دراسة: تأثيرات الحمل على الحامل تختلف بحسب نوع الجنيين

الرياض- وكالات
كثيرا ما تعاني النساء الحوامل من آثار الحمل التي تختلف من امرأة إلى أخرى بحسب ظروفها الصحية والجسمانية وطبيعة عملها وغير ذلك من الأمور، غير أن أحدث الدراسات ربطت ذلك -بشكل كبير- بنوع الجنين، ووفقا لما ذكرته جريدة «الشرق الأوسط» الدولية فقد قدمت مجموعة من الباحثين البريطانيين تفسيرا علميا لدور نوعية جنس الجنين في التسبب في ارتفاع احتمالات معاناة الأم الحامل من بعض الاضطرابات المرضية خلال فترة الحمل. ووفقا لما تم نشره ضمن عدد ١٢ يوليو من مجلة «جي أن سي إنسايت» العلمية الصادرة عن الجمعية الأمريكية للفحوصات الإكلينيكية (ASCI)، أفاد الباحثون من جامعة كمبريدج أن نوع جنس الجنين يسيطر على مستوى تكوين وتراكم الجزيئات الكيميائية الصغيرة، المعروفة باسم الأيضات، في دم الأم الحامل، وهو ما قد يفسر سبب اختلاف مخاطر الإصابة ببعض الأمراض أثناء الحمل اعتمادا على ما إذا كانت الأم تحمل بجنين ذكر أو أنثى. والأيضات هي المركبات الكيميائية الوسطية والنواتج النهائية للعمليات الكيميائية الحيوية للتمثيل الغذائي التي تساعد الأنزيمات في إتمامها بالجسم.

تساعد نتائج هذه الدراسة على إعطاء تفسيرات لعدة اضطرابات صحية ومرضية قد تُصيب الحامل أو الجنين، فعلى سبيل المثال، لماذا يكون الأطفال الذكور في الرحم أكثر عرضة لتأثيرات ضعف النمو؟ ولماذا قد يؤدي الحمل بجنين أنثى إلى زيادة خطر الإصابة بحالة «مقدمات الارتعاج»، أو ما تُعرف بحالة «ما قبل تسمم الحمل»؟ ومقدمات الارتعاج، هي حالة مرضية تصيب المرأة الحامل بعد الأسبوع العشرين من الحمل، ويرتفع فيها ضغط الدم مع ظهور البروتين في البول، ويُصاحبها تورم في اليدين والوجه والرجلين نتيجة تجمع السوائل بالجسم، وتدني كفاءة عمل الكلى، وارتفاع إنزيمات الكبد، واضطرابات عصبية في الرؤية، ونقص الصفائح الدموية، ونقص نمو الجنين، وهذه الحالة قد تطور إلى حصول نوبات التشنج العصبي في الجسم، وهي ما تعرف بحالة الارتعاج لتسمم الحمل.

وكان فريق الباحثين البريطانيين من قسم أمراض النساء والتوليد ومن مركز البحوث الطبية الحيوية بجامعة كمبردج قد أجروا دراسة علمية مفصلة لأكثر من ٤٠٠٠ امرأة تحمل لأول مرة، وقاموا بتحليل عينات من المشيمة ومن دم الأم.

ووجد الباحثون أن الملف الوراثي للمشيمة من الحمل بالأجنة الذكور كان مختلفا عن ذلك الذي لدى الحمل بالأجنة الإناث، أي وفق نوعية جنس الجنين. كما وجد الباحثون أن كثيرا من الجينات التي اختلفت -وفقا لجنس الجنين- في المشيمة لم يسبق أن تمت ملاحظة اختلافها -باختلاف نوع جنس الجنين- في أنسجة الجسم الأخرى لدى المرأة الحامل.

ولاحظ الباحثون في نتائجهم أن إحدى هذه الجينات المشيمية الفريدة ذات العلاقة بالجنس تسيطر على مستوى جزيء صغير يدعى سبيرمين، والسبيرمين هو مادة كيميائية تشارك في عــــــملية التمثيل الغذائي، وتلعب دورا مهـــــــما في جميع الخلايا بالجسم، وأيضا هي ضرورية لنمو بعض أنواع البكتيريا.

ولاحظ الباحثون أيضا في نتائجهم أنه كان لدى مشيمة الحمل بالإناث مستويات أعلى من الإنزيم الذي يصنع السبيرمين، كما كانت لدى الأمهات الحوامل بالإناث مستويات أعلى من مادة سبيرمين في دمهن، مقارنة بالأمهات الحوامل بالذكور. ووجد الباحثون كذلك إن الخلايا المشيمية للحمل بالذكور أكثر عرضة للتأثيرات السامة لدواء يوقف إنتاج السبيرمين، ووفق ما أفاد به الباحثون فإن هذا قدّم دليلا تجريبيا مباشرا على الاختلافات المرتبطة بجنس الجنين في عملية التمثيل الغذائي المشيمية للسبيرمين.

وعلق البروفسور جوردون سميث، الباحث الرئيسي في الدراسة من جامعة كمبريدج، بالقول: «في الحمل والولادة يكون جنس الجنين في طليعة الأمور التي تشغل ذهن الوالدين، لكن لا يخطر ببالنا أن المشيمة تختلف بشكل عميق حسب نوع جنس الجنين، فهناك مشيمة أنثى، وأخرى ذكر». وأضاف: «هذه الاختلافات تغيّر عناصر تكوين دم الأم، وقد تعدّل من احتمالات خطورة الإصابة بمضاعفات الحمل. ولذا فإن الفهم الأفضل لهذه الاختلافات يمكن أن يؤدي إلى اختبارات تنبؤية جديدة، وربما طرق جديدة لتقليل مخاطر سوء نتائج الحمل».

وبالمقابل، وضمن عدد 11 يوليو من مجلة «بلوز وان» الطبية PLOS ONE، قدمت مجموعة من الباحثين الأستراليين نتائج دراستهم لتأثيرات حمل المرأة بجنين ذكر أو جنين أنثى على صحة الأم الحامل وسلامة صحة الحمل. ولاحظ الباحثون في نتائج دراستهم أن حمل المرأة بطفل ذكر من المرجح أن تكون له علاقة باحتمالات حصول مضاعفات في الحمل. وشمل الباحثون أكثر من نصف مليون حالة ولادة في أستراليا، وعلّقت الدكتورة بترا فيربورج، الباحثة الرئيسية في الدراسة من معهد بحوث روبنسون في جامعة أديلايد بأستراليا، بالقول: «جنس الجنين له ارتباط مباشر مع مضاعفات الحمل»، مثل حصول الولادة المبكرة، وسُكري الحمل وما قبل تسمم الحمل. وأوضح الباحثون أن نتائج الدراسة تتوافق مع نتائج دراسات أخرى سابقة بحثت في الموضوع نفسه، وأن التفسير لذلك هو المشيمة التي يتغذى عبرها الجنين من دم الأم. وهو ما علقت عليه الدكتورة كلير روبرتس، الباحثة المشاركة في الدراسة من معهد بحوث روبنسون الأسترالي بقولها: «إن المشيمة هي عنصر حاسم لنجاح الحمل، وهي جهاز ينتمي فنيا وتقنيا لجسم الطفل الجنين وليس جزءا من جسم المرأة، ولذلك تتطابق خلايا المشيمة جينيا وراثيا مع الجينات الوراثية لخلايا جسم الجنين».