طريق خصب - ليما طال انتظاره!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/أغسطس/٢٠١٨ ٠١:٠٧ ص
طريق خصب - ليما طال انتظاره!

علي بن راشد المطاعني

على الرغم من التوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- بإنشاء طريق خصب - ليما بمحافظة مسندم عند زيارته في عام 1989م، وتبعتها أوامره السامية في عام 2012م ليمتد الطريق ليشمل ولاية دبا بحيث يمتد من خصب إلى نيابة ليما إلى ولاية دبا وذلك لإنهاء معاناة المواطنين في المحافظة في التنقل بين ولاياتها بكل سلاسة وبدون المرور بثلاثة منافذ حدودية برية خارجية يعانون في اجتيازها من مشاق وصعاب لا يسع المجال هنا لرصدها ذلك لكونها لا تسر عدوا ولا صديقا، وفي إطار تشبيه جادت به قريحة أحد المواطنين لهذه الصعاب فقد قال بأن ما يعانيه المواطن في الأراضي الفلسطينية المحتلة في عبور المعابر في المنافذ الحدودية أقل وطأة مما يلاقونه في عبورهم من ولاية لأخرى للأسف، فالتفتيش وفق الأمزجة قد يحول دون مرور حتى الأدوية التي تمنع أحيانا من الوصول لمستحقيها من المرضى لأسباب بعضها يستغربه العقل.
فإجراءات الوصول إلى بعض ولايات محافظة مسندم مثل ولاية دبا يستلزم المرور بأكثر من منفذ حدودي خارجي وكل منفذ له إجراءاته وآليات التفتيش الصارمة التي تأخذ وقتا محسوبا من زمن الرحلة القاسية أصلا وتعرض المواطنين للمهانة أحيانا.
كل ذلك يفرض ضرورة استعجال إنشاء الطريق وإنهاء معاناة المواطنين في المحافظة، ولقد أكدنا أكثر من مرة بأن محافظة مسندم الحدودية يجب أن تحظى بوضع استثنائي يسهم وبأسرع وقت ممكن في تذليل الكثير من الصعاب والمشاق اليومية في حياة مواطنيها.
فهذه المحافظات وتلك الولايات الحدودية تصنّف في الجغرافيا السياسية بأنها مدن من الدرجة الثانية من حيث الأهمية بعد عواصم الدول لاعتبارات عديدة منها أنها تمثّل الواجهة التي تعكس رقي وتقدم الدولة، بل هي تمثّل اليد الأولى التي تصافح القادم برا للسلطنة، فضلا عمّا يعتري التنقل من إشكاليات تعيق العبور السلس.
ولذلك يتعيّن أن تكون مزدانة بعبق الترحاب من بعد أن تبدو على ملامحها وسحنتها كل ملامح النهضة وقد بلغت ذلك العلو المشاهد في كل فجاج الأرض.
ومن غير المنطقي أن لا يبدو ذلك الحسن وذاك البهاء الذي يميّز النهضة على ولاياتنا الحدودية، ذاك واقع لا يمكن هضمه أو حتى استيعابه؛ فالطرق هي ملمح أساسي من مقومات علو شأن الأوطان، من بعد ذلك ينبثق السؤال الأضخم تلقائيا هل طبقنا هذه النظرية الواقعية الجيوسياسية على ولاياتنا الحدودية؟
نحن اليوم في العام 2018م، ومن بعد الجمع والطرح نجد بأن هذا الطريق قد مرّت عليه ست سنوات من بعد توجيه جلالة السلطان قابوس بن سعيد -حفظه الله- بإنشائه، وقبل ذلك دراسات لم تشفع بعد بإنشائه على ما يبدو، فإلى أين وصل به الأمر، وما هي النقطة التي توقف عندها ولم يستطع التحرّك بعدها قيد أنملة إلى الأمام، وقد يكون قد تحرّك للخلف في إطار حقيقة أنه لم يكتمل حتى اللحظة، في هذه النقطة حري بوزارة النقل والاتصالات الموقرة إطلاع الرأي العام على ما تم إنجازه حتى الآن، فالكل يتطلع شوقا للوقوف على ما آلت إليه الدراسات والرسومات والمناقصات الأولية والمسافة التي قطعها المشروع في هذا الزمن الطويل.
فالواقع يقول بأن التأهيل المسبق للشركات يطرح أكثر من مرة وآخرها شهر يونيو من العام الجاري، فإلى متى سوف يستمر الطريق على هذا المنوال، وإذا كان هذا هو التأهيل المسبق للشركات فكم سيحتاج تنفيذ الطريق، ولماذا كل هذه الفترة بين الأخذ والرد. هذه التساؤلات وغيرها يجب أن تجيب عليها وزارة النقل والاتصالات على الأقل ليكون الرأي العام على دراية بهذا الطريق ومدى إمكانية تنفيذه من عدمه.
بالطبع لا ننكر بأن هناك جهودا تبذل من الجهات الحكومية المعنية لإنشاء الطريق الذي سوف يختصر المسافات ويقلص المنافذ الحدودية ويخفف من معاناة المواطنين اليومية في الذهاب والعودة إلى ولاياتهم، لكن في المقابل ليس هناك طريق يمكن أن يأخذ كل هذا الوقت في التأهيل المسبق والدراسات وما يكتنفها من تأخير لا يكابده إلا من يعاني آلامه.
نأمل صادقين أن ينجلي هذا العثار والغبار العالق حتى الآن في سماوات ولاياتنا الحدودية بسبب تأخر هذا الطريق الحيوي والإستراتيجي والذي لا يقبل أنصاف الحلول، فاكتمال الطريق لا بد منه، فأهميته الإستراتيجية والاجتماعية والسياحية والاقتصادية والحيوية أضخم وأكبر من كل الكلمات مهما بدت بليغة وفصيحة وهو ما نتطلع إلى أن تدركه الجهات المختصة.