرا للوجود التركي على الأرض. وكان الجيش التركي قد توغل في الشمال الغربي في حملتين: الأولى «درع الفرات» في 2016 وأدت لطرد تنظيم داعش من المنطقة الواقعة بين اعزاز وجرابلس، والثانية «غصن الزيتون» التي انتزعت فيها تركيا السيطرة على منطقة عفرين من وحدات حماية الشعب الكردية السورية في وقت سابق من العام الجاري.

وللمنطقة أهمية خاصة لأنقرة لأنها ترى خطرا أمنيا عليها في وحدات حماية الشعب التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا منذ أكثر من ثلاثة عقود في تركيا. وتقول الحكومة السورية إن تركيا تحتل الأرض السورية دون مسوغ قانوني. وقال العفيسي «كل ما يتم تقديمه حتى الآن من دعم للجيش الوطني هو دعم تركي. لا توجد أي دولة أخرى شريك في هذا الأمر. فقط تركيا».
ولم ترد وزارة الخارجية التركية على أسئلة من رويترز حول هذا الموضوع.
وقال العفيسي إن الدعم التركي «يتمثل في تقديم رواتب للمقاتلين وفي نفس الوقت إصلاحات وتقديم المساعدة والخبرات في كافة المجالات: مادي ولوجستي وآليات وسلاح إذا اضطر الأمر».
وقال إن أعداء الجيش الوطني ثلاثة يتمثلون في الحكومة السورية وحزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش.
وقد أقامت تركيا أيضا 12 موقعا عسكريا في محافظة إدلب والمناطق المجاورة لها جنوبي عفرين بموجب اتفاق مع روسيا وإيران. والهدف المعلن لها هو مراقبة اتفاق «خفض التصعيد» في منطقة إدلب.وكان الرئيس السوري قد أشار إلى أن إدلب ربما تكون الهدف التالي للقوات الحكومية. وقال العفيسي إن من الممكن دمج الجيش الوطني بسرعة مع قوات المعارضة المدعومة من تركيا في إدلب إذا اقتضت الضرورة.ومما يعقد الوضع في إدلب وجود متشددين مدججين بالسلاح قاتلوا الفصائل الأخرى. وقال العفيسي «يمكن أن يكون الدمج قريبا في حال كانت الرؤية واحدة تماما ونحن جاهزون ونمد يدنا إلى كل تشكيل يمثل أهداف الثورة».

اجتماعات مقبلة

وفي موسكو قالت وزارة الخارجية الروسية أمس الاثنين إن «من المقرر في المستقبل القريب» عقد قمة رباعية بشأن سوريا بين زعماء روسيا وفرنسا وتركيا وألمانيا. وذكرت أن وزير الخارجية سيرجي لافروف سيزور أنقرة يومي الاثنين والثلاثاء لبحث الاجتماع الرباعي مع نظيره التركي.

مناطق آمنة

قالت تركيا إنها أكملت استعدادات لإقامة مزيد من المناطق الآمنة في سوريا مما سيسمح بعودة اللاجئين الذين فرّوا من سوريا بسبب الحرب. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوجان في مقر حزبه العدالة والتنمية بمدينة طرابزون المطلة على البحر الأسود إن ربع مليون شخص عادوا بالفعل إلى مناطق «محررة» في سوريا. وأضاف «إن شاء الله سنحرر مزيدا من المناطق ونقيم مزيدا من المناطق الآمنة». وتستضيف تركيا 2.7 مليون لاجئ من سوريا.

عملية طوعية

وتقول وزارة الدفاع الروسية إن حوالي 1.2 مليون مواطن سوري عادوا إلى منازلهم منذ بداية العملية الروسية في سوريا في سبتمبر 2015، وجاء ذلك وفقا لصحيفة «كراسنيا زفيزدا» (النجمة الحمراء) التابعة لوزارة الدفاع الروسية.ووفقا لرسوم بيانية نشرتها صحيفة كراسنايا زفيزدا، المنشور الرسمي لوزارة الدفاع، أشارت فيه إلى أن «حوالي 1.186 ألف مواطن سوري، عادوا إلى منازلهم من مخيمات اللجوء والإقامة المؤقتة، منذ بداية العملية الروسية في سوريا في سبتمبر العام 2015».