شغب دبلوماسي على إدلب

الحدث الأربعاء ١٢/سبتمبر/٢٠١٨ ٠٤:٣٨ ص
شغب دبلوماسي على إدلب

واشنطن-موسكو-دمشق-طهران-رويترز-وكالات:

يستعد الجيش السوري وحلفاؤه الروس والإيرانيين على خطوط القتال الأمامية في شمال غرب سوريا لاستعادة محافظة إدلب من سيطرة اكثر من 15 ألف مسلح بما فيهم جبهة النصرة وجبهة تحرير الشام المصنفتين كمنظمتين إرهابيتين وانضمت الطائرات الروسية إلى الجيش السوري في قصف مواقع الإرهابيين تمهيدا لهجوم متوقع على نطاق واسع.

ومع هذه الاستعدادات قالت واشنطن إن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اتفقت على أن استخدام سوريا للأسلحة الكيماوية مرة أخرى سيؤدي إلى «رد أقوى بكثير» من الضربات الجوية السابقة.
وقال مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جون بولتون خلال رده على أسئلة في أعقاب خطاب بشأن السياسة: «سعينا لتوصيل الرسالة في الأيام القليلة الفائتة بأنه إذا تم استخدام الأسلحة الكيماوية للمرة الثالثة، فسيكون الرد أشد بكثير».
وأضاف بولتون: «يمكنني القول إننا أجرينا مشاورات مع البريطانيين والفرنسيين، الذين انضموا إلينا في الضربة الثانية، واتفقوا معنا أيضا على أن استخدام الأسلحة الكيماوية مرة أخرى سيؤدي إلى رد أقوى بكثير».

أدلة أمريكية

وقال مسؤولون أمريكيون في الأيام القليلة الفائتة إن لديهم أدلة على أن قوات الحكومة السورية تجهز أسلحة كيماوية قبل هجوم على منطقة خاضعة للجماعات المسلحة في إدلب بشمال غرب سوريا.فيما تنفي الحكومة السورية استخدامها للأسلحة الكيماوية ويؤكد الروس عدم وجود أي أسلحة كيماوية لدى الجيش السوري.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، أمس الثلاثاء إن واشنطن تعرض عضلاتها أمام موسكو وطهران على الأراضي السورية، وهي عبارة عن تهديدات وابتزازات وصرح ريابكوف: «نحن نسمي المواقع الجغرافية، حيث تجري الاستعدادات لتنفيذ الاستفزازات ونسمي منظمات إرهابية محددة، تدعمها الولايات المتحدة وحلفاؤها، تحت شعار مكافحة الإرهاب». وأشار إلى أن بعض العواصم الغربية لم تتخل بعد عن سيناريو الاستفزاز العسكري في سوريا، مشدداً على أن موسكو ستعمل على الحيلولة دون ذلك.

قلق تركي

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوجان أمس الثلاثاء إن الهجوم الذي تنفذه الحكومة السورية على إدلب سيسبب مخاطر إنسانية وأمنية لتركيا وأوروبا وغيرهما.
وفي الأسبوع الفائت استأنفت طائرات حربية روسية وسورية قصف إدلب آخر معقل للمعارضة في سوريا بعد أسابيع من الهدوء فيما يبدو أنه تمهيد لهجوم عسكري شامل. وفشل أردوجان الأسبوع الفائت في الحصول على تعهد لوقف إطلاق النار في إدلب من روسيا وإيران، حليفتي الرئيس السوري بشار الأسد، خلال قمة ثلاثية في طهران. وفي مقال نشرته صحيفة وول ستريت جورنال، دعا أردوجان المجتمع الدولي أيضا للتحرك بشأن إدلب، آخر معقل للمعارضة في سوريا، وحذر من أن «العالم بأكمله سيدفع الثمن» إذا حدث غير ذلك.
وقال إردوجان اليوم إن روسيا وإيران مسؤولتان عن الحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية في إدلب. كما قالت تركيا، التي تستضيف نحو 3.5 مليون لاجئ، إنها لن تستطيع استقبال المزيد من المهاجرين إذا تسبب أي هجوم على إدلب في موجة لاجئين جديدة صوب حدودها.

