عندما تفقد عزيزاً

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/أغسطس/٢٠١٨ ٠١:٠٤ ص
عندما تفقد عزيزاً

ناصر بن سلطان العموري
abusultan73@gmail.com

كتب الله الموت على جميع خلقه من إنس وجان ودابة، فلا مفر لأحد من الموت ولا منجى منه ولا أمان، وقد قال سبحانه وتعالى في محكم التنزيل “كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ”... الموت تلك الكلمة التي تحمل في طياتها الكثير من المعاني الحزينة والألم على فراق الأحبة وفقدهم بعد الأنس بهم زمنا، والموت لا يستأذن أحداً ولا يجامل أحداً وليس له إنذار مبكر فالموت حق، وقد قدم الله عز وجل ذكره على الحياة في كتابه العزيز “الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا” والموت حقيقة واقعة لا شك فيها ولكن الناس يتغافلون عن ذلك كما قال الحسن البصري رحمه الله (ما رأيت يقيناً لا شك فيه، أشبه بشكٍ لا يقين فيه من الموت) وربما يكون الموت حقيقة مرة كما يحب أن يفسرها البعض ومن يفقد عزيزا هو من يحس بالموت ومرارة الفقد أكثر من غيره، ولا يصبر وقت الفقدان بسبب الموت إلا أولوا العزم والصبر والجلد من الناس، وهم في اعتقادي فئة قليلة من ذوي الإيمان والتقوى.. فالعاطفة كثيراً ما تغلب في مثل هذه المواقف فالصبر عند المصيبة والاحتساب إلى الله فضيلة لا يفقهها الكثيرون وأي مصيبة أعظم بعد الدين من مصيبة الموت.

من يفقد في الدنيا الفانية لن يسافر أو يهاجر أو يغيب لمدة قصيرة نكون على أمل لقياه مرة أخرى، بل هو مسافر سفراً لا رجعة منه، والعاقل هو من يستعد بزاد وعمل صالح والعزيز ليس فقط هو الأب الغالي أو الأم الحنون أو الأخ العزيز أو الزوجة الحبيبة أو الأبناء المؤنسون أو الصديق الوفي، بل يتعدى أحيانا ليكون غير هؤلاء، فالعشرة الحسنة والسلوك القويم والأخلاق العالية والمواقف الصادقة والكلمة الطيبة هي من يجعل العزيز عزيزا وليس سواها.

وكم هو جميل أن تكون ذا أثر إيجابي في قلوب من حولك، فيفنى جسدك ويبقى ذكرك العطر فواحاً في الآفاق، نعم فهناك من هم تحت الثرى وذكراهم الطيبة تعطر الأجواء وتحرك المشاعر والوجدان، وكما قال الإمام علي رضي الله عنه (خالطوا الناس مخالطة إن متم معها بكوا عليكم، وإن عشتم حنوا إليكم).. نعم فقد الأم رمز الحنان والأب رمز الأمان أكثر ما يؤثر في الإنسان ولمَ لا وهم باب من أبواب الجنة ورضاهم من رضا رب العالمين.. بل يخيل الأمر للفرد أنه كيف سيعيش من دونهم وهم ليسوا معه وقت الفرح والسرور يفرحون لفرحه ويقفون معه وقت همه ونكده يخففون عنه أحزانه وآلامه بابتسامة حانية مشرقة وكلمة طيبة ودعاء رطب.. وما أدراك ما دعاء الوالدين وفضله الكبير.. رحم الله كل من فقد أباً أو أماً أو عزيزاً لديه، فلا نملك لهم الآن إلا الدعاء بأن يتغمدهم الله بواسع رحمته ويغفر لهم ويسكنهم فسيح جناته..
بقي أن نقول لكم إن الإنسان الطيب، منبته طيب وعيشته طيبة وخاتمته طيبة بإذن الله ولا نزكي على الله أحداً وإنما نحسن الظن به عز وجل، غفر الله لنا ولكم ولجميع المسلمين.