لا إجازات في منتصف الأسبوع!

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٢/سبتمبر/٢٠١٨ ٠٤:١٠ ص
لا إجازات في منتصف الأسبوع!

علي بن راشد المطاعني

تحديد الإجازات الدينية اعتمادا على رؤية هلال الشهور الهجرية وفي لحظات متأخرة، أصبح مربكا للعمل بشكل كبير، ومن نتائجها السلبية إلغاء مواعيد مهمة خطط لها مسبقا في العديد من مؤسسات الدولة وجهاتها الحكومية وتعطيل العديد من المصالح المرتبطة بالعباد كالمستشفيات والعمليات والمحاكم والاجتماعات وغيرها من مسالك الحياة التي لا يجب أن تعطلها مناسبات يمكن تأجيلها.

فالدلائل تشير إلى أن الإجازات الدينية تعرف مسبقا سواء وفقا للحسابات الفلكية أو الرؤية الشرعية، وبالتالي يتوقع أن تكون في أيام يمكن تحديدها مسبقا، فعلى سبيل المثال إجازة رأس السنة الهجرية الحالية جاءت في منتصف الأسبوع (الثلاثاء) فكان بالإمكان ترحيلها إلى يوم الخميس أو الأحد، كنوع من المرونة في التعاطي مع إجازات المناسبات كما هو معمول به في الكثير من الدول العربية والإسلامية، فهذا اليوم أي الثلاثاء أحدث إرباكا في الكثير من مناحي الحياة ليس في التعطيل وإنما في توقيته وإعلانه بالمساء الذي يعكس ما هو مخطط له في مثل هذه الإجازات كاستثمارها بشكل أفضل.
فإذا كانت اعتبارات التعطيل في الإجازات الدينية التزاما له دلالاته كما يرى البعض، فعلينا عندئذ أن نضع في الاعتبار أن الإسلام دين عمل، وبالتالي فإن الاحتفاء بهذه المناسبات ليس مرتبطا بالإجازة في حد ذاتها، وتعظيمها وإبراز دلالاتها التاريخية والإسلامية يمكن أن يتم مساء نفس اليوم وبغير أن نضطر لإيقاف دوران عجلة الحياة والإنتاج في كل مرافق الدولة.
البعض يرى أن الإجازة يجب أن تكون متزامنة مع الرؤية الشرعية للهلال أو للحسابات الفلكية ففي ذلك تعظيم لهذه المناسبات وتذكير بدلالاتها، وفي المقابل وبحساب الأرباح والخسائر سنجد بأن النتيجة سالبة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وسنجد متذمرين كثرا نتيجة تعطل مصالحهم الحيوية ما قد ينجم عنه تبعات وخسائر كان من الممكن تلافيها مع الاحتفاظ بجوهر وقدسية المناسبة الدينية.
فإذا كان تعطيل مؤسسات الدولة في المناسبات الدينية كـ (رأس السنة الهجرية والمولد النبوي والإسراء والمعراج) جاء لاعتبارات معينة لها وضعها في بدايات النهضة المباركة‏، فإن إعادة تقييمها للوقوف على مردودها هو أمر يفرضه الواقع الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، لاسيما وأن هناك العديد من الدول لا تمنح إجازات في مثل هذه المناسبات وليس هناك ما يلزم ذلك دينيا لتغدو هذه الإجازات وبهذا النوع فرض عين واجب التنفيذ والإتباع.
إن الاحتفاء والتذكير بها، مرتبط بالعبرة المنبثقة منها ومن دلالاتها الروحية بالنسبة للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، لنجد في المحصلة النهاية أن المعنى أضخم من الإجازة أو توقيتها بمراحل.
بالطبع نتفهم آراء البعض في هذا الشأن ونستمع بنحو جيد لكل المسوغات والمبررات التي تقال في هذا الصدد وإن كانت غير مقنعة، وبالتالي لا ينبغي أن تحدد الإجازة في منتصف الأسبوع على الأقل، ويمكننا ببساطة كأقل الضرر، ترحيلها لتقترن مع العطلة الأسبوعية وبما يحقق مكاسب اجتماعية واقتصادية واضحة للجميع.
نأمل أن يُعاد النظر في تحديد هذه الإجازات وبالنحو الذي يحقق الأهداف المرجوة منها بناء على القاعدة الفقهية القائلة لا ضرر ولا ضرار وهذا ليس بالأمر العسير بل هو يسير إذ عزمنا ثم توكلنا على الله.