نازحون

أكد المساعد الخاص لوزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري امس الثلاثاء إن إيران تشاطر الأمم المتحدة قلقها إزاء احتمال وقوع كارثة إنسانية في محافظة إدلب السورية وإنها ستسعى لتفاديها. وأضاف قائلا للصحفيين عند وصوله إلى جنيف لإجراء محادثات ترعاها الأمم المتحدة بخصوص تشكيل لجنة دستورية سورية: «نحن أيضا نشعر بالقلق. سنعمل على عدم حدوث ذلك».
ويستضيف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستافان دي ميستورا محادثات جنيف التي يشارك فيها أيضا مسؤولون روس وأتراك.
وذكر منسق الإغاثة الطارئة بالأمم المتحدة مارك لوكوك لرويترز أن أكثر من 30 ألف شخص نزحوا من ديارهم في شمال غرب سوريا بعدما استأنفت الحكومة السورية والقوات المتحالفة معها ضرب مواقع الجماعات المسلحة هناك الأسبوع الفائت.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية: إن أي هجوم عسكري شامل قد يؤدي إلى فرار 800 ألف شخص من ديارهم. وحذر لوكوك من أن ذلك قد يؤدي إلى أسوأ كارثة إنسانية في القرن الحادي والعشرين.
وتستعد دمشق، بدعم من روسيا وإيران، لهجوم كبير لاستعادة إدلب ومناطق مجاورة في شمال غرب سوريا من أيدي الجماعات المسلحة.
وذكر ديفيد سوانسون المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «حتى التاسع من سبتمبر نزح 30 ألفا و542 شخصا من شمال غرب سوريا صوب مناطق مختلفة في أنحاء إدلب». ويعيش قرابة 2.9 مليون شخص في المنطقة الخاضعة لسيطرة الجماعات المسلحة والتي تضم معظم محافظة إدلب ومناطق صغيرة مجاورة من محافظات اللاذقية وحماة وحلب.

نزوح ثانٍ

خلال إفادة صحفية في جنيف، قال لوكوك: «نستعد بنشاط كبير لإمكانية تحرك المدنيين بأعداد كبيرة في اتجاهات متعددة».
وأضاف: «ثمة حاجة إلى سبل للتصدي لهذه المشكلة كي لا تتحول الأشهر القليلة المقبلة في إدلب إلى أسوأ كارثة إنسانية يسقط خلالها أكبر عدد من الخسائر البشرية في القرن الحادي والعشرين». وقال سوانسون: إن الهجمات بقذائف المورتر والصواريخ زادت منذ يوم الجمعة الفائت لا سيما في ريف حماة الشمالي والمناطق الريفية في جنوب إدلب. وأضاف: إن 47 في المئة من النازحين تحركوا صوب مخيمات و29 في المئة منهم يقيمون مع عائلاتهم و14 في المئة استقروا في مخيمات غير رسمية و10 في المئة استأجروا منازل ليعيشوا فيها.

صعوبات إغاثية

وقتل في الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ سبع سنوات ما يربو على نصف مليون شخص واضطر 11 مليونا إلى الفرار من ديارهم. وقالت كريستي ديلافيلد من مؤسسة ميرسي كوربس، إحدى أكبر المؤسسات التي تقوم بإيصال المساعدات في سوريا: إن من الصعب على عمال الإغاثة والمجتمعات المحلية مواكبة النزوح. وأضافت لرويترز «ثمة نقص في القدرة على تخزين المياه في كثير من الأماكن التي نعمل بها ولا يوجد مياه كافية متاحة للمدنيين سوى ليومين أو ثلاثة أيام».
وتابعت قائلة: «تم إغلاق نقاط العبور على طول الخطوط الأمامية بين الحكومة والمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، ونتيجة لذلك زادت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير». وتتهم المعارضة سوريا وحلفاءها بمهاجمة المستشفيات ومراكز الدفاع المدني لإجبار مقاتلي المعارضة على الاستسلام على غرار حملات عسكرية سابقة. وقالت روسيا: إنها تريد طرد كل المتشددين من إدلب وإنها تتجنب المدنيين وتستهدف فحسب الجماعات المتشددة التي تستلهم فكر تنظيم القاعدة.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتابع مجريات الحرب من مقره في بريطانيا: إن مقاتلي المعارضة قصفوا أول أمس الاثنين مطار حماة العسكري ومجمعاً عسكرياً مجاوراً في منطقة خاضعة لسيطرة الحكومة.