نحو تشريع يعاقب التلاعب بالخريطة

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٣/سبتمبر/٢٠١٨ ٠٢:٥٠ ص
نحو تشريع يعاقب التلاعب بالخريطة

علي بن راشد المطاعني

مع تعدد وتكرار حالات الخطأ في خريطة السلطنة سواء بقصد أو بدونه من الأفراد والجهات والشركات وغيرهم، فإنه من الأهمية الإعلان عن منع طباعة أي خريطة أو تصميمها في مطبوعات ما لم تأخذ موافقة مسبقة من الهيئة الوطنية للمساحة باعتبارها الجهة المخولة قانونا بمنح الموافقات على صحة الخرائط الخاصة بالسلطنة، ومن ثم تشريع وسن قوانين وعقوبات رادعة على كل من يخالف ذلك، فهذه الأخطاء الفادحة لم تواجه قبلا بالردع المناسب، فمن الطبيعي وفي أحوال كهذه أن يعم عدم الاكتراث والمبالاة وغياب الدقة والحرص والانتباه وفتح العيون عن آخرها عند طباعة خريطة السلطنة رغم إنها تعد خطا أحمر يجب على الجميع الحرص على عدم تجاوزه. بلاشك أن الأخطاء التي ظهرت في الفترات الفائتة أثارت موجات من الغضب عارمة شملت كافة الأوساط وباعتبارها أغفلت محافظات وجزر معروفة في البلاد، وهذا أمر يعد خطيرا بكل المقاييس وعلى كافة الأصعدة والمستويات، فهذه الأجزاء الغالية من الوطن لا يمكن إسقاطها أو حذفها من الخريطة بجرة قلم أو نتيجة لأخطاء لم تتم مراجعتها قبل الطباعة كما ينبغي، فالأخطاء في خريطة السلطنة ليست من الأخطاء التي نقدر بأنها أخطاء مطبعية عابرة، ذلك لأنها تمس سيادة وتراب الوطن بكل ما يعنيه ذلك من معان شاهقة العلو لا يسع المجال لرصدها في هذا العجالة، لذلك فإن التهاون فيها أو غض الطرف عنها لأي سبب من الأسباب لن يكون هو الخيار القادم بالتأكيد.

لقد تابعنا جميعنا ردود الأفعال العنيفة إزاء الأخطاء السابقة التي حذفت بموجبها محافظة مسندم وجزيرة مصيرة وغيرها من الجزر من الخريطة، وكيف أثارت حفيظة الشعب العُماني من مسندم إلى ظفار، وتابعنا كيف تفاعلت وسائل التواصل الاجتماعي مع الواقعة باعتبارها أمرا لا يمكن السكوت عنه أو تجاهله أو التعامل معه بحنو ومودة، لقد لامس الخطأ سويداء الوطنية في نفوس العُمانيين لذلك نددوا وشجبوا وأدانوا الواقعة واعتبروها صفعة لا تغتفر توجب تنزيل أشد العقاب.

ولا أحد يستطيع بطبيعة الحال أن يلجم صهيل هذا الغضب العارم أو أن يوقف هذا الهدير الصاخب، فالحدث كان أكبر من كل ملكات الاحتمال.
إلا إنه في حالة عدم وجود تشريع يعاقب من يقوم بنشر أو تصميم خريطة غير معتمدة فإنه من الطبيعي أن نرى مثل هذه الأخطاء أو تكرارها، على الرغم من أن هناك تعاميم من الجهات الحكومية باعتماد الخرائط من الهيئة الوطنية للمساحة للجهات الحكومية والخاصة المطابع، إلا أن التجاوزات موجودة نظرا لعدم أدراك أهمية خريطة البلاد، وأنها جزء من السيادة التي لا ينبغي التأويل والاجتهاد أو التساهل فيها، إلا أن الالتزام بكل ذلك على ما يبدو ضعيفا لعدم وجود ردع قانوني حازم يضمن في قانون المطبوعات والنشر أو غيره من القوانين.
فالهيئة الوطنية للمساحة هي الجهة المعتمدة في ترخيص الخرائط في صورتها الورقية أو المخزنة رقميا لكل من يطلبها أو يرغب في استخدامها ونشرها لتفادي العشوائية في استخدام الخرائط لكن يلاحظ أن بعض الشركات تقوم باستخدام الخريطة بدون إذن في مطبوعاتها ومنتجاتها للأسف.
بالطبع ينبغي أن تذيل أي خريطة تنشر بالعبارة الآتية: هذه الخريطة (دققت أو اعتمدت من الهيئة الوطنية للمساحة) لتفادي الخرائط غير المعتمدة والتي تعج بالكثير من الأخطاء، بل خريطة السلطنة يجب أن تكون واحدة وموحدة في كل المطبوعات وبغض النظر عن أهداف طباعتها أو نشرها.
أما عبارة لا يعتد بهذه الخريطة من ناحية الحدود السياسية فهي عبارة عالمية متعارف عليها في علوم الخرائط لنفي استعمالها كسند قانوني، لأنه هنالك خرائط للحدود مودعة بالأمم المتحدة يعتد بها هي فقط لهذا الغرض.

نأمل سن تشريع يعاقب كل من ينشر أو يصمم أو يطبع خريطة السلطنة ما لم تكن مصدقة من الهيئة المختصة وفرض العقوبات ‏على كل من يخالف ذلك بنصوص قانونية تضاف إلى القوانين والتشريعيات المختصة ذلك في اعتقادنا سيكون كافيا لردع كل من تسول له نفسه الاقتراب من هذا الخط الأحمر ناهيك عن تجاوزه.