التملك العقاري للأجانب.. تحت الرماد وميض نار

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٦/أغسطس/٢٠١٨ ٠٣:٤٠ ص
التملك العقاري للأجانب.. تحت الرماد وميض نار

علي بن راشد المطاعني

الحديث عن فتح أبواب التملك العقاري للأجانب في السلطنة قول مردود، بل هو كلمة حق أريد بها باطل كما يقال، ويهدف لتغليب مصلحة خاصة على مصلحة عامة لا أكثر ولا أقل، وبدون النظر بروية لتبعات ذلك درءا لأي مخاطر قد تنجم عن تطبيق هذا القول على أرض الواقع.
إن استيراد تجارب الآخرين دون إخضاعها للدراسة للوقوف على مدى مواءمتها مع واقعنا وبغية تطبيقها كما هي يعد أمراً بالغ الخطورة وله تبعات وخيمة على الواقع الاجتماعي، فالذين ينادون بذلك إنما ينطلقون من بواعث ضيقة للغاية وهي تحريك عقاراتهم سوقياً، وتلك مكاسب لحظية حتما، إذ إن العواقب الوخيمة لهذه الخطوة ستتضح مع مرور الوقت عندما لا يجد المواطن مسكناً مناسباً له ولأسرته بسبب تملك الأجانب ولا نقول احتلالهم لهذا القطاع الحيوي، عندها فإنهم سيفرضون واقعاً مختلفاً لا رحمة فيه لضعيفي أو لمحدودي الدخل، فالربح الفاحش سيغدو سيد الموقف، عندها يمكننا القول إن الموطن أمسى غريباً ولاجئاً في وطنه، بل سنصبح أقلية في بلادنا، تلك هي الطامة الكبرى، ونتمنى أن لا تقع حكماً.
الأجانب الذين ينتظرون تطبيق ذلك الواقع هم حتى الآن خلف الستار يرغبون في العيش وإلى الأبد في السلطنة والاستفادة من كل مقوماتها الجاذبة لا أكثر ولا أقل.
إن التملك العقاري في السلطنة يعد مغرياً للكثير من المستثمرين، كما إنه يعد الأرخص على الإطلاق في المنطقة وسيؤدي إلى نتيجة واحدة حتمية وهي استيلاء الأجانب على قطاع العقارات ومن ثم رفع الإيجارات وأسعار البيع بنحو فلكي وكما يرغبون، فهم ملاك هذا القطاع، والمواطن لا يملك غير إبداء الأسى والأسف لا أكثر ولا أقل فليس في اليد حيلة تذكر.
عليه لا ينبغي الإصغاء للذين يروجون لتلك الفكرة باعتبارها غير واقعية ومهددة للسلم الاجتماعي ومفضية لكوارث لا تحمد عقباها.
إن إتاحة التملك في المجمعات السياحية المتكاملة في اعتقادنا نراه كافياً لمن يرغب في السكن أو الاستثمار، إلا أن طبيعة هذه الاستثمارات ربما تبدو عصية الهضم على بعض السماسرة، وليس المستثمرين، الذين يرغبون في التربح فقط طارحين المخاوف من الركود العقاري وتداعياته المزعومة على السوق كمطية لبلوغ غاياتهم غير الحميدة.
غير أن الركود العقاري ومن ناحية اقتصادية صرفة مرده للواقع الاقتصادي الذي تشهده كل دول المنطقة، هذا الواقع أثر سلباً على كل القطاعات وليس القطاع العقاري لوحده، فلا يمكننا الزعم بأن فتح باب التملك للأجانب كفيل بإنعاش هذا القطاع، هذا غير صحيح بالمنطق وبالأرقام.
بالطبع العمل جار لتطوير القطاع العقاري من خلال سن القوانين والتشريعات وتوفير الضمانات الاستثمارية التحفيزية وتفعيل قانون الوساطة العقارية والرهن العقاري بغرض الحفاظ على أموال الناس وتكبيل ما يسمى ببيع العقار على الورق الذي كانت له نتائج وخيمة على القطاع. نأمل أن لا نصغي لتلك المزاعم التي تفتقر إلى أي سند اقتصادي إيجابي يدفعنا للركون إليها وتصديقها، فعواقبها أضخم من حسناتها هذا إن كانت لها حسنات أصلا.